فرحوهم بالورد الكروشيه.. "سميرة" تنشر البهجة أمام لجان الثانوية العامة
سميرة، فنانة الورد
بين أصوات أحاديث متوترة وتوقعات بصعوبة "النحو" أم "النصوص" في امتحان اللغة العربية، وحركة أقدام أنهكها القلق، وخوف واضح من ملامح عشرات الوجوه التي اختفى بعضها خلف الكمامات، لأولياء الأمور الذين تكدسوا أمام إحدى لجان الثانوية العامة، جلست في رقعة هادئة على مسافة منهم مستكينة على الحشائش الخضراء، تتابع الجميع بحرص وتحاول تهدئتهم، بينما انهمكت يدها في تشكيل ورود زاهية مرددة "الورد جميل.. جميل الورد".
سميرة أحمد، أو "فنانة الورد" مثلما تحب توصيفها، حجزت مجلسا لها في الساعات الأولى من صباح اليوم، أمام مدرسة الشهيد مصطفى يسري عميره النموذجية للبنات بمصر الجديدة، ولكن ليس لخوض أحد أبنائها امتحانات الثانوية العامة لهذا العام التي تنعقد في أجواء استثنائية، وإنما كونه بابا جديدا للرزق بالنسبة لها، حيث تضطر للعمل بالشارع منذ وفاة زوجها وعدم وجود مصدر للرزق لأسرتها البسيطة ونجلها المريض.
لم تجد السيدة الستينية فرصة للعمل بهذا السن، فقررت تحويل حبها للفن إلى مصدر للرزق فباتت تصنع المجسمات من الجبس والورد من الكوريشيه، لتتجول بهم أمام مدارس والكليات في منطقة مصر الجديدة خلال الدراسة وأيام الامتحانات "أول لما بعرف أن في حاجة بقعد اشتغل طول الليل".
قضت "فنانة الورد" الأيام القليلة الماضية في صناعة ورود من الكوشيه والورق المقوى بمختلف الألوان بين الأحمر والأصفر والفوشيا، لتصنع "بوكيه" مميز للغاية، من أجل بيته بمبلغ بسيط يمكنها من إعانة أسرتها، حيث جلست على الحشائش ووضعتهم بجوارها لتكسر حدة التوتر بين أولياء الأمور الذين تعافتوا على اقتناء البعض منها، استجابة لدعوتها بينهم "فرحوهم بالورد وابسطوهم بيه علشان بقيت الامتحانات تكون سهلة".
بوجه بشوش وابتسامة هادئة، تمنت سميرة أن تحصل على وظيفة محددة لها تريحها من التجول على أقدامها العجوز، أو معاش ثابت لها، حيث وجهت نداء للمسئولين بمساعدتها، قائلة: "أنا مش زعلانة والشغل مش عيب، بس عايزه ارتاح واطمن على ولادي".