قبل الحديث عن مسلسل «رجالة البيت» ومستواه الفنى، يجب الإشادة أولاً بموقف بطل المسلسل الممثل «أحمد فهمى»، الذى خرج على جمهوره من خلال صفحته الشخصية على موقع «الفيس بوك» معتذراً لهم عن مستوى المسلسل، وواعداً إياهم بتقديم أعمال أفضل خلال الفترة القادمة. أحمد فهمى دخل تاريخ الدراما ليس من باب كونه واحداً من أفضل الممثلين «الكوميديانات»، ولكن من باب أنه أول ممثل مصرى وعربى يعتذر لجمهوره عن مستوى فنى لعمل يقدمه، والعمل لا يزال يُعرض، فنحن تعودنا على الممثلين الذين يرون أن أعمالهم ناجحة، حتى إن لم يكن يشاهدها غيرهم، والأسوأ أنهم يتهمون أى صاحب رأى سلبى تجاه أعمالهم بالحقد والغيرة و«النفسنة» بمصطلح هذه الأيام!
ونعود للسؤال الذى يفرض نفسه بقوة: لماذا فشل أحمد فهمى وأكرم حسنى فى مسلسلهما الجديد؟! ولماذا لم يحققا على الأقل النجاح نفسه الذى حققاه فى مسلسلهما الأول «ريح المدام»؟ جزء كبير من فشل المسلسل هذا العام لا يتحمله صناع المسلسل وحدهم، لأنهم قدموا من قبل أعمالاً أضعف من «رجالة البيت» وصادفها نجاح كبير، فالمشكلة هذا العام ليس فى ضعف المسلسل بقدر تغير مزاج المتلقى، الذى بات أكثر توتراً وحزناً بسبب محاصرة أخبار فيروس «كورونا» له، وزيادة أعداد الوفيات والإصابات، بالإضافة إلى أوضاع الحظر والجلوس فى المنزل لساعات طويلة، الأمر الذى جعل نسباً كبيرة جداً من المشاهدين يصابون بدرجات متفاوتة من الاكتئاب، وهو ما يجعل مهمة إضحاكهم بشكل مباشر من خلال عمل كوميدى أمراً فى غاية الصعوبة، وهو ما جعل أغلب الأعمال الكوميدية تواجه فشلاً كبيراً هذا العام، باستثناء مسلسل «بـ100 وش» الذى نجح، لأن المسلسل يعتمد على كوميديا الموقف الممزوجة بأحداث تشويقية، وهى الخلطة الجديدة على الدراما المصرية، والذى فشل فى تحقيقها صناع عمل «رجالة البيت» واستسلموا لفكرة أن يلقى «فهمى» و«أكرم» مجموعة من «الإفيهات» الساذجة ليضحك معها المشاهدون، ولِمَ لا وقد نجحت هذه الخلطة معهما من قبل فى مسلسلات «ريح المدام» و«الوصية» و«الواد سيد الشحات»، كل هذه المسلسلات لم تبنَ على أساس وجود عمل درامى، ولكنها عبارة عن مشاهد متتالية تم صناعتها ليظهر فيها الممثلون ليلقوا ما حفظوه من «إفيهات» جديدة، ربما تنجح هذه التركيبة مرة أو اثنتين وقد تطول لثلاث مرات، ولكنها بعد ذلك تتوقف لأن الجمهور قد حفظ كل «إفيهات» الممثل ولن يضحك عليها مجدداً، وهنا تكمن أزمة من يقدمون أعمالاً كوميدية، كيف يحافظون على نجاح أعمالهم ورصيدهم عند المشاهدين، والإجابة تكون فى اعتمادهم على نصوص جيدة، وأفكار جديدة وشخصيات وتركيبات مختلفة، فالكوميديان الذى يحبس نفسه داخل أسوار كوميديا «الإفيه» عمره الفنى يكون قصيراً، والسينما والدراما تشهدان على أسماء كبيرة من الممثلين الكوميديين الذين اختفوا بعد أن حققوا نجاحات كبيرة فى بداية ظهورهم، وبعدها غابواً تماماً عن المشهد.. وهو ما يجب أن يدركه جيداً «فهمى» و«حسنى»، وأن يأخذا قراراً بتوقف تعاونهما مع المؤلف «أيمن وتار»، الذى يتحمل جزءاً كبيراً من فشل المسلسل هذا العام، رغم المحاولات الكبيرة الذى بذلها المخرج أحمد الجندى لإنقاذ العمل عن طريق صناعة مشاهد كوميدية تسخر من أشهر مشاهد بالسينما المصرية، ولكن محاولاته فشلت فى إنقاذ نص مترهل وضعيف البنيان. على أحمد فهمى وأكرم حسنى أن يتعلما الدرس جيداً حتى لا يقعا فى فخ محمد سعد ويتحولا لمجرد ظاهرة ظهرت فجأة، واختفت فجأة، على غرار تجربة «اللمبى» الشهيرة.
لأن إمكانات الثنائى كبيرة جداً، ومن الممكن أن يتحولا لنماذج فى تاريخ صناعة الكوميديا المصرية، بشرط عدم الاستسهال فيما يقدمانه، وعدم الاستسلام لفكرة ضعف الورق أو عدم وجود ورق جيد، لأن الأفضل لهما عدم تقديم شىء يحرق ما صنعاه من نجاح، أفضل من عمل يزيد رصيديهما فى البنك، ويحرق فى الوقت نفسه رصيد نجوميتهما، يجب أن يبذل الثنائى جهداً أكبر فى البحث عن ورق جيد وأفكار يقبلها المشاهد المصرى، ويتفاعل معها. لن أطالبهما بوقف التعاون مع المخرج المتميز أحمد الجندى، لأنه مخرج موهوب، ويضيف لأى عمل يتولى إخراجه، ولكننى أطالبهما بالتوقف عن التعامل مع أيمن وتار، لأنه قد سكنه الغرور، حتى فى ردوده على منتقديه على صفحته الشخصية بالسوشيال ميديا، فالجميع يرى أن المسلسل ضعيف وسيئ، باستثناء «وتار» الذى يعتقد أنها مؤامرة كونية للنيل من نجاحه.. وهو ما يجعلنا نطالبه ونحن مرتاحو الضمير بأن يعتزل الكتابة ويركز فى التمثيل وتقديم البرامج.