بعد سقوط جزء من قبته.. 10 معلومات عن جامع السلطان حسن: لا يعوض معماريا
قبة السلطان حسن
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن لله تعالى في الأرض بيوتا مجّدها وكرمها وأعلى شأنها، وجعلها سبحانه مكانا لإعلان العبودية له وحده لا شريك له، وهذه البيوت ما كان لها أن تُقام، ولا تُرفع ويذكر فيها اسمه بغير إذنه سبحانه وتعالى، فهي بإذن الله شرعا؛ حيث أمر بذلك، قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [النور: 36]، وحرم سبحانه وتعالى أن يقرب مسجده الحرام مشرك يعلن فيه العبودية لغير الله فقال تعالى: (إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 28]، بل إن الله سبحانه وتعالى أمر ألا يدعى في أي من المساجد إلا الله ولا يعبد إلا هو فقال سبحانه وتعالى: (وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: 18]. فالمساجد مأمور بها شرعا، وكانت على مراده في الكون، فالكل مقهور تحت إذنه الكوني سبحانه وتعالى.
وأشار جمعة إلى أن من هذه المساجد المباركة «مسجد السلطان حسن» بالقاهرة، فتشرف هذا المسجد ببنائه في أرض الكنانة، وشرفت أرض الكنانة بوجوده فيها، فاجتمع في تلك البقعة المباركة شرف كبير، فهيا بنا نتعرف على هذا المسجد من حيث بنيانه وفخامته وأهدافه.
سقوط جزء من قبة السلطان حسن
وقد سقط جزء من قبة مسجد السلطان حسن قبل أيام، تم ترميمه أثناء أعمال لجنة حفظ الآثار العربية وهيئة الآثار، وهو عبارة عن طبقتين، السفلية من الخشب والعلوية عبارة عن حشو وكسوة يحيطها كيانات من الحديد الضعيفة جدا، بحسب ما أكده الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، الذي قال أيضا «إن جامع السلطان حسن لا يمكن تعويضه معماريا».
ويستعرض التقرير التالي أبرز 10 معلومات عن المسجد حسبما، رواها الدكتور علي جمعة في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك»:
1- بدأ السلطان حسن في بناء مدرسته الشهيرة سنة (757 هـ =1356م) بعد أن استتب له الأمر وأصبحت مقاليد الأمور في يديه، واستمر العمل بها ثلاث سنوات دون انقطاع حتى خرجت على النحو البديع في البناء والعمارة.
2- المدرسة أو مسجد السلطان مساحته 7906 أمتار مربعة، أي ما يقرب من فدانين، وهي على شكل مستطيل غير منتظم الأضلاع، ويبلغ امتداد أكبر طول له 150 مترا، وأطول عرض 68 مترا، وهو خالٍ من جميع الجهات؛ ولذلك فللمسجد أربع واجهات، وتقع الواجهة الرئيسية في الضلع الشمالي الذي يبلغ طوله 145 مترا، وارتفاعه 37.80 مترا، ويؤدي الباب الرئيسي للمسجد إلى مدخل يؤدي إلى الصحن وهو مربع الشكل تقريبا يبلغ طوله 34.60 مترا، وهو مفروش بالرخام، وتتوسطه «فسقية» للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة.
3- وحول الصحن من جهاته الأربع، إيوانات المدرسة، أكبرها إيوان القبلة، وتبلغ فتحته 19.20 مترا، وعمقه 28 مترا، ويتوسط الإيوان دكة المبلغ، وهي من الرخام، ويوجد في صدر الإيوان محراب كبير مغطى بالرخام الملون والمحلى بالزخارف مورقة تتخللها عناقيد العنب، ويجاور المحراب منبر من الرخام له باب من النحاس المفرغ.
4- ويكتنف المحراب بابان يوصلان إلى القبة التي تقع خلف المحراب، وهي مربعة، طول كل ضلع من أضلاعها 21 مترا، وارتفاعها إلى ذروتها 48 مترا، وبها محراب من الرخام محلى بزخارف دقيقة، وبالجانب القبلي الشرقي المنارتان العظيمتان، ويبلغ ارتفاع كبراهما 81.50 مترا.
5- ويحيط بالصحن أربع مدارس للمذاهب الأربعة تعد مساجد صغيرة محدقة بالجامع الكبير، وتتكون كل مدرسة من إيوان وصحن تتوسطه فسقية، وتحتوي كل مدرسة على ثلاثة طوابق تشتمل على غرف الطلبة والدرس، ويطل بعضها على صحن المدرسة وبعضها الآخر يطل على الواجهات الخارجية، وتعد المدرسة الحنفية أكبر المدارس؛ إذ تبلغ مساحتها 898 مترا.
نظام التدريس
6- وقد قرر حسن لكل مذهب من المذاهب الأربعة شيخا ومائة طالب، في كل فرقة خمسة وعشرون متقدمون، وثلاثة معيدون، وحدد لكل منهم راتبا حسب وظيفته، وعين مدرسا لتفسير القرآن، وعين معه ثلاثين طالبا، عهد إلى بعضهم أن يقوموا بعمل الملاحظة، وعين مدرسا للحديث النبوي، وخصص له راتبا قدره 300 درهم، ورتب له قارئا للحديث.
7- وعين بإيوان مدرسة الشافعية شيخا مفتيا، ورتب معه قارئا، يحضر أربعة أيام من كل أسبوع، منها يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة، ويقرأ القارئ ما تيسر من القرآن والحديث النبوي، كما عين مدرسا حافظا لكتاب الله عالما بالقراءات السبع، يجلس كل يوم ما بين صلاة الصبح والزوال بإيوان الشافعية، وجعل معه قارئا يحفظ من يحضر عنده من الناس.
8- ولضمان انتظام العمل بالمدرسة عين السلطان حسن اثنين لمراقبة الحضور والغياب، أحدهما بالليل والآخر بالنهار، وأعد مكتبة وعين لها أمينا، وألحق بالمدرسة مكتبين لتعليم الأيتام القرآن والخط، وقرر لهم الكسوة والطعام؛ فكان إذا أتم اليتيم القرآن حفظا يعطى 50 درهما، ويمنح مؤدبه مثلها ومكافأة له.
9- وعين السلطان طبيبين: أحدهما باطني والآخر للعيون، يحضر كل منهما كل يوم بالمسجد لعلاج من يحتاج من الموظفين والطلبة.
10- وقد احتفل السلطان حسن بافتتاح مدرسته قبل إجراء باقي الأعمال التكميلية، وصلى بها الجمعة، وأنعم على البناءين والمهندسين، وقد ظل اسم المهندس الفنان الذي أبدع هذا العمل مجهولا قرونا طويلا حتى كشف عنه الأستاذ حسن عبد الوهاب، وتوصل إليه وهو «محمد بن بيليك المحسني» من خلال الكتابة الجصية الموجودة في المدرسة الحنفية.
واختتم جمعة تدوينته بقوله: فهذا هو مسجد السلطان حسن الذي يمثل نموذجاً فريداً للمسجد الجامع الكبير، حيث تم تأسيسه وانتظم العمل فيه ليقوم بأهم الأعمال في المجتمع المسلم من تعليم العلم، وعلاج الناس، وغير ذلك الكثير، والله سبحانه نسأل أن تعود وظيفة المسجد الجامع الكبير إلى ما كانت عليه في عصر ازدهار المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.