م الآخر| عندي "بريزنتيشن" في الشغل.. أنا مرعوب
قد تكون قدراتك المهنية ممتازة، والمعلومات التي تملكها غاية في الدقة، ولكنك لا تستطيع مواجهة الناس وعرضها، ربما يكون ذلك بسبب الشعور بالخجل، أو بقلة الثقة بالنفس، أو لأنك اعتدت العمل خلف الستار كما يقولون، إلا أن العصر الحديث بكل ما أنتجه من حتمية التواصل مع الناس، جعل من مهارات التواصل ركنًا أساسيًا للحكم على المتقدمين لشغل كثير من الوظائف، ومن ضمن مهارات التواصل تلك مهارات العرض أو بالإنجليزية: Presentation skills.
في كثير من الأحيان لا يقتصر مجال عملك أو دراستك على التعامل مع الأوراق أو البيانات أو المعلومات التي بين يديك وأنت على مكتبك، بل ربما يحتاج الأمر منك أن تٌقدم هذه المعلومات إلى من يعنيهم الأمر، وعادة يكون ذلك من خلال عرض تقوم به.
عند البعض، من هنا تبدأ المشكلة، فالجلوس في صفوف المٌتلقين أمرًا سهلًا وبسيطًا، لكن ما إن تكون في موقف المٌلقي حتى يتحول الأمر عند بعض الناس إلى مشكلة كبيرة؛ فمثلًا يقول لنفسه المعلومات التي سأقولها، وعلى دراية جيدة بالنواحي الفنية في عملي، لكني أخشى ألا أستطيع عرضها بطريقة جيدة، في السطور القادمة بعض النقاط التي تٌساعدك على العرض بشكل جيد، لكن قبل البدء في ذلك عليك أن تعلم أن الطريق الأقصر لكل مهارة تريد اكتسابها هي أن تتعلم، فلا تكتفي بتلك السطور وإنما حاول أن تبحث على الانترنت عن مهارات العرض، سواء من خلال محركات البحث كـ"جوجل"، أو من خلال "يوتيوب" لمشاهدة محاضرات مصورة؛ والآن إليك بعض تلك النقاط:
أولًا: التحضير الجيد للمادة المعروضة هو أولى خطوات النجاح، فبالتحضير الجيد تستطيع القفز على عقبة التوتر، والتحضير الجيد لا يشمل فقط ما يتم عرضه فقط، وإنما يشمل كذلك بعض الموضوعات القريبة التي تتوقع ان يٌناقشك فيها أحد الحضور.
ثانيًا: حاول جذب انتباه الناس منذ البداية بأن تضع خريطة واضحة للعرض الذي ستقدمه، فتستطيع شرح أجندة بسيطة أو بعبارة أخرى المرور على عناوين الموضوعات التي ستتحدث عنها.
ثالثًا: قل لنفسك دائمًا أن الأشخاص الجالسون أمامك هم بشر مثلك، فلا داعي للقلق، وفي الغالب لا توجد خصومة شخصية بينك وبين أحدهم، أو على الأقل ليس هذا هو الطبيعي، أو ما ستواجه دائمًا، كذلك يجب ألا تتأثر بعلامة عدم رضا على وجه أحد الحضور فتفقد تركيزك، ليس فقط لأنك لم تقل كل ما عندك بعد، وإنما كذلك لأنك لا تمتلك تأكيدًا تامًا أن هذا الشخص يقصد ما فهمته أنت من حركته.
رابعًا: تخلص من "تأثير المسمار" هكذا أحب أن أسميه، عندما يواجه بعض الناس الحضور تنتابه حالة من القلق تفرض عليه الوقوف في مكان ثابت، إلى جانب الشعور بالملل فذلك أيضًا يوحي للحضور بأنك غير واثق من نفسك أو من المعلومات التي تقولها.
خامسًا: ركز على مضمون العرض دون أن تسمح لأي فرصة للتشتت أو لضياع الموضوع الأصلي، ولكن قم بذلك بلطف؛ فأنت قبطان السفينة وليس الحضور، لأنك في الغالب ستكون ملتزمًا بوقت محدد.
سادسًا: استخدم عينيك في التواصل مع الناس، دون الإفراط أو التفريط، بمعنى أن تستخدم عينيك لكن دون إطالة النظر في عيني أحد الحضور الأمر الذي قد يزعجه.
سابعًا: لغة الجسد، وما أدراك ما لغة ما الجسد، تقول إحدى الدراسات أن حوالي 55% من التواصل البشري يعتمد على لغة الجسد، و38% على نبرة الصوت، بينما يعتمد على الكلمات نفسها فقط 7%، لغة الجسد تشمل التواصل بالعيون، حركات اليد، حركات الوجه، حركة الجسد، طبقات الصوت، المظهر، إلى غير ذلك من الأمور التي يجب أن تتحكم بها أثناء التواصل مع الناس عمومًا، وأثناء العرض خصوصًا، وفي هذه النقطة تحديدًا عليك أن تكون حذرًا إلى درجة كبيرة، فإن كنت تٌقدم عرضك في دولة غير دولتك عليك أن تطلع على ثقافتهم في ما يتعلق بلغة الجسد إلى حدٍ كبير، فربما تكون حركة ما تقوم بها ايجابية في بلدك وثقافتك، سلبية ومؤذية في ثقافة أخرى، أو ربما تكون غير مفهومة، لذلك كن على دراية بذلك.
ثامنًا: إن كنت تستخدم إحدى برامج العرض الالكتروني فتذكر أنها لا تكفي، ليس لقلة المعلومات بها، ولكن لأنه ليس شرطًا أن يكون كل الحضور مٌلمًا بالنواحي الفنية المتعلقة بتلك المعلومات، لذلك يجب أن تقوم أنت بالتوضيح، فلا تعتمد على قراءة ما هو مكتوب فقط ولكن استخدم مهاراتك في التوضيح والشرح، وكن على ثقة بنفسك.
تاسعًا: بعد الإنتهاء من عرض ما عندك، افتح الباب للنقاش والأسئلة وإبداء الآراء، أو ما يٌسمى بالتغذية المرتدة، ولكن تذكر أن كل ذلك يجب أن يكون متعلقًا بالموضوع وإن خرج أحد الحضور عنه فأصلح ذلك بلطف، كما يجب عليك ان تكون مٌستمعًا جيدًا فكما استمع لك الناس أعطهم هذا الحق في الاستماع إليهم.
عاشرًا: بعد الانتهاء تمامًا قم بتقييم العرض بأكمله، ما قمت به وما قام به الحضور وما قام به زملاؤك إن كان العرض مشترك بينك وبين غيرك، واستخلص دروسًا للاستفادة بها في المرات القادمة.
بشكل عام مهارات التواصل موضوع من الموضوعات الكبيرة والهامة، التي لا يتسع المقام في مقالة واحدة لعرضها جميعًا، إلا أن هذه المقالة مٌجرد إضاءات على أهم النقاط من وجهة نظري، لكنك تحتاج إلى القراءة باستفاضة في الموضوع بعد ذلك.