تفاصيل حكم «الدستورية العليا» ببطلان الحبس لمزاولة التمثيل دون ترخيص
المحكمة الدستورية العليا " أرشيفية "
حصلت «الوطن» على نص تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، بشأن الحكم الصادر مؤخرا من المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية عقوبة الحبس لمزاول مهنة التمثيل بدون ترخيص، والمنصوص عليها في قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.
إنصاف لحرية التعبير والإبداع الفني
وجاء حكم «الدستورية» إنصافا لحق حرية التعبير والإبداع الفني التي كفلها الدستور؛ إذ يعود هذا الحكم إلى الدعوى رقم 66 لسنة 31 قضائية «دستورية»، المقامة من ممثلة غير مقيدة بجدول نقابة المهن التمثيلية، اتهمت عام 2008 بأنها زاولت المهنة بدون ترخيص، فدفعت أمام محكمة جنح السيدة زينب بعدم دستورية المادة «5 مكرر» من القانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، المعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2003، فيما نصت عليه من عقوبة الحبس فى مجال سريانها على نص الفقرة الثانية والشطر الأخير من الفقرة الرابعة من المادة «5» من القانون ذاته.
وقد تأسس الحكم على أن ما ورد بنص المادة 5 من القانون المشار إليه من حظر التعاقد أو التشغيل لغير الأعضاء العاملين بالنقابة أو غير الحاصلين على تصاريح عمل مؤقتة، وكذا عقوبة الغرامة الواردة بنص المادة «5 مكرر» من ذلك القانون، لكل من يخالف ذلك، يتوافق مع أحكام الدستور.
عقوبة الحبس تتعارض مع حرية الإبداع الفني
أما بخصوص عقوبة الحبس المرصودة لمن يزاول العمل الفني دون أن يكون مرخصًا له بذلك من النقابة المختصة، فيتعارض مع حرية الإبداع الفني، بوصفها فرعًا من حرية التعبير، ومظهرًا من مظاهرها.
وتنص المادة 5 مكرر التي استحدثت بالقانون 8 لسنة 2003 وأضيفت إلى قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية رقم 25 لسنة 1978 على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام المادة 5 من هذا القانون».
وتنص المادة 5 المعدلة بنفس القانون على أن يحظر التعاقد أو التشغيل لغير الأعضاء العاملين بالنقابة أو غير الحاصلين على تصاريح عمل مؤقتة.
فرض عقوبة سالبة للحربة يشوبها الغلو والإفراط
وقد جاء تقرير هيئة المفوضين الذي أعده المستشار الدكتور طارق عبدالقادر، متضمنا رأيين، أولهما أن فرض عقوبة سالبة للحرية على النحو الوارد بالنص المطعون فيه، مسألة يشوبها الغلو والإفراط في الجزاء، بصورة لا تتناسب مع جسامة المخالفة المرتكبة.
ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أن الجزاء المخل بالحرية الشخصية لا يتناسب مع قدر الجرم المرتكب الوارد بالنص المطعون فيه، في ضوء ما هو مقرر بقضاء المحكمة الدستورية العليا، كما أن الدستور الحالي فرض سياجا من الحماية على الأعمال الفنية والإبداعية وأولاها عناية خاصة لم تقرها الدساتير السابقة، فمنحها العديد من الضمانات التي تضمن رعاية المبدعين وحماية إيداعاتهم الفنية والأدبية وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ومنها ما قرره المشرع من عدم جواز إيقاع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري.
وأضاف التقرير أن فرض المشرع لعقوبة الحبس الواردة بالمادة 5 من قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، قد جاء بغير ضرورة اجتماعية تبررها بالمخالفة لمبدأ سيادة القانون والخضوع لمقتضاه، وبالتالي يكون النص المطعون فيه خالف المواد «4، 94، 65، 67، 95» من الدستور الحالي.
عدم دستورية المادة «5 مكرر»
ومن هذا المنطلق خلص أصحاب الرأي الأول إلى عدم دستورية المادة 5 مكرر من القانون رقم 35 لسنة 1978 في شان إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية – بعد تعديله بالقانون رقم 8 لسنة 2003 فيما نص عليه من إقراره لعقوبة الحبس الواردة بهذا النص تقرير هيئة المفوضين تضمن رأيا أخر بدستورية النص المطعون فيه والتوصية برفض الطعن المقام، مستندا في هذا الرأي القانوني والدستوري إلى أن المشرع حينما قرر عقوبة الحبس كان بقصد مواجهة جريمة عمدية تهدد سلامة المجتمع وهي «مزاولة مهنة التمثيل بدون ترخيص من النقابات المختصة»، وأن الهدف من العقوبة هو التصدي لظاهرة تفشي القيام بأعمال فنية دون ضوابط وما تحمله هذه الظاهرة من دلالات سلبية تنال من توجه الدولة نحو الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
ورغم عرض التقرير للرأيين إلا أن المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار سعيد مرعي قد أخذت بالرأي الأولى في التقرير، وهو عدم دستورية النص المطعون عليه فيما تضمنه من الحبس لمزاولة مهنة التمثيل بدون ترخيص.