أؤكد أن فصائل الإسلام السياسى مجتمعة فى عداوة كاملة مع فصائل الدولة المدنية، ومهما ظهر أحيانا من خلاف ناعم بينهم فى الوسيلة، فهم متفقون فى الهدف، ويختلفون معنا فى الوسيلة والهدف والمنهج والحياة.
ولا تصدق لهم قسماً فى أنهم يُضمرون الشر أحياناً، بعضهم لبعض، فهم إخوة، وأبعدهم أبناء عمومة، ونحن الغرباء الكافرون الزنادقة، شيخهم ابن عبدالوهاب يقول: «الكفر والفكر أمرهما واحد لأن حروفهما واحدة»، وشيخهم ابن تيمية يقول: «من تمنطق فقد تزندق»، ونحن أصحاب منطق وعقل.
لو عدنا إلى الشقاق الذى تم بين السلفيين والإخوان حين اعتلوا الحكم، كان خلافاً رقيقاً ناعماً فى جوهره، خشن الملمس فى مظهره، وليس خلافاً وطنياً، لكنه كان خلافاً على الغنيمة والمكسب، وتوزيع السبايا والعطايا فى حقائب وزارية طالب بها السلفيون، ومنها الأوقاف رداً للجميل، ومال السلفيون قليلاً مع الدولة ضد الإخوان فى صراعهم، انتظاراً لنتائج الصراع ليكونوا بديلاً عن الإخوان فى الحكم، أو يعودوا إلى أحضان الإخوان، وكأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال فى عينيه.
فى ثورة 30 يونيو لم نجد أثراً لهم، وراقبوا المشهد عن بُعد للانقضاض على الفريسة، وتسللوا على استحياء حين انتصر الشعب، ليتصدّروا المشهد، وفى لجنة الخمسين والحوار المجتمعى حول دستور 2014 بديلاً عن دستور 2012 المعطل، الذى شاركوا فيه بخداع القوى المدنية وتمريرهم المادة 219 التى تُجيز تطبيق الحدود، وهذا مطلبهم، وتباهى بذلك أحد رموزهم، أعلنوا أن إلغاءها دونها الرقاب، وسفك الدماء، وفجأة وافق السلفيون على حذف المادة، واعتبروا أن تعريف المحكمة الدستورية العليا لمبادئ الشريعة الإسلامية يكفيهم، وأعلنوا حشد القواعد للموافقة على الدستور، وخرجت القيادات للتصوير وإرسالها إلى دولة خليجية بعينها تمولهم لزيادة الثمن والمعلوم، وظلت القواعد فى بيوتها تتابع مشايخها أثناء التصوير، وتتابع الشعب أثناء الاصطفاف، ومر الدستور بإجماع شعبى، ولم يكن للسلفيين فيه شراكة أو مساهمة وكانت «اللدغة الأولى»، وفى «الثانية» أعلنوا تأييدهم للمشير الذى انعقدت له الإمارة بالغلبة «حسب فتواهم»، واستمر مسلسل التضليل، وظهرت قياداتهم تجوب شوارع المدن تأييداً للمشير، والقواعد تُبطل أصواتها فى اللجان، ومنهم من جلس فى بيته، يراقب المُبطلين منهم والشعب المخدوع فيهم، الذى يقف تحت وهج الشمس، طالباً الأمل فى مستقبل مشرق.
ما الهدف من وراء ذلك..؟ الاستحواذ على ثقة الشعب، للتسلل إلى المجلس النيابى القادم، وطرق أبواب الرئيس، كما طرقوها من قبل، مطالبين بالعطايا وحقائب وزارية بعينها، مكافأة لهم على تأييده.
السيد الرئيس.. ليس للسلفيين فضل عليك، ولم يقدموا ما يستحقون عليه الثمن، فهم مدينون لنا عن عام سحبوا خلاله من أرصدة عقولنا وراحتنا الكثير، نستحق التعويض منهم، لا تفتح لهم أبوابك، فقد خرجوا منها بغير رجعة، ولن نقبل أن يعودوا بأغلالهم على رقابنا وأفكارنا، ليس لأحد فضل عليك سوى الشعب، بسطائه وفقرائه، ومهمشيه، ومثقفيه، نسائه ورجاله كل هؤلاء لن يقفوا على بابك يطلبون ثمناً أو مقابلاً سوى أن نرى عدلك على الجميع.
أيها الشعب العظيم كفاك خداعاً، ولا تُلدغ للمرة الثالثة من الجحر ذاته، فإذا عادوا إلى المجالس النيابية سنُعانى على أيديهم أكثر مما عانيناه من إخوانهم الإخوان الإرهابيين.