أمريكا تغازل مصر بـ«10 طائرات أباتشى»
نجحت مصر فى تحريك الموقف الأمريكى المتشدد تجاه ثورة 30 يونيو بالتزامن مع زيارة اللواء محمد فريد التهامى، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية إلى واشنطن، تمثلت فى إعلان وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تسليم مصر 10 طائرات أباتشى ضمن برنامج المساعدات العسكرية، كانت واشنطن أعلنت تعليق تسليمها إلى مصر فى أكتوبر الماضى.
وأصدرت النائبة عن الحزب الجمهورى «جاى جرانجر» رئيس لجنة المخصصات بمجلس النواب الأمريكى، بياناً قالت فيه إن اللجنة وافقت على قرار الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بتسليم مصر 10 مروحيات أباتشى لمكافحة الإرهاب، وأضافت: «مصر تمر بوقت حرج، ويجب دعمها، لمواجهة التحديات الأمنية»، وأشارت إلى أن مصر تواصل عملية الانتقال الديمقراطى، وتسعى من أجل نقل السلطة إلى حكومة ديمقراطية جديدة، وشدد على أن ذلك يستدعى أن تتعاون الولايات المتحدة مع الحكومة المصرية، وتدعم الشعب المصرى.
وتابعت النائبة الأمريكية: «لقد واصلت الدفاع عن حق المصريين فى الحصول على الأدوات اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى، والحفاظ على مصر كبلد آمن، وذلك يشمل منح مصر المعدات العسكرية اللازمة لعمليات مكافحة الإرهاب فى سيناء، وغيرها من الأماكن التى تواجه التحديات الأمنية، التى تشكل تهديداً لمصر والمنطقة». من جهته، قدم وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أمس، شهادته مكتوبة إلى الكونجرس الأمريكى حول التحول الديمقراطى فى مصر، واستبق زيارة نبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى إلى واشنطن المقررة الأسبوع المقبل، ببيان جاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جينفر ساكى، قالت خلاله، إن الوزير جون كيرى أبلغ نظيره المصرى نبيل فهمى فى مكالمة هاتفية، أنه لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يشهد باتخاذ مصر خطوات تدعم الانتقال الديمقراطى، وأضافت أن «كيرى» حث الحكومة المصرية على الالتزام بتعهداتها بالانتقال الديمقراطى بما فى ذلك إجراء انتخابات حرة وعادلة وشفافة مصحوبة بتخفيف القيود على حرية التعبير، والتجمع، والإعلام، وأن «كيرى» أكد خلال الاتصال أن احترام مصر للحقوق العالمية لمواطنيها سيؤدى إلى تأمين البلاد وازدهارها، وأشارت إلى أن شهادة كيرى أمام الكونجرس ستؤكد صيانة مصر للعلاقة الحيوية التى تربطها مع الولايات المتحدة، بما فيها مكافحة التهديدات الخارجية كالإرهاب وانتشار الأسلحة.[FirstQuote]
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن «كيرى» أبلغ الكونجرس «التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وأن مصر لا تزال كما كانت لعقود شريكاً حيوياً ومهماً للولايات المتحدة.
ولم تمض دقائق على بيان الخارجية الأمريكية، حتى أذاعت وكالة رويترز خبراً مقتضباً دون تفصيل بشأن موافقة الولايات المتحدة على تسليم مصر 10 طائرات أباتشى لمكافحة الإرهاب، وأعقبها بيان صادر عن وزارة الدفاع الأمريكى بمحتوى اتصال هاتفى بين وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل ونظيره المصرى الفريق أول صدقى صبحى، وجاء البيان على لسان الأميرال جون كيربى، المتحدث باسم البنتاجون الذى أكد أن هيجل أكد لصبحى أن دفعة الطائرات الجديدة من شأنها أن تدعم العمليات التى تنفذها مصر لمكافحة الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء والتصدى للمتطرفين.
وفى السياق نفسه، جاء القرار الأمريكى بعد حالة من القلق خلال الأيام القليلة الماضية عكستها أوراق بحثية لمراكز الأبحاث الأمريكية بشأن خطورة التقارب العسكرى بين مصر وروسيا، وشروع مصر فى الحصول على صفقة أسلحة روسية، نظراً إلى حاجة مصر إلى المروحيات التى علقتها واشنطن، ومن بين هذه الآراء ورقة بحثية، أصدرها المحلل السياسى الأمريكى ديفيد شينكر، أكد خلالها أن المشير عبدالفتاح السيسى اختار روسيا كوجهة لأول زيارة له إلى دولة غير عربية منذ الإطاحة بمحمد مرسى فى يوليو الماضى، وأنه فى أعقاب ذلك علقت الولايات المتحدة نقل بعض الأنظمة العسكرية إلى مصر، الأمر الذى دفع «السيسى» إلى طلب مساعدة موسكو لتنويع مصادر البلاد من المشتريات العسكرية، ووفقاً لعدة تقارير، وأن «السيسى» وقع على صفقات لشراء أسلحة بقيمة مليارى دولار من روسيا خلال زيارته لموسكو فى فبراير الماضى وفى المرحلة المقبلة، يمكن أن تؤدى مبيعات الأسلحة هذه إلى إضعاف الميزة العسكرية النوعية لإسرائيل، وتصبح عامل إثارة آخر فى العلاقات الأمريكية المصرية.
وأضاف «شينكر»: «منذ عام 1979، أمدت الولايات المتحدة مصر بتمويل بلغت قيمته نحو 70 مليار دولار، ذهب أكثر من نصفه إلى شراء معدات عسكرية أمريكية، وتمثل المساعدة الأمنية الأمريكية، التى بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار سنوياً، 80% من ميزانية المشتريات السنوية للجيش المصرى، إضافة إلى توحيد ترسانة القاهرة من الأسلحة وتعزيز إمكانية التعاون البينى مع الولايات المتحدة، فإن مبيعات الأسلحة تمنح واشنطن درجة محدودة من النفوذ السياسى».
وتابع: للوهلة الأولى، يبدو أن شراء القاهرة للأسلحة الروسية غير ضرورى، وربما محفوفاً بالمخاطر فى ضوء التزامات أمريكا المالية المستمرة تجاه مصر، التى ظلت قائمة منذ اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، لكن القيود التى فرضتها واشنطن عقب الإطاحة بمرسى دعت إلى الحاجة لوجود مورد إضافى، لأن إدارة أوباما علّقت لأجل غير مسمى تسليم 4 طائرات إف 16، و5 نظم صواريخ «هاربون» سفن - سفن، وعشرات من أطقم دبابات «أبرامز إم وإن أيه وان» المقرر أن تجمع فى مصر، والأهم من ذلك علقت تسليم 10 مروحيات «أباتشى» هجومية.[SecondQuote]
وأكد «شينكر»، أنه بالنسبة لمصر، يمثل الحصول على مروحيات إضافية من طراز «أباتشى» أهمية جوهرية فى ظل مواجهة تمرد إسلامى ناشئ فى شبه جزيرة سيناء، وأضاف: «ويبدو أن المروحيات الأمريكية هى نظام القاهرة المفضل فى حملتها لمكافحة الإرهاب فى سيناء، إلا أن توافرها قد يشكل صعوبة وتعمل جداول الصيانة الدورية عادة على تعطيل أكثر من ثلث قوتها الحالية، البالغة 35 مروحية «أباتشى» ومما زاد الأمور تعقيداً أن مصادر فى وزارة الدفاع المصرية ذكرت أن تحذيرات السفر التى أصدرتها وزارة الخارجية وعمليات الإخلاء المتفرقة والمؤقتة للأفراد الأمريكيين «غير الضروريين» من مصر أعاقت الصيانة المستمرة اللازمة التى يقدمها المقاولون الأمريكيون».
ويضيف المحلل الأمريكى، أن التقارير تشير إلى أن المروحيات الهجومية من طراز «روستفيرتول إم أى 35» و/أو طائرات الهليوكوبتر من طراز «إم أى 17» متعددة الأغراض هى جزء من الصفقة، ولدى مصر بالفعل 100 من هذه الطائرات إلى جانب مروحيات «إم أى 8» الأقدم التى تعود للحقبة السوفيتية، التى تشتمل على إمكانيات لنقل القوات والشحنات وأجهزة إشارة واستخبارات، فضلاً عن طائرات هجومية، والأخيرة مجهزة بمدافع من عيار 23 مم وقادرة على حمل قنابل سعة 500 كجم وصواريخ موجهة مضادة للدبابات.
ويتابع: «لا ترغب واشنطن، أو إسرائيل فى إثارة مشكلات حول نقل مروحيات روسية إضافية، حيث إن هناك إجماعاً عريضاً على أن جهود مكافحة الإرهاب فى سيناء التى تضطلع بها مصر قد تستفيد كثيراً من مثل تلك المعدات، لكنّ هناك بنوداً على قائمة المشتريات المعلنة لمصر هى أكثر إثارة للجدل على سبيل المثال، أفادت التقارير أن القاهرة تسعى للحصول على أنظمة دفاع جوى من موسكو، يحتمل أن تشمل صواريخ متطورة من نوع «إس 300» وكذلك طائرات مقاتلة من طراز ميج وأسلحة مضادة للدبابات من نوع كورنيت». وأشار إلى أن واشنطن، وإسرائيل مارستا على مدار عقود ضغوطاً على روسيا لعدم نقلها صواريخ «إس 300» إلى إيران، خشية منها من أن تحول تلك القدرات المتطورة التى ستملكها طهران دون شن ضربة استباقية ضد مرافق الأسلحة النووية الإيرانية، وفى حرب لبنان 2006، استخدم «حزب الله» صواريخ «كورنيت» التى تبرعت بها سوريا بفعالية كبيرة ضد المدرعات العسكرية الإسرائيلية، ومن الواضح أن مصر لا تشكل ذلك النوع من التهديد الذى تمثله كل من إيران و«حزب الله»، فقد أوفت القاهرة بالتزاماتها تجاه معاهدة السلام مع إسرائيل لأكثر من 3 عقود، ولكن حال نقل هذه النظم المتطورة إلى مصر فإنها ستضعف الميزة العسكرية النوعية لإسرائيل وفى ضوء سجل مصر فى انتهاك «قانون الرقابة على صادرات الأسلحة الأمريكية»، فإن فكرة إمكانية إقامة فنيى طائرات «ميج» الروس فى نفس القواعد التى توجد بها طائرات «إف 16 إس» أمريكية الصنع لا تبعث على الثقة.