«البنوك الرقمية».. شكل جديد لمستقبل الصناعة المصرفية
المغربى
منذ انتشار جائحة كورونا على نطاق واسع فى مطلع 2020، دخلت الصناعة المصرفية مرحلة حرجة يتم فيها استبدال التكنولوجيا القديمة بمزيج من الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى، وهو ما دفع معظم المؤسسات المالية، وعلى رأسها البنوك، إلى التوجه نحو بناء القدرات الرقمية التى تسمح بإنجاز الخدمات المصرفية للعملاء دون انتظار، حيث تقوم فكرة البنوك الرقمية بالأساس على إنشاء بنوك دون أن تكون لها فروع تقليدية، فى ظل استراتيجية التحول للحصول على الخدمات البنكية عن طريق الإنترنت.
وكشف تقرير حديث لشركة Cornerstone Advisors، أن حجم التهديد الذى يشكله مقدمو الخدمات الرقمية للبنوك التقليدية ارتفع من 14% خلال 2020، إلى 28% خلال النصف الأول من 2021، بالإضافة إلى ارتفاع التهديد الذى تمثله شركات التكنولوجيا المالية مثل PayPal وCredit Karma على البنوك من 29%، إلى 36% خلال 2021.
وأظهر مسح لوحدة AdvantEdge Digital للأبحاث، التابعة لمجموعة CUNA Mutual Group، أن 3 من كل 10 أشخاص سيتركون مزودى الخدمات المصرفية التقليديين إذا وجدوا تجربة مصرفية أفضل عبر الهاتف المحمول فى مكان آخر، وهو ما يؤكد أن التغيير لن يحدث بعد 5 أو 10 سنوات، ولكنه يحدث الآن، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يقولون إنهم يخططون لتغيير مؤسستهم المالية التقليدية خلال عام أو عامين على الأكثر من 12% سنوياً إلى 22%.
وعلى الرغم من أن الجائحة أدت بالفعل إلى تسريع وتيرة التحول الرقمى، فإن توقعات المستهلكين هى التى غيّرت من قواعد اللعبة حتى قبل ظهور الوباء، حيث إن شخصاً واحداً من كل شخصين يعتمد الآن على الموقع الإلكترونى الخاص بمؤسسته المالية أو تطبيق الهاتف المحمول الخاص به، من خلال استخدام إحدى هذه الخدمات مرة واحدة على الأقل فى الأسبوع، مقارنة بـ32% قبل عامين، وفقاً لـCUNA Mutua.
المعطيات السابقة جعلت البنوك المصرية تدرك أهمية التحول، وسارعت إلى تأسيس بنوك رقمية لمواكبة التطور السريع فى الصناعة المصرفية من ناحية، وللحفاظ على عملائها وجذبهم إلى منصاتها الرقمية مرة ثانية من ناحية أخرى، وهو ما جعل 5 بنوك عاملة فى السوق المحلية تتقدم للبنك المركزى المصرى بطلب للحصول على رخصة لإنشاء بنك رقمى.
وكان رامى أبوالنجا، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال، خلال ندوة عبر الإنترنت نظمتها غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، إن عدداً من البنوك تقدمت بطلبات للحصول على رخصة تأسيس بنك رقمى بالسوق المحلية، مشيراً إلى أن البنك المركزى يضع فى الاعتبار عند منح رخص البنوك الرقمية أنظمة الحوكمة فى المؤسسة والبنية التحتية.
«الأهلي ومصر» يحصلان على الموافقة المبدئية لإنشاء بنك رقمي..و«الإمارات دبي وABC وQNB» تتقدم بطلباتها لـ«المركزي»
ويأتى على رأس البنوك التى تقدمت بطلب إنشاء بنك رقمى بالكامل، البنكان الحكوميان «الأهلى ومصر»، اللذان حصلا على موافقات مبدئية من البنك المركزى، إلى جانب بنوك «الإمارات دبى الوطنى، بنك قطر الوطنى الأهلى QNB، والمؤسسة العربية المصرفية ABC».
وسمح قانون البنوك الجديد، الصادر رسمياً فى سبتمبر الماضى، بإنشاء بنوك رقمية ومتخصصة لأول مرة فى مصر، مع إعفائها من شرط الحد الأدنى لرأس المال «5 مليارات جنيه» المقرر للبنوك التجارية.
ويعتزم البنك المركزى إصدار القواعد المكملة لإنشاء بنوك متخصصة لأول مرة فى مصر خلال الربع الثالث من العام الجارى، وذلك بعد الانتهاء من إعداد الضوابط الخاصة بعمل هذه البنوك، وفقاً لمصادر مطلعة صرحت لـ«الوطن الاقتصادى».
وترتكز قواعد إنشاء البنوك المتخصصة فى مصر على إعطاء رخص لتدشين 3 أنواع من البنوك؛ تتضمن البنوك الرقمية، وبنوكاً متخصصة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبنوكاً متخصصة فى المدفوعات.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال إن البنك المركزى سيعرف مبدئياً البنوك الرقمية وتلك المتخصصة فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بـ«البنوك المتخصصة»، مشيراً إلى أن الحد الأدنى لرأس المال لكل منها سيكون محدداً لكل بنك على حدة.
تجربة العملاء
وينتظر العملاء من بنوكهم، خلال الفترة الراهنة، السرعة والبساطة فى تقديم الخدمة المصرفية، وتوحيد القناة التى سيحصلون منها على الخدمة بدلاً من التوجه للفرع لإنهاء بعض الإجراءات، بالإضافة إلى تقديم تصميم مبسط ومتطور للخدمات الرقمية، وألا يكون هذا التصميم مليئاً بالعيوب والأعطال؛ لأن التجربة السيئة للعميل عند استخدام الخدمة قد تؤدى إلى توقفه عن التعامل مع البنك حتى لو كان راضياً عن أداء البنك بشكل عام، خاصة فى ظل وجود منافسين.
عاكف المغربي: أتوقع إطلاق البنك الرقمي في الربع الأول من 2022
وندرس دخول مساهمين
وفى هذا الصدد، قال عاكف المغربى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن البنك ينتظر تعليمات البنك المركزى بشأن إطلاق البنك الرقمى والحصول على الرخصة النهائية.
وأشار نائب رئيس البنك إلى أن رأس مال البنك الرقمى يبلغ نحو 3 مليارات جنيه، متوقعاً إطلاق البنك الرقمى خلال الربع الأول من العام المقبل.
وحول دخول مساهمين مع بنك مصر، قال «المغربى» إن البنك الرقمى مملوك بالكامل حالياً لبنك مصر، مشيراً إلى أن هناك مفاوضات تجرى فى الوقت الحالى مع مجموعة من المستثمرين للمساهمة فى البنك الرقمى.
واستطاعت البنوك المصرية، على مدار الأعوام الماضية، تحقيق نقلة نوعية كبيرة فى أدائها التكنولوجى، من خلال تقديم تقنيات حديثة فى إتمام جميع المعاملات المالية لعملائها، وهو ما مكّن عملاء البنوك من الحصول على تجربة مصرفية رائعة دون الحاجة للانتقال إلى الفرع، أو التعامل مع موظفى البنك.
ويأمل العملاء فى استمرار البنوك المصرية فى تطوير أدواتها الرقمية خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع ظهور تقنيات عالمية جديدة قد تجعل من الخدمة المصرفية أكثر سهولة وأسرع من حيث الوقت.
وتمتلك البنوك المصرية كوادر بشرية متميزة فى التكنولوجيا المالية، وهو ما يدعم بشدة دخول هذه البنوك مرحلة البنوك الرقمية خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع توافر الدعم التشريعى والإدارى الذى يوفره البنك المركزى، فضلاً عن تحسن حالة البنية التحتية التكنولوجية لأغلب البنوك خلال السنوات الأخيرة.