فلورانس تشادويك.. امرأة التحديات القياسية
وسط الضباب، وأسماك القرش، وبرودة المياه، ظلت فلورانس تشادويك، ستة عشر ساعة تسبح، فيما تحيط بها قوارب الإنقاذ، تارة تشجعها، وأخرى تبعد عنها الأسماك المفترسة، التي تحوم وتقترب، وقبل ميل واحد فقط من تحقيق هدفها، طلبت انتشالها من المياه.
"أنا لا ألوم نفسي، فلو كان بإمكاني أن أرى اليابسة لأنجزت المهمة".. قالتها "فلورانس" بعد خروجها من المياه، وكانت على بعد دقائق من تحقيق حلمها لتكون أول سيدة تعبر المانش.
لم تفقد عزيمتها، بل واصلت حتى استطاعت بعد شهرين من المحاولة الأولى، وبالتحديد في 8 أغسطس 1950، إنجاز مهمتها، ووضعت اليابسة نصب عينيها رغم الضباب الكثيف، لتحطم الرقم القياسي العالمي وقتها، والذي كان مسجلا باسم السباحة الأمريكية، جريترود إيلديري.
بدأت "تشادويك"، التي ولدت في سان دييغو، نوفمبر 1918، منافستها في عالم السباحة في سن صغيرة، فسجلت أول فوز لها في العاشرة من عمرها، لم تفضل سباقات البحيرات والبرك، فكانت أصغر شخص يسبح عبر مصب خليج سان دييجو، وعبرت القناة الإنجليزية من إنجلترا لفرنسا وحققت رقما قياسيا، وعمرها 31 عاما.
في صيف 1953، اجتازت القناة ثانية بنجاح، ثم عبرت مضيق جبل طارق، ثم مضيق البوسفور والدردنيل، تحدت نفسها وضربت كل الأرقام القياسية السابقة، لتحقق بنفسها أرقاما جديدة، وتدخل التاريخ من أوسع أبوابه، لكن مرضها عام 1954 جعلها تتخلى عن تحديها بالسباحة في بحيرة أونتاريو، كما تراجعت بسبب إصابتها عن عبور مضيق خوان دي فوكا، ومحاولتها السباحة في البحر الأيرلندي.
كأول أمرأة تعبر المانش من فرنسا لإنجلترا والعكس، سجلت فلورانس تشادويك اسمها في التاريخ، وبعدها بأعوام كثيرة ظهرت في برنامج تليفزيوني سلط الضوء على بدايتها وطفولتها في مسقط رأسها سان دييغو، وفي 1962 كُرمت بقلادة سان دييغو للأبطال لما حققته من بطولات وأرقام قياسية وشهرة، كما عُينت في اتحاد المشاهير للسباحة، 1970.