ياسر برهامى يواصل التحدي: «إبراهيم» لم يكن خسيساً عندما عجز عن الدفاع عن «سارة»
قال الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن هناك حملة لتشويه رموز الدعوة السلفية، وإن دفع الصائل على الحرمة واجب بلا نزاع بالقدر الممكن، فسيدنا إبراهيم لم يكن خسيساً عندما عجز عن الدفاع عن «سارة».
وأكد «برهامى» فى حواره، لـ«الوطن»، أن وصف الجيش المصرى بـ«جنود الطاغوت» أمر بعيد عن صحيح الدين، فمن يكفّر الجيش والشرطة يتحمل ذنب قتل 2 مليون مصرى. وأنه ليس قلقاً من حكم ضابط لمصر؛ فالرسول كان قائداً للجيش ورئيساً للدولة.
■ كيف ترى ردود الفعل الغاضبة من الفتاوى الأخيرة التى أصدرتها بخصوص «الزنا» ودفاع الزوج عن زوجته؟
- أرى أن هناك حملة ممنهجة ومتعمدة لتشويه رموز الدعوة السلفية، خصوصاً بعد الفتوى التى نشرها موقع «أنا السلفى» التابع للدعوة السلفية، وأقول لأصحاب هذه الحملة إن مصاير الخلق يقدرها الله عز وجل، وهذه الحملة ستضمحل.
■ لكن نصوص الفتاوى التى أصدرتها كانت واضحة ولا تحتمل اللبس ومثيرة للجدل بالفعل، مثل ما نُسب إليك بأنه «يجوز للزوج عدم الدفاع عن زوجته حال تعرضها للاغتصاب إذا كان هذا الدفاع سيؤدى لقتله».
- قلت إنه «يجب الدفاع عن العِرض حال احتمال الدفع، وهذا الذى دل عليه الحديث الشريف: (من قُتل دون عرضه فهو شهيد)، أما إذا كانت الحالة أنه يُقتل وتُغتصب زوجته فلا يجب عليه الدفع فى هذه الحالة لأن تخفيف إحدى المصيبتين أولى من جمعهما عليه»، وقد أجمع الفقهاء على أنه يجب على الرجل دفع الصائل «المعتدى» على عرضه لأنه لا سبيل إلى إباحته، فيكون هناك إثم لتركه، وقال شـيخ الإسلام ابن تيميَّة إن «دفع الصائل على الحرمة واجب بلا نزاع»، حتى لو أدى إلى قتل الصائل فلا ضمان عليه، وإن قُتل الدافع بسبب ذلك فهو شهيد، لقول النبى: «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُو شَهِيدٌ»، ولما فى ذلك من حقه وحق الله تعالى -وهو منع الفاحشة- ولقول النبى: «انْصُـرْ أَخَاكَ ظَالِماً أو مَظْلُوماً». والشافعية شـرطوا لوجوب الدفاع عن عرضه وعرض غيره ألا يخاف الدافع على نفسه أو عضو من أعضائه.
■ دافعت عن فتواك بقصة سيدنا «إبراهيم وسارة» مع الجبار؟[FirstQuote]
- حديث النبى عن أبى هريرة أنه قال: «لم يكذب إبراهيم النبى، قط إلا ثلاث كذبات: اثنتين منها فى ذات الله، قوله: إِنِّى سَقِيمٌ، وقوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وواحدةً فى شأن سارة، فإنه قد قَدِم أرض جبارٍ ومعه سارة، وكانت أحسن النساء، فقال لها -إبراهيم يقول لزوجته سارة-: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتى يغلبنى عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختى، فإنك أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم فى الأرض مسلماً غيرى وغيرك، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، أتاه فقال له: لقد قدم أرضَك امرأةٌ لا ينبغى لها أن تكون إلا لك، فأرسل إليها، فأُتى بها، فقام إبراهيم، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضةً شديدة، فقال: ادْعُ الله أن يُطْلِق يدى ولا أضرك، ففعلت، فعاد، فقبِضت أشد من القبضة الأولى، فقال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد، فقُبِضت أشد من القبضتين الأولَيَين، فقال: ادعُ الله أن يطلق يدى، فلكِ الله ألا أضرك، ففعلت وأُطْلِقت يده، ودعا الذى جاء بها، فقال له: إنك إنما أتيتنى بشيطان، ولم تأتنى بإنسان، فأخْرِجْها من أرضى وأعطها هاجر، قال: فأقبلت تمشى، فلما رآها إبراهيم انصرف، فقال: مَهْيَمْ؟ قالت: خيراً، كف الله يد الفاجر، فقال أبوهريرة: فتلك أمكم يا بنى ماء السماء».
وقال «ابن حجر»: «واختلف فى السبب الذى حمل إبراهيم على هذه الوصية مع أن ذلك الظالم يريد اغتصابها على نفسها، أختاً كانت أو زوجة. فقيل كان من دين ذلك الملك ألا يتعرض إلا لذوات الأزواج، كذا قيل، ويحتاج إلى تتمة وهو أن إبراهيم أراد دفع أعظم الضـررين بارتكاب أخفهما؛ وذلك أن اغتصاب الملك إياها واقع لا محالة، لكن إن علم أن لها زوجاً فى الحياة حملته الغيرة على قتله وإعدامه أو حبسه وإضراره، بخلاف ما إذا علم أن لها أخاً فإن الغيرة حينئذ تكون من قِبل الأخ خاصة، لا من قبل الملك، فلا يبالى به»، وعلى ذلك فإن سيدنا «إبراهيم» لم يكن خسيساً عندما عجز عن الدفاع عن «سارة»..
■ وماذا عن فتوى الزنا التى قيل إنك أفتيت فيها بعدم جواز قتل الرجل زوجته إذا رآها عارية مع عشيقها؟
- قتل الزوج لزوجته وعشيقها حال التلبس بوقوع الزنا يكون بشرط رؤية الفـَرْج فى الفَرْج، وهو مِن باب دفع الصائل، ولا يُقبَل شرعاً فى الدنيا ادعاؤه «إلا بالشهود أو اعتراف أولياء القتيلين». أما بعد حال التلبس فإقامة الحد إلى الحاكم الشرعى، والافتئات عليه حال وجوده وقيامه بالشرع يستحق صاحبه العقوبة فى الدنيا والآخرة، كما أنه لا يجوز له القتل لمجرد رؤيتهما عاريين ما لم يرَ الفَرْج فى الفَرْج.[SecondQuote]
■ البعض ينتقد اعتمادكم الدائم على فقه المواءمات.. فكيف ترى ذلك؟
- الله يقول فى كتابه الكريم: «والله لا يحب الفساد»، ومراعاة المصالح والمفاسد ليس فيها نزاع بين العلماء، وارتكاب أخف الضررين، ودفع أعظمهما وتحصيل أعظم المصلحتين، فتلك قواعد كلية للشريعة، وهو كلام أهل العلم وليس كلامى أنا، وعلى من يريد أن يتعلم أن يرجع لفقه المصالح والمفاسد، ونحن لم نخالف فيه أحداً.
■ وماذا عن قرار وزارة الأوقاف بضم جميع المساجد والزوايا؟
- «الدعوة» وافقت على قرار وزارة الأوقاف بضم جميع المساجد، بشرط ألا يتوقف عمل «الدعوة» ونشاطها داخل تلك المساجد، والوزارة غير قادرة على توفير كل هذا العدد من الخطباء، واشتراط الوزارة الحصول على تصريح رسمى لأداء الخطب وإعطاء الدروس داخل المساجد أمر يمكن حله.
■ كيف تتابع الخطاب الدينى على قناتى «رابعة العدوية» و«الجزيرة» والهجوم عليكم؟
- نحتاج لقنوات دينية تعبر عن الفهم الصحيح للإسلام دون إفراط أو تفريط، وتمثل الخطاب الدينى الشرعى دون غيره وترد الشبهات، وتلك القنوات قنوات التحريض، وهجوم وجدى غنيم على الدعوة السلفية نقول فيه حسبنا الله ونعم الوكيل، فهناك انحراف فى منهجه، وأقول له استقِم يرحمك الله؛ وكفاك تدليساً وبهتاناً، ومحمد عبدالمقصود وإخوانه خرجوا من البلاد نجاة بأنفسهم من السجن، أو الموت، فروا بأنفسهم وتركوا الشباب يلاقون مصيرهم، ما يثبت تناقض ما يقولونه وما يفعلونه.
■ نأتى إلى القضية الأهم على الساحة السياسية حالياً، وهى الانتخابات الرئاسية.. ما موقف حزب النور والدعوة السلفية منها؟
- سنشارك لدعم استقرار البلاد، وستحشد الدعوة بالمشاركة مع حزب النور للمرشح الذى سيجرى الاتفاق على دعمه بعد أن تتخذ الهيئة العليا فى الحزب قرارها. وأما بالنسبة لموقف الدعوة السلفية من الانتخابات الرئاسية فسيجرى التشاور داخل مجلس شورى الدعوة لتحديد موقفه، والحزب سيجلس مع مرشحى رئاسة الجمهورية قريباً بعد تحديد موعد معهم، وهناك 6 محاور يجرى تقييم المرشح من خلالها، أهمها القضايا المصيرية الحساسة كالموقف من إسرائيل والغرب، والوضع فى سيناء، وسد النهضة، والعلاقات مع الدول العربية ومنطقة الخليج، والإعلام، والوضع الاقتصادى، وإيران وحزب الله.
■ وكيف يقيم شباب الدعوة السلفية المرشحين الوحيدين فى تلك الانتخابات حمدين صباحى وعبدالفتاح السيسى؟
- بعض أبناء الدعوة السلفية لديهم مشكلة مع حمدين صباحى بسبب «المشروع الناصرى» ويرفضون عودة عهد جمال عبدالناصر مرة أخرى، وأبناء الدعوة لن يساندوا هذاالمشروع، وكذلك هناك مشكلة لدى بعض أبناء الدعوة مع عبدالفتاح السيسى، فهم يحملونه مسئولية الدماء التى سالت فى «رابعة العدوية والنهضة» والمحبوسين من أبناء التيار الإسلامى، ويحتاج الأمر إلى موازنات بشأن أكثر المرشحين إيجابية وما سيقدمه وماذا يمكن علاجه من سلبيات فى هذا المرشح أو ذاك، ومن خلال التواصل مع المرشحين سيجرى معرفة ذلك، وبناء عليها سنطرحها لمجلس شورى الدعوة. وحاولنا علاج هذا الأمر فى معسكرات محاربة «الفكر التكفيرى»، فقلنا إن الدعوة السلفية نهت عن القتل واستنكرت ما حدث، وبالنسبة لمن يحمل المشير السيسى الدماء عليه أن يُثبت أنه أصدر أمراً بالقتل العشوائى وتلك التجاوزات بعلمه وتوجيهه، فنحن نقول إنه حدثت تجاوزات من قتل مسلمين عُزَّل ويُحاسَب عليها من فعلها، وطالبنا بفتح تحقيق رسمى وتعويض بـ«الديات الشرعية» لمن قُتل بغير حق.
■ وما المواصفات التى تبحثون عنها فى المرشح الرئاسى الذى سيحظى بدعمكم؟
- نحن نبحث عن شخص يكون فى نفسه متديناً، وألا يحارب الإسلام، ولا يدور فى فلك شرقى أو غربى، وينقذ البلاد مما فيها، ويعالج الأمور السياسية والاقتصادية، وقادر على الوصول لحل مع الجماعات الإسلامية. وهناك 6 أمور سنقيم المرشحين من خلالها؛ منها البرنامج والفريق المعاون والشخصية والمشاكل الحساسة للدولة.
■ وماذا عن فرص دعم «الدعوة» للمشير عبدالفتاح السيسى؟
- لمست فى هذا الرجل حباً لمصر، كما أنه استطاع إدارة المؤسسة العسكرية بنجاح، وكل من تعامل معه يحبونه، فهو شخص وطنى ومتدين، لكن هناك نقطة سنطرحها معه أثناء جلوسنا معه وهى مسألة «الدماء»، وأتوقع حصوله على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين، وفرصته أكبر فى النجاح، وشعبية المشير كبيرة لدى الشعب، ولست قلقاً من حكم ضابط لمصر فالرسول كان قائداً للجيش ورئيساً للدولة.