"العشش والمعابر العشوائية" حقول ألغام على السكة الحديد
توجد داخل الكتل السكنية وتفتقد عوامل الأمان.. والسكان: نفسنا نعيش
"العشش والمعابر العشوائية" حقول ألغام على السكة الحديد
يعانى مرفق السكة الحديد فى العديد من المحافظات من أزمة وجود العشش الخشبية فى حرم السكة الحديد وبالقرب من القضبان وفى محيط المحطات، إضافة إلى وجود المعابر العشوائية على خطوط السكك الحديدية، الأمر الذى يهدد حياة المواطنين، ويعوق عملية تحديث وتطوير البنية التحتية لهذا المرفق الحيوى المهم الذى يتكفل بنقل 350 مليون راكب سنوياً.
هذه المعوقات أصبحت قنابل موقوتة وحقول ألغام يجب نزعها بأقصى سرعة ممكنة من جانب وزارة النقل والجهات المعنية، حتى يتسنى لها المحافظة على حياة المواطنين وحركة القطارات على جميع الخطوط فى الوجهين القبلى والبحرى على حد سواء.
العشش الخشبية تعرض حياة ساكنيها لخطر الموت بفعل انتشار الأمراض الوبائية وتعرض العديد منها للحرائق صيفاً وشتاءً نظراً للعشوائية الشديدة فى تركيب أسلاك الكهرباء، وهو ما أدى إلى تعالى صرخات وصيحات سكانها، لمطالبة المسئولين بتوفير سكن آدمى آمن، يتيح لهم العيش والحياة الكريمة. وتعد المعابر العشوائية خطراً كبيراً على جموع المواطنين، نتيجة افتقادها درجات الأمان والسلامة، ويستخدمها المواطنون باستمرار دون رابط أو ضابط، نظراً لأن غالبيتها موجودة داخل ووسط المناطق السكنية، حتى أصبحت مصدراً لترويع الأهالى نتيجة لكثرة حوادثها.
هيئة السكة الحديد ترى أن التعدى على حرم القضبان وعمل فتحات فى أسوار السكة الحديد من قبَل الأهالى فى العديد من المحافظات يمثل صداعاً مزمناً لها لما يمثله ذلك من خطورة على الأرواح، وتعطيل حركة القطارات، واعتبرت أن زيادة حالات التعدى على حرم السكة الحديد والبناء المخالف فى نطاق القضبان دون تخطيط خلال الفترة الأخيرة أدى إلى نشأة كتل سكنية على جانبى السكة الحديد، وأصبحت القضبان مستباحة والجميع يعبر من أى مكان دون قواعد.
من "عزبة أبوضيف" إلى "عشش أبورجيلة": الهروب من لدغات الثعابين إلى عجلات القطار
الفقر والخوف من التشرد دفعهم للعيش بين الأمراض والأوبئة والحياة غير الآدمية، ومخاطر الالتصاق بشريط السكك الحديدية، وحلمهم الاستجابة لاستغاثاتهم المتكررة بتوفير مساكن آمنة لهم.
عبير حسين، 43 عاماً، تعمل فى تنظيف المنازل، وتسكن فى عشة خشبية على شريط السكة الحديد بالبساتين، قالت إن دخلها المادى ضعيف ولا يسمح لها باستئجار حجرة تعيش فيها حياة آمنة، مشيرة إلى أنها تريد ترك المنطقة، التى تعيش فيها منذ 9 سنوات، بسبب انتشار الأمراض والأوبئة، لكنها لا تستطيع، مضيفة أنها أصيب بالفشل الكلوى، وتأكدت من الفحوصات الطبية، وتابعت: «عشت سنين عذاب هنا ونفسى أمشى».
وأوضحت «عبير» أنها تحاول البحث عن عمل إضافى يمكنها من استئجار حجرة فى منطقة آدمية، لتعيش حياة كريمة، وأضافت: «إحنا هنا عايشين عيشة الكلاب.. والوضع هنا ما يرضيش حد أبداً.. والمرض بينهش أجسام الناس كلها، فالعشش ليس بها مياه صالحة للشرب، ولا كهرباء، بجانب خطر الموت، الذى يحاصر الجميع سواء بلدغات الثعابين والعقارب، أو تحت عجلات القطار، أثناء العبور إلى الجهة الأخرى».
وتابعت: «وقت الأمطار بنغرق والأسقف الخشبية لا تحمينا تنهار فوق رؤوسنا فى أحيان كثيرة، وتقويتها بالخرسانة أو تغطيتها بالمشمع غير مجدٍ»، مؤكدة أنها تعيش هى وشقيقتها ووالدتهما فى عشة خشبية 5 أمتار فى 5 أمتار، وتستغيث بالمسئولين لتوفير سكن آمن لهن.
فى منطقة البساتين تقع «عزبة أبوضيف»، التى أقامها الأهالى على أملاك السكة الحديد، بالقرب من طريق الأوتوستراد، وتعيش فيها نحو 3200 أسرة، لا يفصلها عن قضبان القطار سوى أمطار قليلة، ووصّلوا لها المرافق بشكل بدائى، وتحوّل شريط السكة الحديد بسببها إلى مقلب قمامة.
«كنا نعيش بدون مرافق، حتى بدأنا نسرق وصلات مياه وكهرباء، ويتم تحرير محاضر لنا، لكن لم يكن أمامنا إلا ذلك لنستطيع العيش فى هذه المساكن، لكن عدم وجود صرف صحى أكبر مشكلة نواجهها عشان الخزانات بتتنزح كل أسبوع، وده خلى العزبة كلها أمراض وأوبئة، من فشل كلوى وجدرى وصفرة، غير الأمراض الجلدية التى يصاب بها الكبار والصغار»، هكذا تحدث عبدالحليم حسن، 60 عاماً، من أهالى العزبة، مضيفاً أن «الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ومفيش حلول جذرية، وإحنا عارفين إننا عايشين على أرض السكك الحديدية، لكن إحنا هنا من 19 سنة، وكل شوية الحى يبلغنا إنه تم تخصيص شقق لنا، ولكن لم يتم نقلنا لها، الحياة داخل عشش السكة الحديد صعبة ومقرفة، والموت أهون من عيشة الذل التى نعيشها».
وفى منطقة «جسر السويس» أقام الأهالى «عشش أبورجيلة»، على شريط القطار، وقال عمرو طارق، 45 عاماً، موظف فى إحدى الجهات الحكومية: «إحنا عايشين عيشة سيئة ونتعرض للأمراض الوبائية يومياً، بسبب انتشار القمامة، مكان الرشاح القديم، الذى تم ردمه»، مشيراً إلى أنه لا توجد وحدة صحية قريبة من المنطقة لعلاج الحالات المرضية المفاجئة والحرجة، وأقرب مستشفى فى شارع جسر السويس، كما أن جميع المبانى تقع على شريط قضبان السكك الحديدية وتعتبر خطرة.
وأضاف «طارق» أن جميع أهالى المنطقة يعيشون بدون صرف صحى، والكهرباء والمياه، بـ«نظام الممارسة» ويتم تحرير محاضر، ولا نستطيع دفع الغرامات لأن ظروفنا المادية صعبة، مشيراً إلى أن جميع الأهالى يحفظون مواعيد قطار السويس، الذى يمر من وسط العشش لكن بعض الأطفال يتعرضون للدهس تحت عجلات القطارات وبعض سكان العشش يفقدون أطرافهم جراء الحوادث التى يتعرضون لها.
وطالب «طارق» جميع المسئولين المعنيين بوضع خطة عاجلة لتوفير سكن آمن لأهالى المنطقة وإزالة جميع العشش الخشبية الموجودة على حرم السكة الحديد، للحفاظ على أرواح أهلها وأرواح أولادهم، وحركة سير القطارات.
«كان فيه مطر غزير ونزلت أنا وبنتى نجرى لأننا كنا هنغرق داخل العشة لأن الأسقف الخشبية لا تحمى وتنهار فوق رؤوسنا فى أحيان كثيرة»، بهذه الكلمات بدأت فردوس عبدالظاهر، حديثها، تابعت: «حادث مروع خطف بنتى فى لمح البصر بعد نزولنا من العشة كنت بجرى أنا وبنتى سمر 8 أعوام، بسبب شدة الأمطار، وأثناء عبورنا للجهة الأخرى من السكة الحديد، وقع من ابنتى كيس أكل فأرادت أن تلتقطه، وأثناء التقاطها له فوجئنا بقطار قادم عليها بسرعة وهرسها تحت عجلاته».
واستكملت: «لم أتمكن من إنقاذ ابنتى ولم يكن فى مخيلتى أن يقع هذا الحادث الأليم، وأتمنى أن تقوم الدولة بإزالة جميع التعديات على السكك الحديدية، للحفاظ على أرواح المواطنين».