.. وغابت ابتسامة دلال عبدالعزيز
وغابت ابتسامة دلال عبدالعزيز
انتشر الخبر الصادم ملء السموات والأرض، غصت القلوب وذرفت الدموع، وارتفعت الأيادى عالية لتطلب للسيدة المحبوبة الرحمة لا الشفاء هذه المرة، بقدر الابتسامات التى زرعتها فى قلوب محبيها على قدر الحزن الذى غلف القلوب نفسها، لترحل دلال عبدالعزيز بعد أيام طويلة قضتها فى مواجهة المرض، ولكنها لم تكن سوى أيام لتلحق بحبيب عمرها سمير غانم الذى أبت فراقه فى الحياة والموت. «الجدعة بنت الأصول» هكذا يتذكرها زملاؤها فى الوسط الفنى، «أطيب قلب فى الدنيا» وهكذا تتذكرها عائلتها، «معجونة بماء الفن» هكذا وصفها النقاد، أما جمهورها فيذكرها كأسطورة فنية قريبة منهم بملامحها وطباعها، هى والدتهم وشقيقتهم وابنتهم، وهى ستظل خالدة فى أعمالها العصية على النسيان.
أسطورة فنية أجادت التعبير عن المرأة المصرية
أداء تمثيلى سهل ممتنع، واختيارات ذكية صنعت منها أسطورة فنية لن تتكرر، سيتذكرها دائماً الجمهور، كما كانت مبدعة نجحت فى التعبير عن المرأة المصرية فى أعمالها بصدق شديد، أجادت اختيار أدوارها؛ فقدمت على مدار مسيرة استمرت لأكثر من 40 عاماً ما يتجاوز الـ200 عمل، فظلت تعمل حتى آخر أيام قبل الوعكة الصحية التى أنهكت جسدها وتوقف عن المقاومة بعد أكثر من 90 يوماً. تعود بداية دلال عبدالعزيز الفنية إلى المخرج نور الدمرداش الذى اكتشف الفتاة التى أتمت دراستها فى كلية الزراعة بجامعة الزقازيق، وجاءت إلى القاهرة تلتمس خطواتها الأولى فى عالم الفن الواسع، حيث قدمها «الدمرداش» للمرة الأولى فى مسلسل «بنت الأيام» عام 1977.
نجحت «دلال» فى لفت الأنظار إليها بعد عدد من الأعمال الدرامية الناجحة، وهو ما أهّلها للوقوف أمام سمير غانم فى مسرحية «أهلاً يا دكتور» عام 1981، لتبدأ قصة الحب بينهما والتى تكللت بالزواج عام 1984.
وقفت «دلال» أمام مجموعة كبيرة من عمالقة الفن فى فترة مهمة من حياتها، وكان للأمر أثر كبير فى صقل موهبتها الخام، وجعلها أكثر بريقاً وسطوعاً، منهم فريد شوقى وفؤاد المهندس، بالإضافة إلى محمود المليجى، وخلال تلك الفترة خاضت عدداً من التجارب السينمائية المختلفة، كما تعاونت مع أبرز المخرجين.
قدمت النجمة الراحلة، على مدى مشوارها الفنى الممتد، مجموعة كبيرة من الأعمال ما بين السينما والدراما والمسرح، وكانت جزءاً من أهم الأعمال الفنية على الشاشة والتى جسدت شخصيات تركت بصمات بارزة فى وجدان الجمهور، وكان آخر أعمالها فى سباق الدراما الرمضانية 2021 بمسلسل «ملوك الجدعنة».
الأم المصرية.. السيدة الصعيدية، والصديقة المخلصة، كلها أدوار نجحت «دلال» فى رسم أبعادها على الشاشة ببراعة شديدة، فلن تتصور أن الأم فى «سابع جار» هى نفسها «نعمة» صديقة جليلة و«صاحبتها الحلوة» فى «حديث الصباح والمساء»، أو السيدة المتسلطة صاحبة النظرة الثاقبة «فطوم» فى «الناس فى كفر عسكر»، أو فتاة الليل «بلبل» التى تبحث عن فرصة للحياة النظيفة فى «مبروك وبلبل»، وغيرها العشرات من الأعمال التى ستظل بصمات لن تنسى فى مشوارها الفنى.
لم يقتصر إبداع دلال عبدالعزيز على مسيرتها الخاصة فقط، بل كانت تحرص على المشاركة فى مجموعة من الأعمال سواء السينمائية أو التليفزيونية لدعم أبطالها الشباب، فشاركت مع أحمد مكى فى «لا تراجع ولا استسلام»، ومع أحمد حلمى فى «آسف على الإزعاج»، كما شاركت فى مشاهد قليلة كضيفة شرف فى فيلم «سمير وشهير وبهير»، وحرصت على الظهور فى مسلسل «فى بيتنا روبوت» لدعم المنتج الشاب هشام جمال فى أولى تجاربه التمثيلية. ولكن دعمها لبنتيها يعتبر فصلاً مختلفاً فى حياتها، فكانت دائمة الظهور فى أعمالهما السينمائية لدعمهما بشكل متواصل، فكانت ضيفة أيضاً فى آخر أعمال ابنتها دنيا سمير غانم «عالم موازى»، الذى كان من المقرر عرضه فى سباق الدراما الرمضانية الماضى، ولكنها لم تستكمل تصويره بسبب إصابتها بفيروس كورونا.