الدستور الأول للمدينة: حرية الاعتقاد مكفولة حتى لو كانت لـ«ملحد»
يتصدى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية للافتراءات التى يرددها أعداء الدين الحنيف بين الحين والآخر، ولحملات التشكيك المستمرة التى يتعرض لها الإسلام، مشككين فيه، ومنها أنه دين ضد حرية الاعتقاد.
وأعد المجلس سلسلة من الردود بالحجج والأسانيد على تلك الافتراءات على يد نخبة من كبار العلماء، ومنهم رد الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء، الذى أكد أن الإسلام كفل للإنسان حرية الاعتقاد، وجاء ذلك بوضوح تام فى القرآن الكريم {لا إكراه فى الدين}، وقوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
ولفت «عثمان» إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم أقر الحرية الدينية فى أول دستور للمدينة حينما اعترف لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة، وذلك فى وثيقة المدينة، كما أعطى الخليفة الثانى عمر بن الخطاب المسيحيين من سكان القدس الأمان «على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم».
وأوضح الدكتور عثمان فى دراسته تحت عنوان «دحض شبهات المشككين»، أن الإسلام كفل حرية المناقشات الدينية على أساس موضوعى بعيد عن المهاترات أو السخرية من الآخرين، مستشهدا بقوله تعالى فى كتابه الحكيم: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن}.
وأشارت الدراسة إلى أن الاقتناع هو أساس الاعتقاد، فالعقيدة الحقيقية هى التى تقوم على الإقناع واليقين، وليس لمجرد التقليد أو الإرغام، وإلى أن كل فرد حر فى اعتقاده، حتى ولو كان ذا أفكار إلحادية، فلا يستطيع أحد أن يمنعه من ذلك ما دام أنه يحتفظ بهذه الأفكار لنفسه ولا يؤذى بها الناس. وتظهر الدراسة أنه إذا حاول أى فرد نشر أفكار تتناقض مع معتقدات الناس، وتتعارض مع قيمهم، فإنه بذلك يكون قد اعتدى على النظام العام للدولة بإثارة الفتنة، مما يستوجب عقابه، واتهامه بالخيانة العظمى التى تعاقب عليها معظم الدول بالقتل.
وذكرت الدراسة أن قتل المرتد فى الشريعة الإسلامية ليس لأن صاحبها ارتد فقط، ولكن لإثارته الفتنة والبلبلة وتعكير النظام العام فى الدولة الإسلامية، أما إذا ارتد بينه وبين نفسه دون أن ينشر ذلك بين الناس فلا يستطيع أحد أن يتعرض له بسوء، فالله وحده هو المطلع على ما تخفى الصدور.
والجدير بالذكر أن بعض العلماء المحدثين بينوا أن عقاب المرتد ليس فى الدنيا وإنما فى الآخرة، وأن ما حدث من قتل للمرتدين فى الإسلام بناء على بعض الأحاديث النبوية، لم يكن بسبب الردة ولكن بسبب محاربة هؤلاء المرتدين للإسلام والمسلمين.