هو أستاذ ألمانى للفلسفة السياسية ولدراسات الشرق الأوسط، عمل بجامعات أمريكية وألمانية مختلفة وحصل على الأستاذية بقسم العلوم السياسية بجامعةبرلين منذ الثمانينات وإلى أن أحيل للتقاعد فى بدايات الألفية الجديدة.
ارتبطت دراسات بيتنر الفلسفية الأهم بثلاثية الدين والدولة والمجتمع، وكان متأثراً بتتلمذه على يد فيلسوف ألمانى شهير هو إيريك فيجلين الذى أنجز للفسلفة الغربية كتابات أساسية عن دور الدين فى المجتمعات الحديثة، وتصالح الدين والعلم، والنزعة العلمانية الإنسانية التى تعترف بوجود الدين وتحول دون توظيف طاقته الهائلة لقمع الحريات أو للخلط بينه وبين السياسة.
كتب بيتنر كثيراً عن مصر، التى أمضى بها سنوات متفرقة ودرس أحوالها بجدية وتعمق. كتب عن العسكر والسياسة منذ ثورة يوليو، عن الاستبداد والفساد وغياب الحرية وحقوق الإنسان، عن الانتخابات الصورية التى عانينا منها إلى أن حدثت ثورة يناير العظيمة، عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية للقلة المسيطرة على مقدرات المصريات والمصريين، عن دور الغرب فى دعم استبداد مبارك لعقود طويلة.
هو أستاذى الذى أشرف على أطروحتى لدكتوراه الفلسفة السياسية ببرلين والذى تعلمت منه الكثير إنسانياً وضميرياً قبل المعرفة العلمية. تعلمت منه قيمة التسامح وقبول الآخر واحترام التعددية، وأن مسارات المجتمعات البشرية نحو التقدم والحرية والحداثة حتماً تتنوع وفقاً لسياقاتها الحضارية والثقافية.
كان مدافعاً، وبصوت مسموع، عن التسامح فى أوروبا وعن ضرورة التزام ألمانيا بدعم الدول النامية وتمكينها علمياً وتكنولوجياً. ولم يتراجع عن مناصرته لحقوق الأقليات العربية والمسلمة، وواجه الهجمة الشرسة التى تعرضت لها بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١.
فريدمان بيتنر، مواليد 1938 وله ابنان وزوجة تعمل فى وزارة التنمية الدولية الألمانية، رحل عن عالمنا فى 4 سبتمبر الجارى وترك وراءه حزناً عظيماً وتقديراً أعظم لحياته وأعماله، وأملاً لن ينقطع فى إنسانية عادلة تستوعبنا جميعاً على تنوعاتنا. رحمه الله.