كان يوم الخميس الماضى -الذكرى الأولى لفض اعتصامى رابعة والنهضة- هو يوم الإعلان الرسمى، ودون مواربة من جماعة الإخوان، عن أن هذا التنظيم الإرهابى قرر أن يخوض حرباً مسلحة ضد الجيش والشرطة، وضد المواطنين أيضاً إذا تعرضوا لعناصر هذا التنظيم.
هذا الإعلان الرسمى تمثل فى الفيديو الخطير الذى بثّه المسئول عن موقع «رصد» الإخوانى لحوالى 12 شاباً ملثمين يرتدون الزى العسكرى لـ«حماس»، ويرفعون إشارات «رابعة»، ويحملون بنادق آلية، وفيه يتوعد أحدهم ضباط وأفراد الجيش والشرطة بالقتل إذا لم يلتزموا بيوتهم، كما تمثل هذا الإعلان الرسمى فيما نشرته المواقع والصفحات الإخوانية عن تشكيل حركة مقاومة شعبية مسلحة لخوض حرب ضد السلطة. وتحدث البيان الصادر عن هذه الحركة عن «عمليات نوعية جديدة ستقوم بها مجموعات ردع العسكر.. وعن إنذار للمواطنين بالتزام بيوتهم، وعن إنذار آخر لمن سمتهم البلطجية الذين يتعرضون لمسيرات الإخوان».. وانتهى البيان إلى التأكيد على أنه «لا شرعية ولا ديمقراطية ولا حزبية ولا مجتمع دولى ولا توافق ولا تهادن ولا حل إلا بالسلاح.. ولا عز إلا بالجهاد».
واللافت فى الواقعتين أن الفيديو الذى نشره المسئول عن موقع رصد كان أبطاله حريصين على تأكيد أنهم «سئموا من سلمية الإخوان، وأنهم ليسوا إخواناً، رغم أنهم طيلة تصوير الفيديو لم يكفوا عن التلويح بإشارة «رابعة».. بينما حرص بيان «حركة المقاومة الشعبية» على تأكيد الطابع العام للحركة، وزعموا أنهم عبارة عن مجموعات متفرقة ترفض انقلاب 30 يونيو، وأنهم قرروا الالتئام فى حركة واحدة اتخذت قرار إعلان الحرب المسلحة على الجيش والشرطة والبلطجية.
إن هذا التمويه الساذج، وهذا الإصرار المتواصل على الكذب الممنهج، هو أسلوب إخوانى مكشوف للجميع، الغرض منه إيهام الرأى العام بأن هذه الحركات المسلحة -وهى مجرد ألعاب تافهة- تضم طيفاً واسعاً من المعارضين لنظام الحكم الحالى، والرافضين لثورة 30 يونيو، ولكن الإعلان الرسمى عن وجود هذه «الحركات» فى الذكرى الأولى لإحياء فض اعتصامى رابعة والنهضة يفضح كذبة الإخوان، ويضع هذه الجماعة برمتها فى دائرة اتهام جديدة، تفرض علينا جميعاً -حكومة وشعباً- أن ننتقل بالمواجهة من حدود رد الفعل، إلى يقظة شاملة -وعلى كل المستويات- لإجهاض كل مخططات هذه الجماعة الشيطانية فى مكمنها، وتجفيف كل منابع التمويل بالمال والسلاح، وتوجيه ضربات ساحقة لكل الجيوب التى تعتمد عليها الجماعة فى تجديد قوتها أو تعويض خسائرها أو تنفيذ مخططها فى إرهاق أجهزة الدولة.
ولعل أخطر «جيوب» مساندة جماعة الإخوان الإرهابية يتمثل حالياً فى الخلايا النائمة للجماعة داخل الوزارات الخدمية وعلى رأسها وزارة الكهرباء، فقد تلاحقت فى الأسابيع الأخيرة حوادث تفجير وحرق أكشاك ومحولات وأبراج الكهرباء فى كل محافظات مصر، ولا يكاد يمر يوم واحد دون أن نصحو على تفجير محول أوحرق كشك أو إطلاق الرصاص على برج كهرباء، ثم امتد التخريب الإخوانى المتعمد إلى خطوط السكك الحديدية لتعطيلها، وإلى محطات المياه والصرف الصحى، وهو توجه لا أستبعد أن يتصاعد خلال الأيام والأسابيع المقبلة، فى تزامن مقصود مع خطة الإخوان لبدء الحرب المسلحة ضد الجيش والشرطة.
ومن يفكر قليلاً فى الأمر يكتشف ببساطة أن الخطتين معاً -العنف المسلح وتدمير الخدمات- سيؤديان فى حالة استمرارهما أو إحراز أى تقدم إلى مزيد من إرهاق الدولة والمواطنين، وإلى تصاعد الغضب الشعبى ضد الحكومة، وهذا أقصى ما يحلم به الإخوان الآن، وليست هناك طريقة لإفساد مخطط التخريب، غير رصد خلايا الإخوان النائمة فى الوزارات الخدمية وطردهم فوراً أو نقلهم على الأقل إلى وظائف ثانوية لا تمكنهم من جمع معلومات يستفيد منها الإخوان. وفى هذه الحالة لن يكون هناك أدنى خوف من هذه الأشباح التافهة التى قررت حمل السلاح فى مواجهة الدولة، لأن كل تجارب التاريخ تؤكد أن خيار حمل السلاح هو بداية النهاية الحتمية لمن قرر أن يحمل السلاح ضد بلده.