«السلطان قايتباى».. «قرّب يختفى زى الجنيه»
على عتبة منشأة ناصر، حتى قبل أن يصل الزائر إلى عتبتها، تصل رائحة القمامة إليه كمن يستقبله، لا قمم تعلو فى المنطقة على تلال القمامة سوى مئذنة المسجد الشهير «السلطان قايتباى»، لكنه لم يسلم مما آلت إليه المنطقة، فالقمامة تحاصره من كل جانب، والرائحة تزكم أنوف المصلين فيه، تمنعهم التنفس أو حتى دخول المسجد، وعلى الرغم من اعتيادهم الرائحة بحكم عملهم فى القمامة أو سكنهم وسطها، فإن للمسجد وضعاً خاصاً، فكيف لبيوت الله أن تكون على هذه الحال؟! لا أحد يعلم أو يهتم بأن يعلم الوضعية التاريخية للمسجد، الكل يتعامل معه باعتباره «بيت ربنا».
«مش فارق معاهم غير كده»، يتحدث محمود القليوبى، الرجل الستينى الذى ربما لا يترك فرضاً داخل المسجد، لأنه يسكن جواره. «المصورين الأجانب بييجوا هنا علشان يصوروا الزبالة وميفتكروش حتى يصوروا المسجد الأثرى اللى قرّب يختفى زى ما اختفى الجنيه بالظبط».
يتذكر «محمود» الذى ولد وتزوج وسيموت بتلك المنطقة، حسب قوله، حين كان صغيراً يلعب مع أصدقائه داخل المسجد، كانوا يكونون حلقات لتحفيظ القرآن وأيضاً النظافة، وكان يشدد عليهم شيخ الجامع حينها على عدم إلقاء ورقة داخل المسجد وخارجه، والحفاظ على الآثار من السرقة والعبث بها.
يسكن «محمود» بالمنطقة لأكثر من 50 عاماً، يتذكر حوادث السرقة التى تعرضت لها.
«الحرامية سرقوا النجمات والتطعيمات العاجية اللى موجودة فى المنبر، ودى المرة التالتة اللى اتسرق فيها المسجد على مدار 3 سنوات وسرقوا حشوات كرسى المصحف والسرة النحاسية التى كانت تزين باب المسجد، من الآخر اللى انتو شايفينه على الجنيه خلاص ما بقاش له وجود فى الواقع».
يتذكر «محمود» طفولته حين كان يطوف حول الجامع المكون من مدرسة وقبة وسبيل وكان بها تناسق معمارى دقيق، لا ينسى إلى جوار القبلة التى تقع فى منتصف الجامع، ذلك العقد المدبب على شكل حدوة الفرس والمنبر من خشب العاج إلى جوار القبلة، لكنها أشياء لم تعد موجودة الآن حسب تأكيده، بعد أن سرق بعضها، وآل البعض الآخر إلى الهلاك ثم الترميم على يد لجنة الحفاظ على الآثار العربية والإسلامية.
يؤكد حسين عبدالوهاب، أحد المترددين على المسجد، أن اللجنة دعمت الجدران وقوتها وأصلحت الأرضيات والأسقف والشبابيك والمئذنة، مضيفاً: «أرى طلبة بكلية الآثار الإسلامية يأتون من الحين للآخر لترميم المسجد والزخارف الموجودة به لكن لا يوجد لديهم الإمكانيات.. بصراحة كل أما أشوف صورة الجنيه اللى مبقاش ليه قيمة دلوقتى بتحسر على الجامع وأفتكر زمان والأثر اللى إحنا ضيعناه».