مزارعو البطاطس ونقيب الفلاحين لـ«الحكومة»: أنقِذونا من خسائر «وقف التصدير» وانهيار أسعار المحصول
زيادة المساحة المزروعة هذا العام تسببت فى انخفاض أسعار البطاطس
ناشد حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، الحكومة ضرورة اتخاذ قرارات لحل أزمة البطاطس، بعد انهيار أسعارها، ما يهدد المستقبل الزراعى لثالث أهم محصول فى مصر بعد القمح والأرز، وصاحب المركز الثانى فى الصادرات المصرية بعد الموالح.
"أبوصدام": سعر الكيلو وصل لـ70 قرشاً.. وانخفاض كميات التصدير عن العام الماضى بسبب أزمة «كورونا».. ونطالب بمنحة عاجلة للمزارعين
وأوضح «أبوصدام» أن أهم الأسباب التى أدت لتدنى أسعار البطاطس حتى وصل الكيلو لـ70 قرشاً على رأس الغيط بأقل من 50% عن سعر التكلفة هو زيادة المساحة المزروعة هذا العام عن الحاجة المحلية وعقود التصدير، فزادت المساحة المنزرعة من البطاطس فى العروات الثلاث «الشتوى والصيفى والنيلى» عن 400 ألف فدان بمتوسط إنتاجية 11 طناً للفدان الواحد، فيما انخفضت الكميات المصدرة عن العام الماضى بسبب «كورونا».
وشدد «أبوصدام» على ضرورة التوسع فى إنشاء ثلاجات حكومية لتخزين البطاطس حال توافرها، وتطبيق قانون الزراعات التعاقدية لمنع تكرار أزمات ارتفاع وانخفاض الأسعار، وإنشاء صندوق للتكافل الزراعى لتعويض الفلاحين حال تعرضهم لخسائر فادحة وصرف منحة عاجلة كدعم من الدولة لمزارعى البطاطس، والتوسع فى إنشاء مصانع الشيبسى بالقرب من أماكن زراعة البطاطس، والحفاظ على أسواق مصر الخارجية للبطاطس والعمل على فتح أسواق جديدة.
وتكبد مزارعو البطاطس خسائر فادحة هذا العام فى جميع المحافظات، من بينها سوهاج التى تعتبر أكثر المحافظات إقبالاً على زراعة البطاطس، ودخل المزارعون فى دوامة الديون التى تراكمت عليهم بعد أن عمل المزارع وأسرته فى أرضه الزراعية انتظاراً لقطف ثمار المحصول والحصول على ربح جيد، وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن بسبب تدنى الأسعار.
وتشتهر سوهاج بزراعة محصولى البطاطس والبصل، حيث يهتم أبناء المحافظة بزراعتهما، واكتسب المزارعون خبرة كبيرة فى زراعة الصنفين، ونادراً ما يتخلف المزارعون عن زراعة أى من المحصولين خلال العام.
وتعتبر قرية جزيرة «أولاد حمزة» بمركز العسيرات، من أكثر القرى فى سوهاج زراعة لمحصول البطاطس، ويعد المزارعون فى المنطقة من أمهر الزراع بالمحافظة، واكتسبوا خبرة كبيرة فى زراعة المحصول والعناية به، وتعتبر إنتاجية الفدان فى المنطقة هى الأعلى فى المحافظة.
إبراهيم أبوعرفات، أحد المزارعين الكبار فى قرية أولاد حمزة، أكد لـ«الوطن» أن خسائر البطاطس فادحة بعد تدنى الأسعار وعدم وجود تصدير للمحصول للخارج، وأوضح أن الفدان يحتاج 2 طن بطاطس «تقاوى» بقيمة 10 آلاف جنيه، وثمن إيجار الفدان 10 آلاف، ويحتاج أسمدة بـ3 آلاف، كما يحتاج 3 آلاف جنيه قيمة رش مبيدات وحرث الأرض، كما يتكلف الفدان ألفى جنيه قيمة الرى وأجرة العمال، وبذلك تكون التكلفة بلغت 28 ألف جنيه للفدان الواحد. وتابع «أبوعرفات» أن متوسط إنتاجية الفدان 15 طناً وسعر الطن فى الشادر من 500 إلى ألف جنيه، أى إن الفدان يحقق عائداً 15 ألف جنيه بحد أقصى، فى حين تصل التكلفة 28 ألفاً، أى تصل خسارة الفدان لـ13 ألف جنيه، وأكد «أبوعرفات» أن غالبية المزارعين فى منطقته يعملون بأنفسهم فى زراعة البطاطس، كما أن عدداً كبيراً منهم يستعين بأولاده فى عملية الزراعة، إضافة إلى العمال.
ولفت «أبوعرفات» إلى أن سعر البطاطس للمستهلك جنيهان، وأحياناً ينخفض السعر لأقل من ذلك، وأنه يزرع 10 أفدنة وتمكن من بيع كمية من المحصول بسعر 1000 جنيه للطن، والكمية التالية لها بيعت بسعر 750 جنيهاً.
من ناحية أخرى، قال المحاسب أحمد الشربينى، رئيس جمعية منتجى البطاطس، إن خسائر المزارعين هذا العام تصل 5 مليارات جنيه، إذ يباع الكيلو فى الحقل بأقل من جنيه، ما يعنى أن الفدان لا يحقق إلا 10 آلاف جنيه فقط، ويخسر 40 ألفاً، وتتكلف زراعة الفدان الواحد 50 ألفاً و«اللى بيحصل السنة دى خراب بيوت». وتابع «الشربينى»، فى تصريحات صحفية، أن خسائر المزارعين هذا العام تعود إلى إغراق البلاد بتقاوى البطاطس المستوردة، التى بلغت 136 ألف طن، رغم أن حاجتنا للزراعة لا تزيد على 100 ألف طن، ما تسبب فى زيادة المساحة المزروعة بالبطاطس فى موسم العام الحالى عن الحد المطلوب. وأضاف أن مصر تنتج سنوياً 5 ملايين طن بطاطس، تستهلك المصانع منها مليون طن فى إنتاج البطاطس الشيبسى، ونستهلك محلياً 2.5 مليون طن ويتم تصدير مليون طن، بينما يتم استهلاك نصف الطن الباقى فى إنتاج التقاوى.
وأعدت الجمعية العامة للبطاطس مذكرة لإرسالها إلى رئيس الوزراء، جاء فيها: «أُصيب قطاع البطاطس فى مصر والمنتجون هذا العام بنكسة، نظراً لانهيار سعر المحصول بعد زيادة العرض عن الطلب، نتيجة بعض السياسات الخاطئة التى سنعرضها عليكم لاحقاً».
وجاء فى المذكرة: «حقق فدان البطاطس خسارة تتراوح من 30 حتى 40 ألف جنيه، والخسائر التى لحقت بالمزارعين هذا العام قد تؤدى إلى عزوفهم عن زراعة البطاطس الصيفى العام المقبل، واحتمال تكرار أزمة 2018 الشهيرة، عقب انهيار الأسعار عام 2017».
وعن الحلول بيّنت المذكرة ضرورة دراسة إمكانية صرف إعانة لكل مزارع تتراوح بين 5 و10 آلاف جنيه عن كل فدان صيفى مزروع بالبطاطس هذا العام، ودراسة توفير تمويل بقرض حسن دون فوائد أو بفائدة (5%) قدره 30 ألف جنيه، لكل فدان بطاطس العام المقبل، كى يتمكن الفلاحون من الزراعة فى 2021، بعد خسارتهم رأس مالهم بالكامل فى 2020.
أما الحل الدائم، فأوضح «الشربينى» أنه يجب تشكيل اللجنة العليا للبطاطس كما كان معمولاً به سابقاً، من العام 1970 حتى 1994، برئاسة وزير الزراعة، وعضوية وزير التموين والتجارة الخارجية، والرقابة الإدارية، ورئيس لجنة الزراعة فى مجلس النواب، لتحديد كميات البطاطس المطلوبة للاستهلاك المحلى والمصانع والتصدير، وبناء عليه تحديد الكميات المستوردة من تقاوى البطاطس والسعر المناسب لها دون مغالاة، كى يتحقق للمزارع المصرى الدخل المناسب الذى يكفل له حياة كريمة.