مجلة علمية بريطانية: لسنا بحاجة لـ«هوس التعقيم والقفازات» لردع كورونا
«نيتشر»: العالم أنفق 4.5 مليار دولار على المطهرات
الكمامة والكحول ترافق البشرية منذ بداية أزمة كورونا العام الماضي
نشرت مجلة «نيتشر» العلمية الأسبوعية البريطانية، مساء أمس، تقريرا تؤكد فيه أنه ليس هناك حاجة إلى استخدام المطهرات للأسطح أو ارتداء القفازات، إذ أن فرضية انتقال فيروس كورونا عبر الأسطح تضاءلت ونادرا جدا ما ينتقل عبرها، معبرة عن دهشتها من استمرار الهوس بالتعقيم والقفازات.
وقالت المجلة في تقريرها إنه عندما ذهب إيمانويل جولدمان عالِم الأحياء الدقيقة في كلية «روتجرز نيو جيرسي» الطبية في نيوارك إلى سوبر ماركت «نيوجيرسي» المحلي في مارس الماضي، لم يخاطر بأي فرصة للإصابة، حيث ظهرت تقارير عن حالات «كوفيد – 19» في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لذلك ارتدى قفازات لتجنب الأسطح الملوثة وارتدى قناعًا لمنعه من استنشاق قطرات صغيرة محملة بالفيروسات من زملائه المتسوقين، رقم أنه لم لكن في ذلك الوقت يُنصح باستخدام القفازات أو الأقنعة.
انتقال فيروس كورونا عبر الأسطح سيطر على عناوين الصحف
وفي نهاية شهر مارس 2020، أظهرت دراسة معملية أن فيروس كورونا يمكن أن يستمر على البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ عدة أيام، وأثار ذلك عناوين الصحف المذهلة وعددا كبيرا من النصائح حول كيفية تطهير كل شيء، من مقابض الأبواب إلى محلات البقالة، على نحو يأتي كما لو كان تأكيدا للتوجيهات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في فبراير بأن الفيروس المسبب لكرونا يمكن أن ينتشر عبر الأسطح الملوثة.
وبحلول شهر مايو 2020، أوصت منظمة الصحة العالمية والوكالات الصحية في جميع أنحاء العالم بأن يقوم الأشخاص في البيئات المجتمعية العادية، كالمنازل والحافلات والكنائس والمدارس والمتاجر، بتنظيف وتطهير الأسطح، خصوصا تلك التي يتم لمسها بشكل متكرر، لتعمل مصانع المطهرات على مدار الساعة لمواكبة الطلب المتزايد على منتجاتها، لكن «جولدمان» قرر إلقاء نظرة فاحصة على الأدلة التي تشير إلى الفرضيات السابقة، ليجد أنه كان هناك القليل لدعم فكرة أن فيروس كورونا ينتقل من شخص إلى آخر عبر الأسطح الملوثة.
وكتب الخبير الأمريكي تعليقا لمجلة «لانسيت» الطبية، قائلا إن الأسطح تمثل خطرا ضئيلا نسبيا لنقل الفيروس، لتتعزز قناعته منذ ذلك الحين ويتخلى عن القفازات.
الأدلة تؤكد مع الوقت أنه ليس من الشائع انتقال الفيروس عبر الأسطح
وقالت «نيتشر» إن العديد توصلوا إلى نتائج مماثلة، حيث أوضحت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إرشاداتها حول الانتقال السطحي في مايو، مشيرة إلى أن هذا الطريق «لا يُعتقد أنها الطريقة الرئيسية لانتشار الفيروس، وليست طريقة شائعة».
ومع تراكم الأدلة على مدار أزمة الوباء، تغير الفهم العلمي للفيروس، إذ تشير جميع الدراسات والتحقيقات حول حالات تفشي المرض إلى أن غالبية عمليات النقل تحدث نتيجة لإخراج الأشخاص المصابين لقطرات كبيرة وجزيئات صغيرة تسمى «الهباء الجوي» عندما يسعلون أو يتحدثون أو يتنفسون، وأضافت أنه يمكن استنشاقها مباشرة من قبل الأشخاص القريبين منهم.
4.5 مليار دولار حجم المبيعات العالمية لمطهرات الأسطح
وأشارت المجلة إلى أن الحكومات والشركات والأفراد يواصلون استثمار كميات هائلة من الوقت والمال في جهود التنظيف بالمعقمات، إذ أنه بحلول نهاية عام 2020، بلغ إجمالي المبيعات العالمية لمطهرات الأسطح 4.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة أكثر من 30٪ عن العام السابق.
وأنفقت هيئة النقل في نيويورك (MTA)، التي تشرف على مترو الأنفاق والحافلات وخسرت مليارات الدولارات من عائدات الركاب في عام 2020، 484 مليون دولار العام الماضي في استجابتها لكورونا، بما في ذلك تحسين التنظيف والتعقيم، وفقًا لمتحدث رسمي.
السبب يعود إلى أن المتخصصين لا يستطيعون استبعاد إمكانية انتقال الفيروس عبر الأسطح
وقالت «نيتشر» إن جزءً من المشكلة هو أن المتخصصين لا يستطيعون استبعاد إمكانية انتقال الفيروس عبر الأسطح، والإرشادات من العديد من الوكالات الصحية حول كيفية التعامل مع الأسطح كانت غير واضحة مع تغير العلم، كما تم اتباع نفس التعليمات التي تم استخدامها في مواجهة فيروس «سارس» من قبل.
ويقول الخبراء إنه من المنطقي التوصية بغسل اليدين، لكن بعض الباحثين يقاومون التركيز على الأسطح، ففي ديسمبر الماضي شاركت المهندسة لينسي مار من Virginia Tech in Blacksburg في كتابة مقال رأي لصحيفة «واشنطن بوست» تطلب من الناس التخفيف من جهود التنظيف.
وقالت «مار»، التي تدرس انتقال الأمراض المنقولة بالهواء: «أصبح من الواضح أن انتقال العدوى عن طريق استنشاق الهباء الجوي - القطرات المجهرية - هو وسيلة انتقال مهمة، إن لم تكن سائدة».
وأضافت أن الاهتمام المفرط بجعل الأسطح نقية يستغرق وقتًا وموارد محدودة من الأفضل إنفاقها على التهوية أو مواجهة التلوث الهوائي.