ثورة غضب نسائية على الفتوى: اغتصاب.. و«كأن شيئاً لم يكن»
«من مات مدافعاً عن أرضه أو عرضه أو ماله فهو شهيد»، قالتها الزوجة العشرينية يمنى، مستنكرة هذه الفتوى، حيث أشارت إلى نظرتها لزوجها إذا تركها فى مثل هذا الوضع ولم يدافع عنها، وتساءلت هل تعود الزوجة لتنام بجوار زوجها بعد اغتصابها وكأن شيئاً لم يكن من ناحية، وماذا سيكون رأيه فى حالة حملها ونظرة المجتمع الشرقى للرجل فى هذه الحالة من ناحية أخرى؟ وتساءلت: «كيف سيرى الرجل ذلك وهو طالما تفاخر برجولته وتحاكى بها ويحاول تأكيد العادات والتقاليد التى توارثها عن آبائه وأجداده، التى عادة ما تحجم من مساحة المراة، ليترك زوجته بهذه السهولة دون الدفاع عنها وإن أودى الأمر بحياته؟».
ووصفت «برهامى» بأنه من دعاة الفاحشة فى المجتمع مثله مثل ما ظهر من أمثاله بعد الثورة، فالآن أصبح الطريق الأقصر للشهرة هو تلك الفتاوى والدعاوى الغريبة، التى تتناولها وسائل الإعلام والصحافة بشكل مكثف، والتى غالباً ما يرجع بعدها هؤلاء لإنكار ما أفتوا به وأعلنوه، وكأنه ليس هناك ما يثبت قولهم. لمياء محمد، 37 عاماً، استنكرت فتوى «برهامى» قائلة: «لو جوزها ما دافعش عنها، يبقى مين اللى هيعمل ده؟»، موضحة أن الأمر ليس له علاقة بالدين فحتى الملحد لن يترك زوجته، فهى شخصياً إذا شعرت بأن زوجها من المحتمل أن يقوم بذلك لن تكمل حياتها معه، فهذا الأمر كفيل بفقد ثقتها فيه وعدم شعورها بالأمان معه وحمايته لها، فإذا لم يكن قادراً على حماية زوجته فهل سيكون قادراً على مسئولية أسرة كاملة وأطفالها؟
وعبرت «لمياء» عن أسفها من أن أغلب الشيوخ فقدوا مصداقيتهم بعد أن أصبحت الفتاوى «لكل من هب ودب» على حد قولها، الأمر الذى جعلها تفقد الثقة حتى بشيوخ الأزهر بعد أن أصبحت الساحة مملوءة بالوجوه التى تتفوه بأحاديث بعيدة كل البعد عن الدين وأصوله. وترى رانيا فودة، ربة منزل، أن «برهامى» الذى من المفترض أن يكون ممثلاً للسلفية لا يؤخذ على كلامه فهو «معاهم معاهم.. عليهم عليهم»، على حد قولها، فكم من مرة أعلن عن آراء تسببت فى إثارة الفتن وهددت وحدة الوطن، فى الوقت الذى يحاول الجميع فيه أن يتكاتف لبناء البلاد من جديد، ليأتى هذه المرة بهدم أساس المجتمع ويجعل الزوجة تفقد الثقة فى زوجها، ويخبرها أنه يمكن أن يتركها للمغتصبين ينتهكونها فقط لينجو بذاته.
ضحكت عزة مصطفى، الزوجة الأربعينية، بعد سماعها الفتوى، ولم تبد اهتماماً كبيراً بها فهذه الفتوى ذكرتها بمشهد فيلم «طير انت»، فهى اعتادت رؤية مثل هذه الأشياء فى السينما والتليفزيون، ولم تتخيل أن يأتى اليوم الذى يتفوه فيه رجال الدين بمثل هذه المهاترات، لتتحول المواقف الخيالية فى السينما إلى واقع يجسده لنا مدعو الدين وممثلوه. ودعت «عزة» الجميع إلى تجاهل مثل هذه الفتاوى، والأفضل تجاهل مثل هؤلاء الشيوخ الذين يحاولون فرض وجودهم على الساحة والظهور على شاشات التليفزيون حتى وإن كان على حساب تشويه الدين وهدم العلاقات الأسرية وأسس المجتمع، التى هى بالأساس محطمة، ليأتى بفتاوى تقضى عليها تماماً، فإذا أباح اليوم أن يترك الزوج زوجته للمغتصبين ربما يبيح الغد الاغتصاب ليتحول المجتمع إلى غابة يفترس فيها البشر بعضهم البعض.