«شهيد الجدعنة»، هكذا لقبه أصدقاؤه وهم يودعونه إلى مأواه الأخير، فبعد أن حاول شاب إنقاذ فتاة تعمل في المصنع الذي يمتلكه والده من السقوط في «تانك مخلل»، حتى لا يخنقها الغاز السام المتصاعد، توفى هو متاثرًا باختناقه بينما نجت الفتاة التي تعمل في مصنع والده.
بكلمات تسبقها الدموع حكى والده عاصم عبدالسميع، صاحب مصنع مخلل في قرية المندرة التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، أن ابنه «محمد» هو أكبر أبنائه، وكان يعتمد عليه بشكل كبير في العمل: «محمد كان بكالوريوس زراعة قسم صناعات غذائية، وكان ماسك كل حاجة في المصنع، كان دراعي اليمين، أنا دراعي اتقطع».
يحكي «عاصم»، لـ«الوطن» بداية الواقعة: «كان في بنت غلبانة جوزها سابها هي وأولادها الاتنين، فمحمد حب يشغلها في المصنع تجيب طلبات للعمال وتعمل أي شغل في المصنع مقابل راتب تصرف بيه على أولادها».
المخلل.. يقضي على حياة «شابين»
أثناء عمل الفتاة في المصنع يوم الأربعاء الماضي، سمعت صوت العمال يرددون لبعضهم: «فاضل شوية مخلل في آخر التانك سيبهم واحنا بنشطب الشغل نبقى نرميهم»، فظلت تنتظر نزول العمال لتصعد هي وتحصل عليهم.
وبحسب «عاصم»، يضاف إلى «تانك» المخلل العديد من المكونات التي تساعد على حفظه، وهناك تعليمات ثابتة بالتعامل معه، فيجب تركه لمدة ساعتين بعد فتحه ليخرج الغاز السام الذي تكوّن نتيجة تخمر المخلل، بحسب والد «شهيد الجدعنة»: «أي مادة بتتخلل فيها تخمر، والغاز اللي بيخرج بعد ما نفتح التانك سام»، ولا تعلم الفتاة كل هذه الأمور، فنزعت الغطاء عن «تانك» المخلل وبدأت بمحاولة الوصول إليه بيديها في البداية، ولكنها لم تستطع.
في «تانك» المخلل غاز سام
يستكمل حديثه قائلًا: «نزلت في التانك عشان تجيب المخلل فاستنشقت كمية كبيرة في الغاز وبدأت تدوخ، فصرخت، وقتها حد من العمال سمعها، ولما نزل لها معرفش يشيلها وداخ من الغاز وأغمى عليه، وبعدين محمد ابني راح لهم وبرضو مقدرش يشيلهم وأغمى عليه».
ظلت الفتاة داخل «التانك» 9 دقائق، والشابان من دقيقتين إلى 4 دقائق، قبل أن يذهبوا إلى المستشفى، وهناك توفي الشابان، رغم أنهما قضى وقتًا أقل من الفتاة: «قدر الله إن اللي قعد وقت أقل يموت والفتاة تفضل عايشة، أمر ربنا إن محمد يتوفى».
تعليقات الفيسبوك