«الوطن» تكشف فى تحقيق استقصائى:«هرمونات وفيتامينات حيوانية» فى صالات «الجيم» والنتيجة «بطل من ورق»
«للاستخدام البيطرى فقط»، دقق أسامة جلال سليم فى هذه الجملة جيداً قبل أن يفتح علبة الدواء التى اشتراها لتوه من إحدى الصيدليات البيطرية، وما هى إلا ثوانٍ معدودة حتى كان الدواء يسرى فى جسده عبر حقنة غرزها فى ذراعه اليمنى، 9 سنوات تقريباً مرت على هذه الواقعة، كانت تلك هى المرة الأولى التى يحقن فيها الشاب نفسه بأدوية بيطرية، لكنها لم تكن الأخيرة.
لم يكن وزن «أسامة» يزيد على 65 كيلو جراماً، فى حين كان عمره لا يتعدى الـ20 عاماً، عندما قرر الالتحاق بإحدى صالات الجيم، كان يحاول أن يحقق حلماً يراوده منذ طفولته، كان شغوفاً بمشاهدة حكايات بطولية فى أفلام ومسلسلات كارتونية، فهذا رجل آلى ينقذ الجميع دون أن يصيبه مكروه، وذلك بطل من أبطال كرة القدم يسجل الأهداف فى لمح البصر، وتلك مجموعة قتالية تتصدى للشر فينتصر الخير بالنهاية، وعندما كبر قليلاً أصبح متيماً بمشاهدة مباريات المصارعة، فكان يندهش لتلك القوة الخارقة التى يتحلى بها المصارعون فى مواجهة بعضهم البعض، وظل الحلم يراوده طيلة الوقت بأن يصبح بطلاً فى يوم من الأيام.
الحصول على جسم مفتول العضلات كان هو دافع أسامة للالتحاق بإحدى صالات الجيم، ربما يحقق بذلك جزءاً من حلمه القديم، ولكن الأمر كان شاقاً للغاية، والتمرينات صعبة ومتعبة، والاستمرار فيها لم يكن بالأمر الهين أيضاً، كل هذا مقدور عليه إن كان تعبه سيعود عليه بالنفع الذى يتمناه فى وقت قصير، غير أن كل المعطيات من حوله أكدت له أن هذا أمر مستحيل، وأنه لكى يحصل على جسم مثل الذى يتمناه سيحتاج إلى وقت طويل، همسات وتلميحات أخذت تدور حوله هنا وهناك عن حلول سريعة ترضيه، بعضها جاء على لسان المشرف على صالة الجيم، والآخر كان من أحاديثه مع اللاعبين هناك، الحديث عن تلك الحلول كان أشبه بالأسرار الحربية، لم يفهم «أسامة» فى البداية لم لا يتكلم الجميع عن هذا الأمر إلا بعد أن يتلفتوا حولهم فى ريبة للتأكد من أن أحداً غريباً لا يستمع، وعندما قرر استيضاح الأمر أدرك أن تلك الأدوية التى يتحدث عنها الجميع فى صالة الجيم ما هى إلا هرمونات بشرية وأخرى حيوانية سعرها أقل بكثير، يحقن بها الشباب الراغبون فى الحصول على أجسام مفتولة العضلات فى أقل وقت ممكن، فوافق على الفور. داخل إحدى صالات الجيم بمنطقة فيصل وقف المشرف الرياضى يشرح أسباب نصحه للشباب باستخدام الهرمونات لبناء أجسامهم، المدرب الذى رفض ذكر اسمه قال إن له خبرة طويلة تتعدى الـ20 عاماً فى هذا المجال، تلك الخبرة التى يقول إنها جعلت المترددين عليه يثقون فى كل النصائح التى يقدمها لهم، وهو يرى أن استخدام الهرمونات الحيوانية أو البشرية يسهل على الشباب الحصول على الأجسام المفتولة التى يحلمون بها، وأنه يقوم بإعطائهم تلك الهرمونات بنسب معينة لا تسبب لهم أى أضرار صحية، المدرب الرياضى قال إنه حصل على بعض الشهادات الخاصة بتدريب الرياضيين، وعندما طلبنا منه أن يطلعنا عليها قال إنها ليست بحوزته، وإنه تركها فى مكان لا يتذكره، وفى النهاية رفض التصوير قائلاً «أنا ماشى سليم صحيح بس مش عاوز مشاكل».[FirstQuote]
«الهرمونات هى إفرازات باطنية، تفرزها الغدد الصماء، تنتقل مباشرة إلى مجرى الدم دون الاستعانة بقنوات، مهمتها تنظيم النشاطات الداخلية فى الجسم، مثل النمو والتغذية وتخزين المواد الغذائية وعمليات التناسل، فإذا أفرزت الغدد المزيد أو القليل من الهرمونات فإن هذا يحدث خللاً فى الجسم» هكذا يعرفون الهرمونات فى الكتب العلمية.
وافق أسامة على تعاطى هرمونات بشرية وحيوانية من أجل الحصول على الجسد الذى يحلم به، رغم تحذير البعض له، مؤكدين أن لها أضراراً صحية جسيمة، لكنه رفض الاستماع إلى تلك النصائح، يقول «أنا كنت وقتها طالب فى كلية الحقوق وعرض علىَّ أحد أصدقائى إنى أعمل حارس خاص بمقابل مادى مجزى، وأنا كنت محتاج فلوس عشان أكمل دراستى، أقنعت نفسى أن الأضرار اللى بيتكلموا عنها هتصيبنى لكن مع تقدم سنى، ولما اتخرجت من الكلية لم أعمل بالمحاماة، واستمريت فى استخدام تلك الهرمونات طوال 10 سنين، ولم أكن أتصور ولو للحظة واحدة أنها هتقضى علىَّ، وأنا لسه ما كملتش 30 سنة».
الدكتورة هناء مصطفى، عضو المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات، اعتبرت أن صالات الجيم المنتشرة فى مصر، بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الشباب، قائلة «اكتشفت أن معظم الشباب يستخدمون الهرمونات التى تباع فى الصيدليات لغرض علاجى لتضخيم عضلاتهم، أما الكارثة الكبرى فهى استخدامهم للهرمونات الحيوانية التى تُعطى للحيوانات بغرض التسمين، حيث يتم حقن الشاب فى العضلة التى يريد تضخيمها».
أما الكابتن سيد النسر -أحد أبطال مصر وأفريقيا فى كمال الأجسام- فيفسر استخدام الشباب لهذه الهرمونات قائلاً «زجاجات الهرمونات البشرية تحتوى على حوالى 50 مللى جرام، أما الحيوانية فلا تقل عن 400 مللى، إضافة إلى أن الأخيرة سعرها أقل بكثير، لذا يلجأ الشباب إليها اعتقاداً فى أنها ستزيد من حجم عضلاتهم، لكن ما يحدث هو أنها تقوم بتخزين مياه تحت الجلد فيعتقدون خطأ أنها أثبتت كفاءتها».
تأمين حفلة يغنى فيها كل من مصطفى كامل وحمادة هلال هى أولى المهام التى أوكلت لـ«أسامة»، ليذهب هناك بصفته حارساً خاصاً، حينها شعر برغبة شديدة فى استكمال مشوار بناء جسمه كما كان يعتقد، فأخذ يزيد من كميات الهرمونات التى يتناولها، فكان يحقن بعضها فى الأطراف، والأخرى فى العضلات بهدف الحصول على ضخامة الجسم. الدكتور سيد خشبة، رئيس الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات (النادو المصرى)، يوضح مدى خطورة استخدام الهرمونات الحيوانية فى حقن عضلات الشباب، قائلاً «عندما يتم إعطاء الحيوانات تلك الهرمونات، لا تسبب لها أضراراً تذكر، لأنها تتناسب مع حجم أجسادها الضخمة، أما عندما يتم حقن الإنسان بها، تتحول داخل الجسد إلى هرمون تستوستيرون (هرمون الذكورة)، قبل أن تتحول إلى هرمون الأستروجين (هرمون الأنوثة)، أما الجزء المتبقى فيبقى فى الدم ويسبب أضراراً جسيمة منها أمراض الكلى والكبد والأمراض السرطانية».
يعود «أسامة» بذهنه للوراء «كان فيه ناس بتقول لى خد مكملات غذائية، بس أنا كنت عاوز زى أى شاب ألاقى جسمى بقى عامل زى الوحش، فلجأت للهرمونات وجربت كل الأنواع تقريباً، أخدت هرمون الذكورة والكورتيزون والأنسولين وحاجات تانية كتير، وده بالنسبة للهرمونات البشرية، أما الهرمونات الحيوانية ففيه أنواع هرمونات ذكورة وهرمون نمو حيوانى وفيتامينات بيحقنوها للخيول والخرفان والعجول والطيور عشان يسمنوها، دى برضه أخدت منها عشان تزود عضلات جسمى، ما حدش كان بيفيدنى عن الكميات اللى لازم آخدها، لأن كل واحد فى الجيم كان برأى، فكنت بروح أشترى الهرمونات من الصيدلية وأحقنها لنفسى أو أخلى كابتن الجيم يحقنى بيها، وفعلاً جسمى زاد فى أقل من 6 شهور حوالى 30 كيلو جرام، لحد ما أصحابى ما بقوش عارفينى، وسمونى من يومها أسامة هوجان، لأنى كنت بحب المصارع هوجان، وكان نفسى أبقى زيه».
فى مقال نشرته جريدة «الوطن»، مايو 2012، كتب الدكتور خالد منتصر يحذر من تأثير تعاطى التستوستيرون (هرمون الذكورة) فى صالات الجيم، على إصابة الشباب بالعقم، وفى اتصال هاتفى مع «منتصر» الذى يشغل منصب رئيس قسم الجلدية والتناسلية بهيئة قناة السويس، حذر الطبيب من مغبة ترك صالات الجيم دون رقابة حقيقية تمنع استخدام تلك الهرمونات مع الشباب، وقال إنه فوجئ بحالات تتردد عليه للعلاج، وبعد إجراء التحاليل والفحوصات الطبية اكتشف إصابتهم بالعقم بسبب استخدامهم لهرمون التستوستيرون فى صالات الجيم، مشيراً إلى أن أغلبيتهم لا يدركون الأمر إلا عندما يذهبون لعمل فحوصات ما قبل الزواج، ليكتشف الشاب حينها أنه أصبح عقيماً. بزيارة ميدانية لبعض صالات الجيم تأكد لنا أن الحصول على الهرمونات الممنوعة يكون بطريقين، أولهما عن طريق شراء تلك المصرح بها فى الصيدليات لأهداف علاجية، أما الطريق الثانى فعن طريق شراء الهرمونات عبر مواقع إلكترونية كثيرة تقدم عروضاً شرائية هائلة لجذب الشباب.
تواصلنا مع 5 صيدليات بيطرية هاتفياً، وأكدوا جميعاً أن الشباب يقبلون على شراء هرمونات وفيتامينات بيطرية بغرض البناء العضلى، منها هرمونا الذكورة والبناء الحيوانيان، إضافة إلى بعض الفيتامينات الأخرى التى تعطى للدواجن والأبقار والخيول، وأن هذا بسبب انخفاض أسعار تلك الهرمونات عن مثيلتها البشرية، حيث لا يزيد ثمن حقنة هرمون الذكورة الحيوانى على 6 جنيهات، فيما لا يزيد ثمن فيتامين «الإى دى ثرى»، الذى يستخدم فى تسمين الدواجن على 45 جنيهاً للـ100 مللى، أما «الفيتاتسلين» فهو فيتامين يستخدم مع الكلاب والخيول والبقر والجاموس لتقوية العملية الجنسية، ويستخدمه شباب لبناء عضلات، وسعره لا يتجاوز 28 جنيهاً للسنتيمتر.[SecondQuote]
الدكتور مجدى إبراهيم، صاحب إحدى الصيدليات البيطرية، يقول فى مكالمة مسجلة هاتفياً «الشباب بياخدوا هرمونات وفيتامينات الخيول، وبيحقنوا بيها العضلة لأنها بتساعد على تضخيمها»، يواصل الطبيب البيطرى «مش معنى أنه مكتوب على العبوة إنه استخدام بيطرى، إنه مقتصر على الحيوانات فقط، فالحيوان تستخدم معه أدوية فى منتهى النقاء»، وبسؤاله لماذا إذن لا تتم إزالة جملة «للاستخدام البيطرى فقط»، إذا كان باستطاعة الإنسان استخدامه؟، رد قائلاً «لأنه أساساً بيستخدم مع الخيول، وبعدين الشباب لقوا إنه جايب معاهم نتيجة فبقوا يستخدموه»، منهياً حديثه بضرورة أن يتم استخدام الهرمونات الحيوانية تحت إشراف المدرب فى صالات الجيم.
حديث الطبيب الصيدلى استنكره تماماً الدكتور حامد عطية، الطبيب البيطرى وصاحب إحدى الشركات البيطرية، قائلاً «كيف يمكن لعاقل أن يسمح باستخدام هرمونات وفيتامينات حيوانية مع الإنسان»؟!، مضيفاً «الأدوية الحيوانية تكون أقل نقاءً من تلك التى تستخدم مع الإنسان، هذا إضافة إلى أن نسبة تركيز المادة الفعالة تختلف فى النوعين، حيث تتضاعف فى الأدوية الحيوانية بسبب متوسط أوزان الحيوانات التى لا تقل عن 300 كيلو، فيما لا يزيد متوسط وزن الإنسان على 60 كيلو جراماً فقط، واستخدام تلك الهرمونات يحدث خللاً داخل الجسم، مما يؤدى إلى حدوث تغييرات فى صفات الرجولة والأنوثة لدى الإنسان، وهذا يخلق ما يسمى الجيل الثالث، إضافة إلى أنه يؤدى عند تركزه فى الدم إلى العقم والأمراض السرطانية»، وأشار عطية إلى ضرورة مراقبة الأدوية المستوردة من الخارج، التى لا يكتب على بعضها تحذير من الاستخدام البشرى، فيشتريها الشباب بهدف بناء عضلات، هذا بجانب ضرورة توعية الشباب أنفسهم بخطورة هذه الأدوية البيطرية على صحتهم.
الدكتورة مديحة أحمد، مدير التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة، ترى أن الصيدلى ليس مسئولاً عن بيع منتجات طبية مصرح بها من قبل وزارة الصحة، خاصة أن الشباب يذهبون إلى الصيدليات بروشتات لشراء تلك الهرمونات البشرية، وفى أحيان أخرى يقولون للصيدلى إنهم يأخذون الهرمونات بغرض متابعة العلاج، وتضيف «يتم غلق الصيدلية فى حال بيعها لأدوية غير مصرح بها من وزارة الصحة، أما العقوبة القانونية للمخالفين فتكون وفق ما تراه النيابة الإدارية كجهة تحقيق»، وتنهى مديحة كلامها قائلة «الأزمة ليست مسئولية الصيدليات، بل يجب الرقابة على صالات الجيم التى تستخدم تلك الهرمونات، كما يجب على وسائل الإعلام التوعية بخطورة استخدامها من قبل الشباب».
الحديث عن الرقابة الغائبة على صالات الجيم جعلتنا نتوجه إلى الاتحاد المصرى لكمال الأجسام، إحدى الجهات المشرفة على صالات الجيم فى مصر، وجاءنا الرد كالتالى «ليست هناك أى إحصائيات دقيقة بنسبة 100% عن إجمالى عدد صالات الجيم، لكن أعدادها تقترب من ثمانية آلاف صالة على مستوى القاهرة الكبرى فقط بخلاف المحافظات».
يشير سامى بشير، المدير التنفيذى للاتحاد، إلى دراسة ميدانية قام بها الاتحاد عام 2003، شملت 100 صالة جيم، وجاءت النتيجة الصادمة بأن 30% من صالات الجيم التى شملتها العينة ليس بها مدربون مؤهلون، كما أنها تستخدم المنشطات والهرمونات مع اللاعبين المترددين عليها، وأن هذه الدراسة هى التى جعلت الدكتور على الدين هلال وزير الشباب حينها يصدر القرار الوزارى رقم 400 لعام 2004، الخاص بمنح الاتحاد المصرى لكمال الأجسام حق الإشراف الفنى على الصالات الخاصة، ومنح تصريح الصلاحية لها. يتابع بشير «قام الاتحاد بعد ذلك مباشرة بعمل لائحة منظمة لعمل الصالات الخاصة وتسجيلها وحصر أعدادها فى نطاق فنى حقيقى بعد اجتياز المعايير الموضوعة لتسجيل الصالات الخاصة، وكان هناك تعاون تام بيننا وبين وزارة الداخلية ووزارة التنمية المحلية، وبالفعل قمنا بتسجيل 1600 صالة على مستوى الجمهورية، 60% منها فى محافظة القاهرة وحدها». يستطرد بشير «لم نتمكن من استكمال هذا المشوار للعديد من الأسباب، منها عدم قدرة الاتحاد بمفرده على متابعة هذا العدد من الصالات فى كامل أنحاء الجمهورية، واحتياجه لمساعدة بعض الجهات الأخرى للسيطرة على الأدوية المحظور بيعها فى الصيدليات، هذا إضافة إلى انهيار جهاز الشرطة بعد ثورة 25 يناير، والتى كانت تساعدنا فى ضبط صالات الجيم المخالفة، وأخيراً عدم توافر الوعى الكامل لدى الشباب عن مخاطر الهرمونات، لذلك قمنا بإعداد مشروع يتضمن السيطرة على الصالات بمعاونة نقابة المهن الرياضية ووزارة الصحة، ويقوم الاتحاد الآن بالإشراف الفنى فقط على الصالات الخاصة بما يحقق المعايير الموضوعة، ولكن دون رقابة حقيقية وفاعلة على قضية الهرمونات، وطالب الاتحاد بحق الضبطية القضائية وهو الأمر ذاته الذى طالب به «النادو المصرى» ليكون لهم حق التفتيش على صالات الجيم المخالفة».
الأمر ذاته يؤكده المهندس باسل عادل، نائب وزير الشباب والرياضة، الذى يقول إن صالات الجيم غائبة من قانون الرياضة الذى صدر منذ 39 عاماً، قائلاً «وقت صدور القانون لم يكن هناك أى توصيف لصالات الجيم التى انتشرت بشكل كبير الآن»، وأشار عادل إلى أن وزارة الشباب والرياضة ليست الجهة المسئولة عن إصدار تصاريح لصالات الجيم، وإنما تقع مسئولية مراقبتها على عاتق المحليات، مؤكداً أن قانون الرياضة المزمع عرضه على مجلس الشعب المقبل يتضمن كل ما يخص تجريم استخدام المنشطات فى صالات الجيم. بدأ «أسامة» يشعر بآلام لم يكن فى البداية يعى سببها، بدأت بآلام شديدة فى المفاصل ولكن الألم أصبح غير محتمل، سأل بعض زملائه فى العمل وبعض مشرفى صالات الجيم التى يتردد عليها، لكن أحداً لم يعطه إجابة تفسر ما يحدث، فقرر الشاب الذهاب إلى الأطباء لمعرفة أسباب مرضه.[ThirdQuote]
وزارة الصحة أكدت أنه وبرغم وجود قرار وزارى يحمل الرقم 377 لعام 2009، أصدره الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة حينها، وهو قرار لتنظيم الرقابة على النوادى الصحية، فإن هذا القرار يخص النوادى الصحية الموجودة داخل الفنادق والقرى السياحية والأندية الأخرى، أما عن صالات الجيم الخاصة فلم يأت ذكرها فيه من قريب أو بعيد، وهو ما أكد عليه أيضاً الدكتور صابر غنيم، رئيس إدارة العلاج الحر والتراخيص بوزارة الصحة، قائلاً «الرقابة على صالات الجيم الخاصة ليست من مسئوليات وزارة الصحة، ونحن نتمنى أن يتم تحديد جهات بعينها لمراقبة تلك الأماكن حتى ننقذ شبابنا من انتشار الهرمونات الضارة، وردع من تسول لهم أنفسهم إيذاء الشباب تحت شعار بناء عضلات». أما الدكتور فتحى ندا، نقيب المهن الرياضية، فقد أشار إلى القانون رقم 63 لسنة 2010، الذى جاء فيه أن تسجيل الأندية الصحية يتم بقرار من نقابة المهن الرياضية، إلا أنه برغم ذلك يؤكد أن نسبة كبيرة جداً من صالات الجيم غير مسجلة بشكل رسمى، وأن لجنة الأندية الرياضية بالنقابة تعطى اهتماماً كبيراً لهذه المشكلة لخطورتها، قائلاً «مجلس النقابة السابق، الذى استمر 14 عاماً، لم يعر أى اهتمام لهذه المشكلة»، مشيراً إلى أنه أرسل للمحافظين خطاباً أوضح لهم فيه أن نقابة المهن الرياضية هى المسئولة عن تسجيل الأندية الصحية بموجب القانون، وطلب منهم الاهتمام بالأمر نظراً لخطورته وأهميته.
يصف «ندا» أزمة انتشار الهرمونات فى صالات الجيم بأنها أشبه بأزمة الأغذية المغشوشة التى عانت منها مصر فى السنوات الماضية، ويرى أن الظاهرة انتشرت لدرجة تستحق معها وقفة جادة من الدولة، لأنها ستكلف مصر أعباء مادية ضخمة لمواجهة الأمراض التى ستسببها هذه الظاهرة، كما ستعانى الدولة قلة فى الإنتاج، وهذا كله يتطلب أن يتم التعامل مع الأزمة بمنطق الفعل لا رد الفعل.
الأمر المفاجئ هو حديث المهندس عادل القوسى، المستشار الهندسى للمنطقة الغربية بمحافظة القاهرة، الذى قال «من النادر جداً أن يأتى أحدهم طالباً ترخيصاً لافتتاح صالة جيم، أنا أعمل فى هذه المهنة منذ 20 عاماً تقريباً، وفى هذا المنصب منذ 4 سنوات، ولا أتذكر سوى حالة أو حالتين مرتا علىَّ، وطلبتا مثل هذا النوع من الترخيص، وفى هذه الحالة نتأكد من صلاحية المكان هندسياً لهذا النوع من النشاط، ثم نرسل إلى وزارة الشباب والرياضة لتقوم هى بإعطائه تصريح التشغيل»، وأضاف «فيه كتير بيفتحوا صالات الجيم تحت بير السلم، طب دول هنعملهم إيه؟». يعانى «أسامة» الآن من تآكل فى مفصل قدمه اليمنى، ووفق أطبائه المعالجين، فإن هذا نتيجة تعاطيه الهرمونات الحيوانية والبشرية طيلة الـ10 أعوام الماضية، مؤكدين ضرورة إجرائه عملية عاجلة لتغيير المفصل. يدقق الشاب العشرينى النظر فى ظرف كبير يحوى صور الأشعة والتحاليل الخاصة به، قبل أن يسرح قليلاً ثم يقول «لسه فاكر أول مرة أخدت فيها حقنة هرمونات» يتوقف أسامة ليطلق تنهيدة «لو رجع بىَّ الزمن تانى ما كنتش هاعمل كده، بس يا خسارة الزمن ما بيرجعش أبداً».