مينجالون.. سجين أمريكي دفن ضحايا كورونا بجزيرة الموتى: ودعتهم باحترام
نزيل سجن ريكرز السابق لـ"الوطن": كنت أتقاضى 40 دولارا في الأسبوع
السجين الأمريكي السابق مينجالون
عبر بوابة طويلة ذات سلسلة وعلى عبّارة خالية من الركاب دافعو التذاكر، تمر شاحنة مشرحة في مدينة نيويورك، محملة بأجسام موضوعة في الصنوبر، وجهتها هي جزيرة هارت، وهي قطاع غير مأهول من الأراضي قبالة ساحل برونكس في لونج آيلاند ساوند، كما تفصح أنقاض القرن التاسع عشر المتضخمة أمام المقابر الجماعية التي حفرتها الجرافات، وحاملو التوابيت هم الوحيدون المتواجدون فهم نزلاء السجن الذين يتقاضون 50 سنتا في الساعة من أجل المساعدة.
يتم نقل الجثث التي لم تتم المطالبة بها في المرافق التي تديرها مدينة نيويورك عن طريق العبارة إلى حقل في جزيرة هارت كل أسبوع، ولكن مع انتشار فيروس كورونا المستجد، يتغير المشهد في الجزيرة التي أصبح في باطنها أكثر من مليون جثة، مما يجعل جزيرة هارت أكبر مقبرة جماعية في الولايات المتحدة، حيث يتم دفن حوالي 1000 نعش جديد غير معروف هناك كل عام.
من بين حاملي التوابيت، السجين السابق فينسنت مينجالون، والبالغ 47 عاما، إنه كان يصل مع 19 سجينا آخرين إلى السجن على متن عبارة بعد العمل في جزيرة هارت، حيث تتعامل إدارة الإصلاحيات مع المزيد من المدافن بشكل عام، وسط تفشي فيروس كورونا المستجد.
فينسنت مينجالون: كنت أتقاضى 40 دولارا في الأسبوع
"أطلق سراحي من سجن ريكرز، في فبراير الماضي، وعملت لمدة ستة أشهر داخل السجن منهم خمسة في واجب الدفن، حيث كنت أتقاضى 40 دولارا في الأسبوع مقابل العمل ليوم واحد وهو الخميس، دعني أقول أنها من أقل الأعمال أجرا، فنزلاء السجون الذين يعملون في تنظيف السيارات والمخابز، حيث يتقاضون 85 دولارا أسبوعيا"، حسب حديث السجين الأمريكي السابق فينسنت مينجالون، لـ"الوطن".
يقول مينجالون إنه بدأ العمل في الجزيرة من خلال حفر المقابر لكنه انتقل فيما بعد لما يسمى بـ"واجب الشاحنة"، وهو عبارة عن نقش أسماء ضحايا كورونا على الصناديق الخشبية بواسطة قلم ملون وكتابة مواقع الدفن باستخدام جهاز حفر على الخشب.
السجين الأمريكي كان يسلم الصندوق لثلاثة سجناء من زملائه يمررونه إلى ثلاثة آخرين في الحفرة، حيث يقول مينجالون: "الذين قمنا بدفنهم كانوا زملاء في نيويورك، ربما كان أحدهم رجل صنع لي بيتزا في يوم من الأيام أو قدم لنا القهوة في العشاء، أو قام بتنظيف المنازل، لم يكن جميع الموتى بسبب كورونا أشخاصا مشردون أو غرباء أو مخمورين في الشوارع، كنت أتساءل مع زملائي عما فعله هذا الشخص الذي نقوم بدفنه في الحياة ولماذا انتهى به المطاف هنا بمفرده في جزيرة معزولة؟".
"فرقة دفن الموتى"، ذلك الاسم الذي أطلق على عمل مينجالون في الجزيرة، حيث كانت مهتهم عبارة عن تسمية التوابيت باسم وتاريخ الوفاة ووصف أسباب الوفاة، ثم تكديسها فوق بعضها البعض قبل تغطيتها بالطين في الجزيرة.
ويتذكر السجين الأمريكي السابق، إنه ساعد على دفن ما يصل إلى 24 جثة لم تتم المطالبة بها أسبوعيا، برفقة التسعة عشر سجينا آخرين، حيث كان اليوم الأقل في دفن الموتى يصل إلى 11 جثة.
ويختتم مينجالون حديثه لـ"الوطن": "أعمل الآن بائع للزهور كما أعمل بدوام جزئي في مطعم بيتزا، وبالنسبة للموتى فقد فعلنا ذلك بكرامة واحترام، وكنا الوحيدين الموجودين لهؤلاء الناس بعد وفاتهم".