كان انعدام الديمقراطية هو العامل المشترك الأهم الذى أفشل مصر وتركيا وإيران أن تكون دولاً صاعدة.
عرفنا الصعود فى مقال سابق حسب المرجع العالمى سمير أمين أنه ليس المعدلات المتزايدة فى الناتج المحلى أو دخل الفرد أو الصادرات وليس المرتبط بالنهج الاشتراكى أو الرأسمالى رغم أهمية هذا لأن اختيار الطبقة الحاكمة يؤثر تأثيراً أساسياً سلبياً أو إيجابياً فى نجاح عملية الصعود وتحديد المستفيد: أقلية ضئيلة أم كبيرة (الطبقة المتوسطة)؟ وهل تعزز التضامن الاجتماعى أم تضعفه؟ وهل يشعر الشعب بتحسن فى نوعية الحياة أم بالإفقار؟ هل تحقق السيادة على الاقتصاد القومى أم لا؟ لأنه بفقد هذه السيادة لن يكون هناك صعود!
فالصين حققت صعودها ليس بجلب الاستثمارات الأجنبية وإنما لسيطرتها على قرارها الاقتصادى والسياسى، وكان انفتاحها وفق ضوابط تمثلت بخلق سوق محلية ثم الدخول تدريجياً فى المنظومة الرأسمالية العالمية ووضع خطة لبناء نظام إنتاجى صناعى، وتقبلت وفقاً لهذه الخطة، الاستثمارات الأجنبية بشرط نقل التكنولوجيا الحديثة إليها، مع خلق آليات للتصحيح والمراقبة لتفادى الآثار المدمرة.
ولقد حرصت الصين أن تظل خارج المنظومة المالية العالمية، فاليوان الصينى لا يخضع لتقلبات السوق المالية العالمية وإنما للقرار الصينى المستقل وهو ما سمح لها بتكوين احتياطى نقدى كبير.
بينما الدول التى خضعت لشروط العولمة فى كل جوانبها وفتحت أبوابها أملاً أن تجلب استثمارات أجنبية تقوم بالتنمية المطلوبة، لم يحدث فيها إلا نهب الموارد الطبيعية!
وينتهى سمير أمين إلى أن حل الأزمة المصرية فى:
(1) ضرورة كسر التبعية الاقتصادية والسياسية التى تربطنا بأمريكا والاستغناء عن معونتها وخلق علاقات بديلة مع دول مثل الصين والهند والبرازيل وكذلك كسر تلك التى تربطنا بنظم الخليج الوكيل المنفذ لاستراتيجيات الولايات المتحدة فى المنطقة التى تفيد إسرائيل. إن البديل لانحباس مصر فى إطار ديكتاتورية ثلاثية (أمريكا، الخليج، إسرائيل) هو تدعيم علاقات تعاون مع الدول البازغة القادرة على المساعدة معنا فى بناء منظومتنا الإنتاجية الوطنية. إن النجاح فى مشروع نهضوى يرتبط بمدى القدرة على صمود المشروع الوطنى المستقل للضغوط والإملاءات الليبرالية.
(2) الحاجة إلى سياسة ثابتة للدولة تستند إلى كتلة اجتماعية مريحة تمنح المشروعية والقدرة على بناء مشروع يتطلع إلى توجيه منظومة الإنتاج نحو الداخل وإخضاع العلاقات مع المنظومة الرأسمالية العالمية لمنطق واحتياجات التقدم الداخلى.
(3) مشاركة الغالبية العظمى من الشعب فى الحصول على ثمار التنمية.
(4) تحقيق السيادة الوطنية على جميع جوانب الحياة الاقتصادية فى الأمن الغذائى والموارد الطبيعية وإجراء إصلاحات تحكم توزيع الدخل وتشكيل الاستهلاك واتخاذ القرارات المستقلة فى مجال الاستثمارات على عكس سياسة رأسمالية المحاسيب (مبارك، الإخوان) التى تخضع للمنظومة العالمية فى الخصخصة وتحرير الأسعار والأجور وتخفيض الإنفاق العام بإلغاء دعم الاستهلاك الشعبى والخدمات الاجتماعية.
(5) اتخاذ وسائل تحد من تحكم المراكز الرأسمالية المسيطرة على الموارد الطبيعية والتطور التكنولوجى والمنظومة المالية العالمية والمعلومات وتحتكر أسلحة الدمار الشامل.
(6) تكريس الديمقراطية بمضمونها الاجتماعى والسياسى كحقوق المواطنة والمساواة واحترام الحريات الخاصة والعامة، وخلق أجواء توافق عام تتيح مشاركة كل القوى الحية فى العملية السياسية.