ها نحن قد عدنا إلى فض الاعتصامات الطلابية بالآلة الأمنية، بدلاً من البحث عن حلول سياسية ممكنة، هى بكل تأكيد فى متناول اليد - حالة جامعة النيل والتنازع بينها وبين مدينة زويل على مبانٍ وأراضٍ كان يسهل إيجاد بدائل لها؛ للاحتفاظ بوجود جامعة بحثية ومدينة علمية تحتاج مصر لكليهما.
ها نحن قد عدنا إلى تشويه صورة العاملات والعاملين ممن يشاركون فى إضرابات واحتجاجات ذات مطالب مشروعة، وتعبر عن حقوق مهدرة باتهامهم بالفئوية وبالعمالة لقوى تخريب وزعزعة استقرار، ومن ثم القبض الأمنى على بعض قياداتهم دون سند من القانون - حالة إضراب عاملى هيئة النقل العام، وإضرابات المعلمين وعمال مترو الأنفاق وغيرهم التى كان بمقدور الحكومة التعاطى معها جميعاً بشىء من الخيال السياسى، فى إطار مفاوضات جماعية مع النقابات العمالية المستقلة وتحديد لخريطة طريق واقعية للاستجابة لمطالب العمال المشروعة، ومن بينها قانون الحريات النقابية.
ها نحن قد عدنا إلى تعذيب لبعض المحتجزين ولبعض المقبوض عليهم فى أقسام الشرطة المصرية، وإلى أجهزة أمنية تريد تمرير قوانين جديدة تقيد حريات المصريات والمصريين السياسية، وتلغى حقوقاً اقتصادية واجتماعية ملتزمة بها مصر بتوقيعها على مواثيق دولية صارت جزءاً من التشريع الداخلى - حالة مقترحات القوانين المطروحة من وزارة الداخلية بشأن التظاهر والاحتجاج والاعتصام والإضراب، وجميعها حقوق لا يمكن المساومة عليها تماماً كالمنع التام للتعذيب والمعاملة المهينة أو المنتقصة من الكرامة الإنسانية لمعتقلين أو محتجزين أو سجناء.
ها نحن قد عدنا لحكومة تغيب عنها إرادة سياسية لاحترام الحريات والحقوق، يغيب عنها الخيال السياسى والاستراتيجى فى تناول أزمات مجتمعية كموجة الاحتجاجات الحالية، يغيب عنها الخطاب المسئول والشفاف الذى اكتسب سريعاً
ذات مضامين ومفردات نظام الاستبداد السابق - حالة رئيس الوزراء ومسئولين آخرين يوزعون الاتهامات على المحتجين والمضربين عوضاً عن تطوير حلول سياسية وتفعيلها.
ها نحن قد عدنا إلى كل هذه الممارسات اللصيقة بنظام الاستبداد السابق وقبضته الحديدية، الفارق الوحيد هو أن العودة تأتى بعد ثورة ديمقراطية عظيمة ومع رئيس منتخب. فهل فى هذا ما يبشر بالديمقراطية الحقة أم ما يشى فقط باختزالها فى صندوق انتخابات يفرغ من الجوهر بالانقلاب على الحريات والحقوق وبالتعامل القمعى؟ أترك لكم الإجابة ولا حول ولا قوة إلا بالله.