إسرائيل تخشى مواجهة «داعش».. وتنتقد التقارب «الإيرانى - الأمريكى» للقضاء على التنظيم الإرهابى
«كيف نتعامل مع الواقع الجديد الذى يسود على حدودنا مع هضبة الجولان والذى يتميز كل يوم بالذبح وقطع الرؤوس؟ هكذا الشرق الأوسط الجديد بعد «الربيع العربى» الذى يؤكد أننا نعيش حالة من العبث يجب أن نتصدى لها وللبرابرة من قياداتها سواء كانوا على حدودنا الشمالية أو الجنوبية».
هكذا كتب «نداف هعتسنى» فى جريدة «معاريف»، ليعكس برأيه مخاوف إسرائيل، ليس فقط من سياسة «داعش» التى تعاقب أعداءها بقطع رؤوسهم بل أيضاً من مواقف سياسية ترتبت على التعامل مع حالة «داعش» وهو ما يخيف الدولة العبرية ويطير النوم من عينيها.
أول هذه المخاوف التى عبر عنها عدد من الكتاب والمحللين فى إسرائيل تتمثل فى التقارب الإيرانى - الأمريكى لمواجهة التنظيم، وما سيسفر عنه من تباطؤ أمريكى فى إجراءات نزع السلاح النووى الإيرانى، فالمفاوضات بين دول «5+1» مع إيران مستمرة حتى 24 نوفمبر المقبل، وذلك بعد فشل المفاوضين فى التوصل إلى اتفاق. لكن إذا لم تتوصل الدول العظمى إلى تسوية مع إيران حتى ذلك الحين، فهل سيكون فى استطاعة «أوباما» التلويح بالحل العسكرى ضد إيران أثناء انهماكه فى الحرب على «داعش»؟ التقديرات الإسرائيلية تؤكد أن أمريكا ستتقيد إجبارياً فى اتخاذ أى موقف تجاه إيران أثناء تعاون الطرفين للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً مباشراً لها. وتحدث مصدر إسرائيلى رفيع لجريدة «يديعوت أحرونوت» معبراً عن قلق إسرائيل حيال إمكانية إبداء الولايات المتحدة مرونة فى مفاوضاتها مع إيران جراء انشغالها بمحاربة تنظيم «داعش»، واعتبر المصدر أن التقارب الأمريكى - الإيرانى فى مواجهة التنظيمات الجهادية السنية كارثة على إسرائيل.
ومؤخراً تطرق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى هذه المخاوف فى خطابه الأخير بقوله: «من المهم ألا ندع محاربة المتشددين السنة فى داعش تنسينا محاربة الشيعة الأكثر تشدداً، وعلينا ألا نسمح لأى منهما بالحصول على أسلحة دمار شامل».
وأضاف نتنياهو: «يتفاوض اليوم زعماء العالم مع إيران، ونأمل أن يتوصلوا إلى صفقة جيدة»، وتابع: «تطالب إيران بالاحتفاظ بأجهزة الطرد المركزى من أجل إنتاج سلاح نووى ومن المفترض أن تكون هذه الأجهزة تحت رقابة العالم، وإذا لم ينتبه الجميع سيخرجون سلاحهم من مخازنه، ويتمكنون خلال أسابيع من إنتاج قنبلة نووية. وإذا حصلت إيران على السلاح النووى، سوف تشاهدون أموراً لم تتخيلوا يوماً أنها ممكنة وفظائع لا يمكن فهمها. إن أقصى درجة من الإرهاب هو حصول نظام إرهابى على السلاح الأكثر إثارة للخوف. وعلينا منع حدوث ذلك».
وفى نفس السياق كتب عاموس هرئيل فى جريدة «هآرتس» قائلاً: «لدينا ما يخيفنا فى الشرق الأوسط لكن يجب ألا ننسى ونحن نواجه داعش أن تهديد البرنامج النووى الإيرانى لم تتم إزالته بعد. وعلينا أن نبدأ بتعزيز الجهود الاستخبارية دون أن نقدم لشعبنا وجبة مبالغ فيها من الهستيريا، فالخطر أكبر من اللازم لأن إطلاق الصواريخ من غزة وتجهيز إيران للقنبلة النووية أصعب وأشد من خطر داعش».
أما الكاتب إيتان هابر فرصد مخاوف جديدة من «داعش» تتعلق بتنظيمهم وأيديولوجيتهم الإرهابية التى تجهل إسرائيل التعامل معها «حسب تعبيره»، وهو ما أكدته الحرب الأخيرة على غزة حيث أدركت إسرائيل يقيناً أنها تنجح فقط فى الحروب الكبيرة لكنها تفشل فى حرب العصابات والشوارع، وقال «هابر» فى «يديعوت أحرونوت»: «ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية جديدة علينا، لكنها لم تكن إلى الآن فى مركز اهتمام الغرب ولا إسرائيل فلدينا ما يكفى من المشاكل الخاصة، لكن علينا أن نحذر من الاستخفاف بهذه المنظمة الإرهابية، ونقول فى أنفسنا إنهم يبلغون بضعة آلاف ونحن قادرون على القضاء عليهم بقذيفة واحدة، لأن التجربة علمتنا أن جيش الدفاع يجيد فى الحروب الكبيرة فقط، فنحن جيدون فى تحريك الدبابات الثقيلة وآلاف الجنود المشاة، وأسقطنا على مر السنين مئات طائرات للعدو التى لم تنجح فى بلوغ أهدافها، وأضيفت لنا مؤخراً نعمة القبة الحديدية لذلك علينا أن نعترف أننا لا نجيد حرب الشوارع وعمليات القتال الصغيرة فنحن قادرون على أن نغير فى غضون أيام أو فى غضون ساعات أشكال مدن مثل غزة ورفح وخانيونس وقادرون على تدمير أحياء كاملة ومبان متعددة الطوابق، لكن يصعب علينا أن نواجه 12 مخرباً من حماس يخرجون فجأة من تحت الأرض وفى الوقت الذى يريد فيه الغرب منا أن ندفع عنهم ثمن الحرب بين أهل السنة والشيعة وقد تحملنا دائماً مهمة ضرب الأشرار ثم نجدهم يقولون إن الآخرين يدفعون الثمن لكن (الآخر) فى هذه الحال هو نحن، أعنى دولة إسرائيل».