الجانب المشرق من كورونا.. قل التلوث والعنف وزاد الابتكار والأموال
فيروس كورونا
وتيرة إصابات ووفيات عالية تسجل يوميا حول العالم منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد ديسمبر الماضي، ورغم توغل "كوفيد 19" بقارات العالم ما عدا القارة القطبية الجنوبية بكواليسه الحزينة التي تسببت في وقف الحياة بالعالم؛ إلا أنه له جانب مشرق وفوائد عدة بداية من تراجع معدلات الجريمة فضلا عن قلة نسبة التلوث بكوكب الأرض، وصولا إلى تحقيق بعض الشركات مكاسب مالية عالية، بجانب العادات الصحية التي اكتسبها سكان الأرض وإعطاء المساحة لاكتشاف المواهب والهوايات.
تراجع الجريمة ومستوى العنف
ومن أبرز الفوائد التي سببها "كوفيد 19" هو تراجع مستوى العنف بجانب تأثير ضئيل على جرائك القتل، وذلك وفقا لأحدث تقرير أفاد به مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، مرجحا الأمر إلى أن قيود الإغلاق المفروضة نجحت فى الحد من حركة الاتجار الدولي في مخدر "الهيروين " أكثر من مخدر "الكوكايين " حيث تعتمد تجارة الهيروين الدولية على النقل البري بينما تعتمد تجارة "الكوكايين " على النقل البحري.
وذكر التقرير، أن معدلات جرائم القتل خلال شهر مارس إلى منتصف أبريل الماضي "2020 " ظلت مستقرة أو انخفضت قليلاً في أمريكا الوسطى، معتبرا أنه في البلدان ذات معدلات جرائم القتل المنخفضة فإنه يبدو أن كثافة إجراءات الإغلاق قد حدت بشكل كبير من العنف، فضلا عن ملاحظة انخفاض في عدد حالات جرائم القتل على أساس نوع الجنس في بعض الدول كما ازدادت طلبات الحصول على مساعدات ومشورات أسرية لدى المراكز التي تحمي ضحايا العنف الأسري في عدد من الدول.
كما لفت تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأمريكية إلى أن جائحة كورونا تسببت في شل عمل تجار المخدرات، وخفضت عدد الجرائم الأخرى، مثل القتل والسطو والسرقة، على مستوى العالم، ففي شيكاغو، تراجعت عمليات التوقيف المتعلقة بالمخدرات بنسبة 42%، وعبر أمريكا اللاتينية، انخفضت الجريمة إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وبالنسبة لمصر، سبق وأن قال اللواء عبدالوهاب الراعى، أستاذ إدارة الأزمات بالأكاديميات العسكرية والشرطية، إن ظهور فيروس كورونا سيحد من ارتكاب الجرائم الجنائية، مرجحا خلال حديثه مع "الوطن" أن الأسباب ترجع حظر التجول الذى فرضته الحكومة فى كافة المحافظات، فالعامل البشرى سواء كان جانياً أو مجنياً عليه ممنوع وجوده تماماً فى الشارع بعد الساعة 7 مساء، نظراً لوجود قوات أمنية على الطرق وفى مداخل البلاد، وبالتالى وجود نية لارتكاب أى جريمة حتى وإن كانت مجرد تشاجر بين طرفين ستقل، فضلاً عن أن محترفى ارتكاب الأعمال الإجرامية، خصوصاً تجار المخدرات، يعلمون أنه فى الوقت الحالى الأجهزة الأمنية والمعنية فى حالة استنفار وموجودة ميدانياً فى كافة الشوارع على مدار اليوم، وهو ما يدفعهم إلى التراجع عن ارتكاب أى جريمة.
تراجع التلوث .. كوكب الأرض يتنفس
ومن بين التأثيرات الإيجابية التي سببها "كوفيد 19"، أنه أعطى فرصة للكرة الأرضية لتلقط أنفاسها وتبدأ في التعافي من أثار الأنشطة الصناعية للبشر المدمرة؛ إذ نشرت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، صورا بالقمر الصناعي أظهرت خلو عدد من مدن العالم من التلوث وانخفاضه بشكل عام من هواء الأرض، بالإضافة إلى التئام ثقب الأوزون، وانخفاض معدل الاحتباس الحراري ، نتيجة لانتشار فيروس كورونا والذي أجبر السكان على التزام منازلهم والحد من الأنشطة الصناعية والتجارية، وفقا لموقع "interestingengineering".
ويظهر الانخفاض بشكل ملحوظ في الدول الصناعية المتقدمة أو النامية مثل الصين وأوروبا ، ويوضح الانخفاض مقدار النشاط الصناعي الذي تم إغلاقه مؤخرًا؛ إذ أظهرت بيانات الأقمار الصناعية مثل القمر الصناعي "Sentinel-5P" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية خلال الأسابيع القليلة الماضية انخفاضًا كبيرًا في الغازات الملوثة مثل ثاني أكسيد النيتروجين (NO2).
شركات تحقق أرباحا طائلة
وفي الوقت التي تتعافي فيه الطبيعة وتتراجع معدلات الجريمة، يعيش الاقتصاد العالمي حالة كساد لكن هناك شركات بعينها ارتفعت أسهمها مستفيدة من وباء العام، أبرزها شركة نتفليكس Netflix ، الرائدة في مجال خدمة البث الترفيهي في العالم، والسبب وفقاً لخبراء البورصة، هو "عندما يظل الكثيرون في منازلهم خوفاً من الإصابة بالمرض، ترتفع نسبة مشاهدتهم للأفلام و المسلسلات المعروضة على نتفليكس"، بحسب ما ذكر موقع "دويتشه فيله" الألماني.
وبجانب شركة الترفيه العالمية، استطاعت شركة بيلوتون Peloton لدراجات التدريب المنزلية الشكوى من فيروس كورونا، فبسبب تفادي العديد من محبي الرياضة الذهاب إلى الصالات الرياضية خوفاً من الاصابة بالعدوى، ارتفع الطلب على الدراجات الرياضية المنزلية من شركة بيلوتون بشكل كبير.
ولعل أبرز الشركات التي ارتفعت اسهمها تلك التي تعمل على تطوير لقاح لإنقاذ البشرية من رعب كورونا، بجانب الشركات التي تصنع المستلزمات الطبية خاصة الكمامات التي يتلهف عليها سكان العالم، حاليا؛ لتجني تلك الشركات مكاسب طائلة.
وقد تسبب العزل المنزلي واللجوء للعمل من المنزل، إلى ارتفاع أسهم شركة "زووم لاتصالات الفيديو " Zoom التى توفر خدمة بث الاجتماعات عن بُعد بنسبة 50%.
منع القبلات والإيماءات بالأيدي.. عادات صحية مكتسبة
وبعيدا عن الكوكب والمجتمعات والشركات، تسبب "كوفيد 19" في انتشار بعض العادات الصحية الإيجابية بين البشر، مثل تقليل التجمعات داخل الأسواق وانتعاش سوق البيع عبر الإنترنت واستخدام خدمة "الدليفري"، فضلا عن امتناع البعض عن التحية بالأيدي والقبلات والعناق والاكتفاء بالإيماء بالرأس، وذلك للحد من العدوى، بجانب الاهتمام بالنظافة الشخصية خاصة غسل الأيدي باستمرار.
وبجانب ما سبق ذكره، امتنع العديد عن التجمعات والزحام خاصة بالأماكن المغلقة مما عاد بالنفع على تقليل فرص انتشار الأمراض، في إطار خطة التباعد الاجتماعي، والتي تعد أفضل السبل للحد من انتشار وباء كورونا المستجد.
اكتشاف مواهب وهوايات
ومع اتباع سياسة التباعد الاجتماعي والتي من ضمنها العزل المنزلي، أتاح للكثيرين بعض الهدوء في حياتهم والابتعاد عن الضغط اليومي وإعادة ترتيب أفكارهم، كما أصبح أمام البعض فرصة اكتشاف بعض المواهب؛ إذ يقول الخبراء إن الملل قد يدفع البعض للابتكار، سواء من خلال الطهي أو تصميم الأشياء، بجانب إتاحة الفرصة لتعلم لغة جديدة أو حضور دروس افتراضية في إحدى الجامعات.