«شبانة» شارك في انتشال عشرات الغرقى من الأعماق: «بنسمع دعوة حلوة»
محمد شبانة غطاس وهب نفسه للبحث عن الجثث الغرقى
تسع سنوات قضاها «محمد شبانة»، الذي يعمل في مجال الغوص، برفقة مجموعة مبادرة «غواصين الخير»، شارك خلالها في انتشال عشرات الجثث من أعماق البحار والأنهار، بمجهود ذاتي وتبرعات العاملين في مجال الغوص بالاإمكانيات المادية والبشرية، لا يبغون سوى وجه الله، ودعوة من أهل الفقيد، عند العثور عليه بعد أيام من البحث.
تحدث «شبانة»، وهو أحد المساهمين في مبادرة «غواصين الخير»، ومسئول مجموعة الغواصين عن البحر الأحمر ومحافظات الصعيد، لـ«الوطن» قائلاً إنه وهب نفسه هو ومجموعة الغواصين للبحث عن جثث الغرقى في الأعماق، مشيراً إلى أنه بدأ تطوعه منذ 9 سنوات، وساعد في انتشال عشرات الجثث من جميع محافظات مصر، من الصعيد والقاهرة والشرقية ودمياط، بإمكانيات بسيطة على نففتهم الخاصة، وتبرعات من العاملين في مجال الغطس، بالأدوات وتانكات الأكسجين، مؤكداً أن ذلك كله لوجه الله، حيث يكفيهم دعوة من أهل الفقيد، ويعتبرون ذلك العمل زكاة على صحتهم.
وأضاف قائلاً: «بنسافر بلاد بعيدة، وبنروح لناس احنا منعرفهاش، بس مجرد إننا بنسمع إن في حالة غريق ولم يتم العثور على جثته، بنتواصل مع بعض، ونجهز العدة، وبنتوكل على الله، وبنقعد أيام تحت المياه ندور على جثة الغريق في الظلام الحالك أحياناً، وفي عز البرد أحياناً، بنشوف فيها الموت أحياناً».
وأكد أن «الحافز اللى بيخلينا ننزل ندور على غريق، هو مواساة الأب والأم المكلومين، احنا بنسمع زغاريد من أهل الغريق لما جثمانه بيطلع، في الوقت ده بنسمع دعوة مفيش أجمل منها، بنبقى مرتاحين إننا جبرنا بخاطرهم»، وأضاف: «أنا مش عاوز غير دعوة حلوة من أهل المتوفي، ومعاها بأنسى الدنيا».
وأشار «شبانة» إلى الصعوبات التي يواجهها هو ومجموعة «غواصين الخير»، أثناء البحث عن الجثث في أعماق المياه المظلمة في بعض الأحيان، وفي مياه النهر العميقة في أحيان أخرى، وبين الصخور في أعماق البحر، وتزداد الصعوبة بعد مرور الأيام على الغرق، حيث يجرفها التيار لمسافات بعيدة، مما يزيد من صعوبة العثور عليها.
ولفت إلى أنه أثناء البحث عن جثة لشاب غرق في نهر النيل بمدينة نجع حمادي، في محافظة قنا، ظلوا 5 أيام من البحث المتواصل، حتى وجودها على بعد 5 كيلومترات من مكان الغرق، حيث جرفها التيار لكل هذه المسافة، واستطرد قائلاً: «أثناء مشاركتي في البحث مع مجموعة الكابتن إيهاب سعد المالحي، عن جثة لشاب غرق في ترعة بالجيزة، كان عمره 23 سنة، غرق في ترعة أبو غالب بالجيزة، ظل 42 يوماً تحت الماء، وكانت المشكلة في شده التيار، حتى تم العثور عليه».
وعن الموقف الذي لا ينساه ويشعره بالحزن، فأشار إلى حالة شاب عمره 22 سنة، من قرية «الزوامل»، التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية، والذي غرق قبل حوالي شهر في ترعة الإسماعيلية، حيث وقع حادث لسيارة كانت تحمل جهاز عروسة أعلى كوبري القرية، وانقلبت بمن عليها في الترعة، وتحول العرس إلى مأتم، واستمرت عملية البحث عن جثته 21 يوماً، حتى تم العثور عليها.
ومن جانبه، كشف الخبير البحري حسن الطيب، رئيس جمعية الإنقاذ البحري السابق، عن أن مجموعة «غواصين الخير» ينتشرون في جميع المحافظات، لافتاً إلى أن عدد المتطوعين في المبادرة يصل إلى نحو 7 آلاف غواص، في 14 دولة عربية.
ولفت إلى أن 90% من حالات الغرق تظهر فوق سطح الماء، فالغريق غالباً يتواجد 3 أيام تحت المياه، ولكن وجود الصخور يساعد فى تأخر ظهور الغريق، نتيجة تعلق جثته بين الصخور، وفي حالة الغرق في منطقة ليس بها صخور، فإن الغريق يظهر على سطح المياه عندما يكون البحر مرتفعاً.
وأوضح أن الإنقاذ فى مياه النيل يختلف عن مياه البحر، فمياه النيل مظلمة والرؤية معدومة، والمياه جارية، لذلك الغريق لا يتعلق بصخور، وفى الغالب الغريق يطفو على سطح الماء، ولكنه يكون فى مكان آخر بعيداً، لأنه يتحرك مع التيار، وذلك عكس مياه البحر، 50% يظهر على السطح، و50 % يكون بين الصخور، البحر يكون أسهل عندما تكون المياه كاشفة، لكن عندما تكون غامقة، يكون البحر أكثر صعوبة من البحث في نهر النيل.