قوانين التظاهر في الدول الكبرى.. "مضاد للشعب" و"استخدام الرصاص الحي"
"حق طبيعي ملتصق بالإنسان"، هكذا عرف القانون الدولي التظاهر والتجمعات السلمية، كما أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 1958، "حق التجمع معترف به ولا يجوز أن توضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا وفقا للقانون"، وتمارس كل دولة هذا الحق وفق قوانينها الوضعية، وترتفع سقف الحقوق في دولة وتهبط في أخرى.
عقب وضع مصر قيود على تظاهراتها، واجهت العديد من الانتقادات الحادة بأنها تنزع من مواطنيها حقا أصيلا من حقوقهم، لكن في دول أخرى يعد التظاهر أكثر تقويضا من مصر، ولعل الذي يميز تلك الدول استقرارها السياسي، ورفع سقف الحريات في المجالات الإعلامية وغيرها، فأصبح التظاهر ليس الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الرأي، وصرح وزير الخارجية المصري أمس، بأن "القانون البريطاني والأمريكي أشد قسوة من المصري"، وعلى الرغم من ذلك تجرى تعديلات عليه حاليا ليكون أقل حدة.
• التظاهر في مصر:
"ممنوع الاقتراب من البرلمان، ومقرات الرئاسة، والمقرات الأمنية والشرطية، والحكومية، لمسافة تصل إلى 100 متر، ويمنع منعا باتا الاعتصام" هذه أبرز ملامح قانون التظاهر المصري الجديد، كما يجب إخطار الجهة الأمنية، قبل موعد المظاهرة بـ24 ساعة على الأقل، لتحديد المكان والوقت المناسب، مع بيان أسماء المنظمين للوقفة وجهتهم، ومطالبهم، وبياناتهم للتواصل معهم، وموضوع التظاهر والغرض منه، ويحق للداخلية رفض المظاهرة أو إلغاؤها مع إعطاء حق التظلم من ذلك.
ويحظر على المشاركين في المظاهرة، ارتداء أقنعة تغطي ملامح الوجه، ويمنع حمل أسلحة أو ذخائر ومفرقعات نارية، على أن يحق للداخلية استخدام الهراوات في فض المظاهرة، كآخر حل ويبدأ الفض من قبل الداخلية بالمياه المندفعة، ثم الغاز المسيل للدموع، ويزيد العنف في حالة الدفاع عن النفس، والقبض على المشاركين فيها حال اتجاههم للشغب، والخروج عن السلمية؛ وتصل المبالغ جراء غرامات الخروج عن قانون التظاهر إلى 300 ألف جنيه، و100 ألف و50 ألف.
• التظاهر في أمريكا:
كانت أمريكا من أبرز الدول التي عارضت مصر في إصدار قانون تظاهرها الجديد، من خلال الصحف والإعلام، وقالت إنه "يتنافى مع المعايير الديمقراطية"، وعلى الرغم من ذلك فإن القانون الأمريكي بشأن التظاهر يعد من أكثر القوانين قسوة وحدة.
يجب أن يتم إبلاغ الجهات الأمنية بأماكن التظاهر قبلها بثلاثة أيام على الأقل، عن طريق الاتصال المباشر، ويمنع المبيت في مكان المظاهرة، ويتم تأمينها بسياج حديدي متنقل، ويتم فتحه للانتقال الحر من خلاله، ولكن يجب ألا تتدخل القوات الأمنية في توجيه المظاهرة أو إنهائها، كما يمنع دخول قوات الأمن حدود المظاهرة.
ويمنع على أفراد المظاهرة الوقوف في الشوارع، قبل أو بعد أو في أثناء المظاهرة، أو بجانب أماكن الخدمة العامة، والمطارات، والبنوك، وتجمعات وسائل النقل والسكك الحديد، والمترو، كما يجب تقديم عدد أقصى للمشاركين في المظاهرة ليتم تأمينها بشكل جيد من قبل قوات الأمن.
يحق للمتظاهر رفع لوحات ولافتات تعبيرية، لكن يمنع استخدام مكبرات الصوت العالية، إلا بالحصول على تصريح، ولا يسمح بالكتابة على السيارات أو جدران المنازل، وأخيرا يحق للقوات الأمنية فض التظاهرة، في حالة حدوث شغب أو في حالة الاعتداء على المنشآت الخاصة أو العامة.
• التظاهر في بريطانيا:
أبرز ملامح التظاهر في بريطانيا هو تحديد مكان وعدد الأفراد داخل المظاهرة، فيمكن أن يتم منع مظاهرة لوجودها بجانب قصر باكنجهام، أو بجوار 10 داوننج ستريت، والمدخل الشمالي للوايت هول، والبرلمان، فالشرطة هي التي تحدد المسافات بين المظاهرة والمنشآت الحيوية، بينما تشتهر الهايد بارك باحتضانها للأعداد الكبيرة والغفيرة من المتظاهرين، الذين يذهبون إلى معارضة الحكومة بشكل فج.
غرامات فورية تفرض على المتظاهرين في حينها، عندما يخالفون القانون، فيمنع منعا باتا إعاقة حركة الشارع والوقوف في وجه المارة، ويمنع كذلك الكتابة عل الجدران، وتصل بعض العقوبات إلى الحبس بجانب الغرامة، ويمنع استخدام مكبرات الصوت، والخيام والأدوات التي تؤسس للمبيت في مكان المظاهرة، ويجب استخراج تصريح كتابي قبل البدء في المظاهرة بعدة أيام، يمكن أن تصل لستة أيام في حالة وجود أعداد غفيرة.
• التظاهر في فرنسا:
كذلك الحال في فرنسا، يجب إخطار الجهات الحكومية بمكان وأعداد المظاهرة، وتفرض غرامة مالية تصل لعدة آلاف يورو، إذا ما خالفت المظاهرة النصوص القانونية المتبعة داخل البلد، وتزيد قيمة الغرامة إذا ما خرجت مظاهرة غير مصرح بها من الأساس، أو إذا حمل المتظاهر أسلحة في وجه الشرطة والمارة.
على الرغم من ذلك فإن فرنسا كفلت حق التظاهر منذ عام 1789، وللشرطة أن تفرق المظاهرة حال خروجها عن السلمية، أو إذا حدث شغب في الشارع، ويسمح القانون الفرنسي باستخدام الأسلحة النارية والمدرعات في فض المظاهرات الخارجة عن السلمية، وهو الأمر الذي يحمل كثير من القسوة والعنف في التعامل مع المظاهرات.
• التظاهر في روسيا:
تتشابه روسيا مع مصر في قانون التظاهر الجديد الخاص بها، فيما يتعلق برفضه من قبل المعارضة، وعلى الرغم من ذلك، اعتمده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما أدى لوقوف المعارضة في وجهه بشراسة، فبعد أن أقره تم اقتراح إضافة 400 صياغة عليه، لكي يوافق البرلمان، وهو ما لم يحدث، عقب 11 ساعة من المداولة حول القانون، ولكن تم تمريره في نهاية المطاف، وكانت حجة بوتين حماية بلاده من التهديدات المستمرة التي تطالها.
ولعل أكثر مظاهر القسوة في القانون الروسي المتعلق بالتظاهر، هو منع ارتداء الأقنعة خلال المسيرات، والتعامل بكل حزم وقوة مع المخالفين لقانون التظاهر، والمشاغبين، ومن يلحقون ضررا بالمواطنين الآخرين، كما يدفع المتظاهرون غرامة كبيرة، حال خروجهم عن الطريق المعلنة للمسيرة، أو مواجهة رجال الشرطة، تصل في أعلى معدلاتها لـ20 ألف دولار، ما جعل هذا القانون يسمى بـ"المضاد للشعب".