العطش يضرب التجمعات البدوية والأراضي الزراعية في جنوب سيناء
يعاني أهالي جنوب سيناء منذ أمد من مشكلة ندرة مياه الشرب والري على حد سواء، ورغم تعاقب الحكومات عبر سنوات إلا أنها لم تنجح في الاستجابة لنداءات أهالي المحافظة بحل الأزمة، الأمر الذي يهدد ببوار آلاف الأفدنة الزراعية وزيادة معاناة السكان للحصول على احتياجاتهم اليومية من المياه، علاوة على اجتياح ظاهرة السيول للمحافظة، أحد أهم الظواهر الطبيعية التي تعد موردا طبيعيا للمياه العذبة وسببا رئيسيا للتدمير في الوقت ذاته، فعندما تجتاح السيول منطقة ما فإنها تعتبر أحد أسباب الكوارث الطبيعية والبيئية غير أنها تكون مصدر رزق كبير في الأماكن الصحراوية، بسبب هطول الأمطار التي توفر كميات كبيرة من المياه العذبة يمكن الاستفادة بها إلا أن الأضرار الناجمة عنها قد تكون في السرعة الهائلة للأمطار التي تعطيها القوة التدميرية لتكتسح في طريقها كل ما يعترضها من الأخضر واليابس ما يؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات والبنية الأساسية، فإذا استطعنا التحكم في هذه المياه والسيطرة على طاقتها فإنها تشكل مصدرًا من مصادر النماء والخير للبلاد والعباد.
و كما يقول حميد مرضي، من قبيلة «أولاد سعيد» بمحافظة جنوب سيناء، صاحب إحدى المزارع: على الرغم من أن ظاهرة السيول تحكمها مجموعة من العوامل الطبيعية التي لا يستطيع الإنسان التدخل فيها، إلا أنه يمكنه أن يحولها من النقمة إلى النعمة عن طريق دراسة مصادر القوة والضعف والتدخل في الوقت المناسب بالطريقة الصحيحة لتلافي السلبيات وتعظيم الإيجابيات لهذه السيول ويضيف: "مشكلة المياه من أكبر المشكلات التي تواجه المزارعين في المحافظة لندرتها فضلًا عن أن ري المزارع عن طريق رفع مياه الآبار بالمضخات الكهربائية تمثل مشكلة بسبب عدم موافقة الكهرباء على تقنين أوضاعهم للحصول على الخدمة"، وأكد على أن استمرار المشكلة يؤدي لبوار الأرض الزراعية ومياه الأمطار والسيول هي المنقذ الوحيد لهم، وأضاف حميد أن هناك 21 ألف فدان على مستوى مدن جنوب سيناء، تروى عن طريق الآبار وهو ما أقره المهندس عاطف حامد، وكيل وزارة الزراعة بجنوب سيناء في تصريحاته.[FirstQuote]
مدينة أبورديس، بدأت خطوات فعلية للاستفادة من مياه السيول عن طريق عمل بحيرة صناعية تستوعب مياه السيول القادمة من وادي «بعبع» الذي يعد من أكثر الوديان بالمدينة الذي تتجمع فيه الأمطار، ما يؤدي إلى إدخال المياه إلى المدينة لاستثمارها في نواح عدة ومنها الزراعة، حسبما صرح المهندس عبد الرازق محمد خليل رئيس مدينة أبو رديس.
وكشف المهندس محمد عبد اللطيف رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بجنوب سيناء، أن هناك أكثر من 120 تجمعا بدويا على مستوى مدن المحافظة محروم من المياه، ويتم توفير مياه لتلك التجمعات عن طريق سيارات نقل المياه والتي يبلغ عددها 45 سيارة وتتراوح سعتها من 10 إلى 15 مترا مكعبا.
وأشار تكلفة سولار سيارات نقل المياه وحدها يبلغ نحو 200 ألف جنيه شهريًا بخلاف الزيوت وقطع الغيار والفلاتر، وأرجع عبد اللطيف أسباب عدم وجود شبكات للمياه بالتجمعات البدوية لبعد المسافات عن القرية أو المدينة فضلا عن أن تلك التجمعات عبارة عن بيوت متناثرة وفي مناطق وعرة من الصعب عمل شبكات فيها لافتا إلى أن سيارات نقل المياه ذاتها تعاني من الوصول لتلك المناطق.
و أعلن عبد اللطيف عن إنشاء محطة تحلية مياه الشباب الكائنة بجوار مطار شرم الشيخ الدولي بطاقة 8 آلاف متر مكعب يوميا، مضيفا أنه جارٍ ربط المحطة بالخزانات الإستراتيجية وتقوم الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بتوصيل خط مياه من الخزانات الإستراتيجية إلى خزانات المدينة، مشيرًا إلى أن تكلفة المحطة تبلغ 40 مليون جنيه وتقوم شركة المقاولون العرب بتنفيذ المشروع.[SecondQuote]
وأضاف أن منطقة مدينة سانت كاترين وقرية وادي فيران التابعة لمدينة أبورديس من أكثر المناطق المحرومة من المياه، حيثُ يتم دفع 175 ألف جنيه شهريا لتوفير مياه صالحة للشرب للأهالي يتم شراؤها من أصحاب الآبار، لافتا أن سعر المتر المكعب يصل إلى جنيهين ونصف.
الجدير بالذكر أن محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة طالب في الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن مشروع استصلاح 4 مليون فدان، بحضور كل من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وعدد كبير من الوزراء والمحافظين أن يكون الثلاثة آلاف فدان التي تم وضع حجر الأساس لها في منطقة سهل القاع التابعة للعاصمة طور سيناء ضمن الثمانية آلاف فدان المخصصة للاستصلاح بالمحافظة.