الصعايدة يهزمون الـ«بلاى ستيشن» بـ«السيجا»
«شطرنج الصعايدة» هكذا أطلق شباب الأقصر على لعبة «السيجا» التى يمتد تاريخها إلى آلاف السنين ووجدت منقوشة على معابد منطقة القرنة بغرب الأقصر، كما يؤكد أحد الأثريين.
جمال عبدالجليل، 46 سنة، صاحب شركة مقاولات، لم تمنعه ظروف عمله الصعبة وجدوله المزدحم دائماً من المواظبة على الذهاب إلى مركز شباب الشيخ سلطان بمنطقة الطود التاريخية جنوب الأقصر بعد صلاة العصر مباشرة لممارسة لعبته المفضلة التى يمارسها منذ أن كان صبياً لا يتعدى الثانية عشرة.
«عبدالجليل» يؤكد أن اللعبة وصلت إلى حد الإدمان عند الكثيرين، فهى لعبة أقل ما توصف به أنها رائعة ومشوقة وبها الكثير من الحيل الفنية وتعتمد على خبرات اللاعبين وقدرتهم العالية على التفكير والانتباه والتركيز وقراءة ما يفكر به الخصم ومباغته بتحركات استباقية حتى يكون الفوز حليفاً له فى النهاية.
وعن قوانين وأصول اللعبة يقول «عبدالجليل»: إن اللعبة تشبه إلى حد كبير لعبة «الشطرنج» ومكوناتها بسيطة للغاية، مما ساعد فى انتشارها، إذ يقوم اللاعبون بحفر 25 حفرة صغيرة للغاية بكف اليد فى التراب أو الرمل، ثم يحضر اللاعب الأول 12 حجراً أبيض بحجم عقلة الإصبع، ويحضر اللاعب الآخر 12 حجراً أسود بالحجم نفسه، ثم يبدأ اللعب أو ما يسمى فى قانون اللعبة «التفليح» إذ يضع اللاعب الأول حجرين ويرد الآخر بوضع حجرين آخرين حتى تملأ جميع الحفر ما عدا حفرة واحدة ويبدأ اللعب حيث يتبارى كل لاعب فى حصار «حجر» المنافس ليخرجه من المنافسة ومن تتبقى له قطع أو أحجار فى النهاية يصبح فائزاً.
ويضيف «عبدالجليل» أن المباراة الواحدة تأخذ وقتاً طويلاً للغاية كما حدث فى إحدى المباريات بين لاعبين مخضرمين، حيث استمرت المباراة لأكثر من 7 ساعات متتالية، وهناك مباريات لا تستمر سوى بضع دقائق عندما يكون أحد المتنافسين ضعيفاً أو ما زال مبتدئاً.
ويشير «عبدالجليل» إلى أن هناك الكثير من الشباب يترك لعب كرة القدم والبنج بونج والكرة الطائرة فى مراكز الشباب للعب «السيجا» بعد أن كانت تقتصر قديماً على كبار السن فقط، حيث كان يلعبها أجدادنا وآباؤنا فى الزراعات وفى محاجر الأسمدة فى الجبال أثناء الراحة.
ويؤكد «عبدالجليل» أن لعبة «السيجا» ظلت لفترة كبيرة «لعبة محرمة» إثر فتاوى عديدة أطلقها بعض رجال الدين فى الأقصر حرّموا خلالها ممارسة اللعبة برغم أنها للتسلية فقط ولا يدفع اللاعبون مالاً عند الخسارة، حيث أكد رجال الدين فى فتواهم أن اللعبة التى شبهوها بالميسر والنرد تشغل ممارسيها عن أداء الفرائض وعن ذكر الله.
وأكد «عبدالجليل» أن هناك مدراء مدارس ورجال دين ومهندسين وأطباء يعشقون لعبة «السيجا» ويمارسونها باستمرار، خاصة فى قرى جنوب وغرب الأقصر، وكان الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، رحمه الله، من عشاق هذه اللعبة، وكان يمارسها دائماً مع أصدقائه عند زيارته لمدينة أرمنت غرب الأقصر.
وطالب «عبدالجليل» وزارتى الشباب والرياضة بالسعى لإحياء ورعاية الألعاب الشعبية مثل «السيجا» و«الحكشة» و«التحطيب» و«المرماح» و«البلابيصا» وذلك بإقامة مهرجانات ومنافسات لممارسة هذه الألعاب التى انقرض الكثير منها مع ظهور ألعاب الـ«بلاى ستيشن».