عسكريون: تزويد «البنتاجون» لإسرائيل بأسلحة دون موافقة «أوباما» رسالة للرد على زيارة «السيسى» لـ«روسيا»
أثارت التقارير الأمريكية عن تأمين وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إمدادات الذخيرة للجيش الإسرائيلى دون موافقة رسمية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، ردود فعل قوية فى الأوساط العسكرية، فاعتبرها البعض رسالة للرأى العام العالمى لتخفيف المطالب بتدخل الإدارة الأمريكية لإيقاف العدوان الصهيونى على قطاع غزة، والبعض الآخر يرونها رسالة لمصر بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لروسيا والاتفاق على توسيع التعاون العسكرى بين البلدين، فيما يرى آخرون أنها جاءت طبقاً لجدول زمنى قديم بعدما صدق عليها الرئيس الأمريكى لكن تم إرسالها بعد فترة من التصديق.
استبعد اللواء سلامة الجوهرى، مساعد الملحق العسكرى الأسبق لمصر فى واشنطن، صحة التقارير الأمريكية، قائلاً: «استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه تسليح إسرائيل هى ضمان التفوق العسكرى لها لتصبح أقوى من القوة العسكرية لكل الدول العربية مجتمعة».
أضاف «الجوهرى»، فى تصريح لـ«الوطن»، أن المؤسسات الأمريكية موحدة للتحرك لدعم إسرائيل، واصفاً ما تنقله التقارير الأمريكية والإسرائيلية عن وجود أزمة بين «أوباما» ورئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو بـ«الأزمة المصطنعة»، مستشهداً بتصريحات مارى هارفى، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن إسرائيل تأخذ السلاح للرد على المعتدين عليها فى حين أن مصر تأخذ السلاح للهجوم على المتظاهرين.
واعتبر مساعد الملحق العسكرى الأسبق فى واشنطن أن التقارير الأمريكية «تسريبة مقصودة» للرد على زيارة «السيسى» لـ«روسيا» بأنه إذا كانت مصر تتجه للتعاون العسكرى مع روسيا وغيرها من الأطراف عسكرياً فإننا سنظل داعمين للجيش الإسرائيلى، لكن الحقيقة أن السياسة المصرية الحالية تقوم على الانفتاح بالتعاون مع جميع الدول.
فى سياق متصل، أكد اللواء محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى سابقاً بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن «واشنطن» ملتزمة منذ عام 1948 بإمداد إسرائيل بالذخائر والأسلحة، لذا فإنه يستبعد أن السلاح جرى دون موافقة القيادة الأمريكية، مشيراً إلى أن الاعتراف الأمريكى بـ«إسرائيل» أكد أنها ستعمل على استمرارية الدولة وأمنها، وهو ما تسعى لتحقيقه حالياً.
أضاف «الغبارى» أن التحالف بين إسرائيل وأمريكا يقوم على استراتيجية أن «أمن إسرائيل هو أمن أمريكا»، لذا فإن سياستها تجاه تسليح إسرائيل تقوم على أنه يجب أن تكون الكميات المتوافرة لديها زيادة بـ120% عن السلاح الموجود عند الدول العربية جميعها، فمثلاً إذا كان لدى العرب 100 دبابة؛ فيجب أن يكون لدى إسرائيل 220 دبابة.
واستطرد: «التقارير قد تكون رسالة لمصر بأن أمريكا مستمرة فى دعم إسرائيل، وأن زيارة السيسى لروسيا والاتفاق على صفقات عسكرية لن تحول دون الدعم الأمريكى لإسرائيل»، مضيفاً بسخرية: «لو إسرائيل قالت لأمريكا إنهم محتاجين شوية هواء بالقمر هيجيبوه ما بالك بشوية أسلحة!».
وعن تأكيدات الإدارة الأمريكية بأنها تسعى لإيقاف عملية «الجرف الصامد»، قال: «هناك فارق بين القرار الاستراتيجى والقرار التكتيكى، فإسرائيل أرادت أن تختبر منظومة (القبة الحديدية) مع صواريخ (حماس) الضعيفة، فإنها إذا أرادت اختبارها ستكون معها وليس أمام قوى كبرى مثل مصر أو إيران، ولو أرادت دولة الاحتلال إيقاف تدفق السلاح لحماس لكان باستطاعتها ذلك قبل وصوله، لكنها اتخذت قرار العملية العسكرية بدعوى حماية أمنها، إلا أنها كانت تهدف لاختبار منظومة القبة الحديدية»، مستشهداً بقرار الإدارة الأمريكية بدعم منظومة القبة الحديدية بـ225 مليون دولار مؤخراً.
وشدد مدير كلية الدفاع الوطنى سابقاً على أن الأزمة بين «أوباما» و«نتنياهو» صورية، مضيفاً: «الأزمة الحقيقية تكون مثل عندما حاول بوش الأب وقف 10 مليارات دولار للاستيطان فى فلسطين، وحينها قالت منظمة (الإيباك)، كبرى الكيانات الممثلة للوبى الصهيونى، إن الرئيس سيأتى إلينا راكعاً معتذراً، وهو ما جرى بعدها.
«كلام ميدخلش الدماغ».. هكذا بدأ اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية والمتخصص فى الشأن الإسرائيلى، مضيفاً: «الرئيس الأمريكى هو أول من طالب باستعراض إسرائيل لأسلحتها فى عملية (الجرف الصامد) ضد قطاع غزة، وأشك فى أن يتخذ (البنتاجون) مثل ذلك القرار دون الرجوع لـ(البيت الأبيض)».
أضاف «نصر» أن أمريكا تقوم بـ«تمثيلية» عدم تصدير أسلحة لإسرائيل للضغط عليها لإيقاف عمليتها ضد غزة، موضحاً: «تسليح إسرائيل حالياً يكفيها لتقوم بـ10 عمليات عسكرية ضد غزة أو غيرها دون الحاجة لمعاونة أمريكا عسكرياً؛ لذا فإنها لم تكن بحاجة لتلك الذخيرة».
وعن احتمالية صدق التقارير الأمريكية، قال إنه قد يكون تصديقاً قديماً ولم يصل لوزارة الدفاع توجيه كتابى من رئيس الجمهورية بإيقاف التصدير، أو يكون القرار بعدم الإمداد بالأسلحة تم بعد تصدير تلك الشحنة، أو إنها تسريب مقصود كنوع من الرسالة للرأى العام العالمى والأمريكى لإيقاف الضغط على «البيت الأبيض» لإيقاف الهجوم على غزة.
وعن احتمالية ضغط اللوبى الصهيونى فى أمريكا لتصدير السلاح، قال: «منظومة العمل يستحيل اختراقها؛ فقرار رئيس الجمهورية قانون واجب التنفيذ فور صدوره، لكن اللوبى قد يؤثر على قراراته أو يضعف حديثه وليس يجعل الدولة لا تنفذها».