دينا عبدالفتاح تكتب :القضاء على الفقر.. مشتركون في التحدي!
دينا عبدالفتاح
عندما اجتمع 100 ألف شخص أو يزيدون فى 17 أكتوبر 1987 فى ساحة تروكاديرو بباريس، التى وقِّع فيها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948، تكريماً لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وطالبوا بمحاربة الفقر الذى يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بهدف ضمان احترام تلك الحقوق.. أعلنت الأمم المتحدة أن 17 أكتوبر من كل عام هو يوم عالمى للقضاء على الفقر بهدف تجديد المطالبة بتعزيز سياسات العدالة الاجتماعية وتحسين دخول الفقراء فى هذا اليوم من كل عام.
وأحيا العالم أمس الموافق 17 أكتوبر 2020 اليوم الدولى لمحاربة الفقر، باعتبار أن الفقر يمثل العنصر الرئيسى والداعم الأول لانتشار العنف والجريمة والتأثير السلبى على مستقبل الشعوب، بل والعالم أجمع.
فى مصر تعمل الدولة، بتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية، على قدم وساق، بهدف تعزيز دخول الفقراء وتحسين نوعية الحياة لدى هذه الفئة التى تمثل هدفاً رئيسياً لسياسات العدالة الاجتماعية فى مصر.
أنجزت الدولة الكثير فى هذا الملف بعد أن ابتكرت آليات جديدة لاستهداف الفقراء؛ من ضمنها برامج «تكافل وكرامة»، وتحسين دخول أصحاب المعاشات، ومساندة الأفراد على خلق فرص عمل تولِّد دخلاً مستداماً مناسباً لهم.. وتطوير الخدمات التعليمية لتعزز من قدرة الخريجين على العمل، خاصة خريجى الجامعات الحكومية التى ما زال التعليم فيها شبه مجانى مقارنة بالتكلفة التى تتحملها الدولة لتوفير خدمة تعليمية مناسبة للطلاب.
يأتى ذلك إلى جانب تطوير الخدمات الصحية المجانية وإطلاق نظام التأمين الصحى الشامل، وبرامج الإسكان الاجتماعى التى تستهدف توفير وحدة سكنية ملائمة لكل مواطن من محدودى الدخل، وقد طرحت الدولة عشرات الآلاف من الوحدات السكنية لمحدودى الدخل خلال الفترة الماضية، وما زلنا ننتظر الإعلان عن المزيد.
هذا الملف يمثل أولوية حقيقية للدولة خلال الفترة الحالية، وأشار الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة إلى اهتمام الدولة بشكل كبير بتحسين الظروف المعيشية لمحدودى الدخل، ولكن لا بد أن يدرك الجميع أن المحدد الرئيسى لقدرة الدولة على الإنجاز فى هذا الملف يرتبط بتحسن دخل الدولة، الذى يرتبط بمستوى العمل والإنتاج والتنمية الاقتصادية التى تشهدها القطاعات المختلفة، وذلك لأنه فى حالة قيام الدولة بالتوسع فى الإنفاق على برامج تحسين المعيشة على حساب الديون حتماً ستتوقف قدرة الدولة على الإنفاق فى مرحلة معينة، وتضطر الدولة لإجراءات تقشفية أكثر قسوة، حتماً ستفقد محدودى الدخل المكاسب التى حصلوا عليها فى فترة التوسع فى الإنفاق.
وبالتالى فجميعنا شركاء فى محاربة الفقر، ليست الدولة وحدها، وإنما كل مواطن سواء كان من مرتفعى أو متوسطى أو محدودى الدخل؛ لأن مستوى الإنجاز فى العمل والإنتاج هو الذى سيحدد قدرة الدولة على تحسين الظروف المعيشية للفئات الفقيرة فى المجتمع.
وهذا الأمر تطالب به القيادة السياسية بصفة مستمرة، بضرورة العمل والإنجاز والتقدم إلى الأمام حتى تستطيع الدولة النهوض بالمهمشين وتحسين مستوياتهم المعيشية إلى أقصى مستوى ممكن.
وأنا أثق بشكل كامل فى قدرة الدولة على النجاح فى هذا الملف، خاصة مع حالة التطور الاقتصادى الكبيرة التى تشهدها مصر فى المرحلة الحالية، التى يمكن استخلاصها من تقارير المؤسسات الدولية، حيث رفع صندوق النقد الدولى من توقعاته لنمو الاقتصاد المصرى من 2% (فى تقديرات سابقة) إلى 3.5% فى هذا العام، وأكد أن الاقتصاد المصرى هو الاقتصاد الناشئ الوحيد فى منطقة الشرق الأوسط الذى سيحقق نمواً إيجابياً رغم الآثار المترتبة على انتشار جائحة كورونا.
وأنجزت الدولة فى مساندة الفقراء ومحدودى الدخل فى مواجهة جائحة كورونا من خلال حزمة من السياسات التى أنفقت عليها المليارات، ولولا تحسن قدرة الدولة على الإنفاق من خلال برنامج الإصلاح الوطنى لما استطاعت الدولة تنفيذ هذه البرامج، وهو ما توضحه المؤشرات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، الذى أشار إلى أن نسبة الأفراد الذين تغيرت حالتهم العملية بسبب تداعيات فيروس كورونا انخفضت من نحو 62% فى بداية الجائحة إلى 54.9% مؤخراً، كما تراجعت نسب الأسر التى تتوقع انخفاض دخلها إلى 31.9%، فيما أبلغ 77.5% من الأسر أن دخلها يكفى احتياجاتها المعيشية.. وما زلنا ننتظر الكثير بإذن الله.