بين "توقيت شتوي وصيفي" و"ثانوية سنة وسنتين" و"دستور وانتخابات".. "مصر رايحة جاية كبندول الساعة"
"أمامك خياران لا ثالث لهما".. ليس عنوان لسؤال في ورقة امتحان، أو استفتاء تتحدد فيه النتيحة بـ"نعم" أو"لا"، وإنما هو شعار حكومي مستمر منذ أكثر من ربع قرن، في أداء يعبر عن رؤية المسؤولين للتغيير، الذي دائما المنهج المتفق عليه، فيما يشبه "الأكلشيه" الموجود في أدراج الحكومة، وتطبقه بحذافيره، أو وفقا لكتاب "الوزارة" المقرر على المسؤولين.
قرار حكومة "عصام شرف" بعد ثورة 25 يناير، وتحديدا في 19 أبريل 2011، بإلغاء التوقيت الصيفي، بعد 23 عاما من بدء العمل به في عام 1988، قررت حكومة إبراهيم محلب، اليوم، العودة لتطبيقه مرة أخرى بداية من منتصف مايو الجاري، لنفس الأسباب التي من أجلها قامت حكومة عاطف صدقي في عهد الرئيس الأسبق "مبارك"، وهي توفير في استهلاك الطاقة الكهربائية، ليلعب المسؤولون لعبة الاختيارات ليس من متعدد، وإنما بين قرارين "إقرار التوقيت الصيفي وإلغاءه".[FirstQuote]
في دائرة "يا أبيض يا أسود"، كانت أيضا قرارات تعليمية متخبطة، أولها عودة الصف مرحلة "سنة سادسة" في نظام التعليم الابتدائي وإلغائها، ويبدو أن عام 1988 متعلق بالقرارات الحكومية المحدودة، حينما قرار وزير التعليم الأسبق دكتور فتحي سرور، إلغاء الصف السادس الابتدائي، والاكتفاء بخمس سنوات للتعليم الابتدائي، لعدم إرهاق ميزانية الدولة والأسرة بأعباء كبيرة، إلا أن من خلفه وهو حسين كامل بهاء الدين، عاد لتطبيق الصف السادس الابتدائي، وجاء من بعده وزير التربية والتعليم في عهد "الإخوان" إبراهيم غنيم، ليقترح الإبقاء على الصف السادس الابتدائي كسنة نقل عادية وليست شهادة، ولكن رؤيته لم تدخل حيز التنفيذ، بينما كانت نظام الثانوية العامة، الأكثر جدلا، ففي عام 1988 أيضا، كان نظام الثانوية العامة لمدة سنة واحدة فقط، وفي عام 1994 صدر القانون رقم ٢ لسنة ١٩٩٤م لتصبح الدراسة عامةً في الصف الأول الثانوي لجميع الطلاب وتخصيصها في الصفين الثاني والثالث، كما تقرر في القانون نفسه أن يتم الامتحان للحصول على شهادة الثانوية العامة على مرحلتين: الأولى في نهاية السنة الثانوية الثانية، والأخرى في نهاية الصف الثالث، وهو القرار الذي ظل معمولا به حتى صدر قرار من مجلس الشعب في 2012، بتحويل الثانوية العامة لسنة واحدة.
المنهج نفسه سارت عليه الحكومة، في إلغاء وزارت ثم إقرار عودتها، كما حدث مع وزارة الإعلام، التي تم إلغاؤها لمدة 33 يوما فقط هو عمر حكومة أحمد شفيق، ثم عادت من جديد في حكومة عصام شرف، حتى جاء دستور 2014، ليجسد حالة اختر ما بين خيارين، وهو إلغاء وزارة الإعلام أو البقاء عليها، ولكن التخبط الإداري كان بكل تفاصيله فيما حدث مع وزارة الشباب والرياضة، التي ألغيت في عهد "مبارك"، وتحولت إلى مجلسين، مجلس أعلى للشباب، ومجلس أعلى للرياضة، ثم عادت مرة أخرى بعد الثورة في شكل وزارتين، واحدة للشباب وأخرى للرياضة، ثم مع حكومة إبراهيم محلب، دمجت الوزاراتان في وزارة واحدة.
وفي الشارع السياسي المصري، ظهر خياران لا ثالث لهما أيضا، بعد ثورة 25 يناير، بعد أن طالبت القوى السياسية بعد الثورة بجعل "الدستور" قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقوى أخرى تطالب بالانتخابات أولا وهو ما تحقق وقتها بانتخابات برلمانية ورئاسية قبل الدستور، ولكن الخيار تبدل بعد 30 يونيو، ليكتب الدستور قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
المنهج الحكومي الثابت بين قرارين، يبدل فيهما كيفما يشاء، في محاولة لإحداث التغيير، يشبه "بندول الساعة القديمة"، الذي يدق "رايح جاي".