عربة متواضعة، تكسوها أسلحة متناثرة، شرارة النيران تتصاعد منها إلى الهواء، صوت رنان يصدر من الموتور القابع فوقها، يحيط بها الزبائن من الصغار الذين أرسلهم أهاليهم حاملين السكاكين «الباردة»، لكي يسنوها، ويتوسطهم شاب يافع، يمسك بالسكاكين وكأنها أقلام رصاص، يحركها بخفة بين أصابعه دون خوف، بتمكن كبير يظهر عن تثبيتها بين أصابعه، ويجهر بصوته الذي يلم من حوله الزبائن قائلًا، «أسن السكينة وأسن المقص».
محمد عادل، شاب جاء من المنوفية وتحديدا من مركز منوف، حاملا عربة «سن السكاكين» على كتفه برفقة إخوته الكبار، وفي عقله حفظ المهنة، التي عرفها منذ صغره، حينما كان عمره لم يتخط الـ13 عاما، متجهًا نحو القاهرة، ليبدأ رحلة جديدة مع عالم السكاكين، طور فيها طريقة العمل في المهنة، من عربة يديوية إلى تروسيكل به ماكينة «سنّ».
15 عاما مرت على «محمد» لم يغب فيها عن سن السكين، أو يعرف مهنة أخرى، تزوج منذ 4 سنوات، وأنجب، ولكن رزقه يوميا «على كف عفريت» حسبما وصف لـ«الوطن»، حيث يأتي برزق كبير في يوم، وآخر يعود بالكاد إلى منزله بالأموال القليلة التي يحصل عليها، ومع ذلك حمد الله لا يفارقه في السراء والضراء.
لسوء حظه، لم يستكمل «محمد» تعليمه، حبه للمهنة ورغبته في احترافها مثل إخوته، دفعاه للعمل معهم طوال النهار يوميا، ضاربا بمستقبله التعليمي عرض الحائط، الأمر الذي ندم عليه بعد ذلك، «مش لو كنت متعلم كان زماني شغال في أي شغلانة ثابتة بدل الشحططة دي».
شوارع عديدة وأماكن مختلفة يدخلها صاحب الـ29 عاما، يسوق التروسيكل الخاص به ومن فوقه مكن سن السكين، ويذهب من مكان لآخر، يتحكم بالسكين وهو يسنّه للزبائن بقدرة كبيرة، «كل يوم بلف الشوارع، والسكين بقى صاحبي، بيشوفني متضايق وفرحان وببكي ومحتاج، لو بينطق كان طبطب عليا».
يأمل الفتى العشريني عاما، أن يحصل على فرصة عمل بدلًا من العمل كـ«أورزقي» يوم معه قوت أبنائه، وآخر لا يجد، «أي شغلانة والله حتى لو هكنس أو ألم زبالة المهم تكون رزقها ثابت، أنا ساعات بروح مش معايا حتى أجيب لعيالي حاجة حلوة وأنا داخل عليهم».
تعليقات الفيسبوك