"أم مريم" تبيع المناديل وتساعد زوجها السمسار: لو بنتي ماتت يبقى العيشة ملهاش لازمة
تجلس بديعة عبدالهادي، المعروفة بـ"أم مريم" أعلى سلم السودان المؤدي لمحور 26 يوليو، تأخذ الكراتين تجلس عليها وتضلل عليها أشعة الشمس الحارقة وتفرش المناديل عليها، قررت السيدة الستينية أن تخرج إلى الشارع ليس طمعًا أو تسولًا وإنما لكي تنقذ ابنتها التي يطاردها الموت فابنتها مريم التي لم تتعدَّ 23 عامًا والمصابة بالقلب وتحتاج إلى قسطرة كل فترة لكي تستطيع أن تتنفس وتعيش، تساعد "أم مريم" زوجها الذي يعمل سمسارًا بمنطقة أرض اللواء في تأجير شقة للطلبة أو حديثي الزواج، فلا مانع أن تسأل المارة عندما تبيع لهم المناديل "عايز شقة إيجار أو تمليك؟".
"بنتي تعبانة ومريضة بالقلب وحاسبوني لو بكدب"، جملة تقولها "أم مريم" لجميع من يمر أمامها، منهم من يهتم والبعض لا ينظر لها وينصرف من أمامها، لافتة إلى أن ابنتها خلقت بعيب خلقي في القلب فمنذ ولادتها وحتى الآن وهي تحتاج إلى عملية كل 6 أشهر بجانب العلاج الذي يكلفهم المزيد من المصاريف، فتقول "بنتي الوحيدة لولا ولاد الحلال كانت ضاعت مني ومن غيرها الحياة مش هايبقى لها معنى"، مضيفة أنها أتت بعد غياب سنوات طويلة لم تنجب فيها وأنها لا تستطيع أن تستغني عنها وأنها "على استعداد أن تتبرع بقلبها لابنتها بس تعيش سليمة ومتعافية"، حسب قولها.
يعمل زوجها، الرجل السبعيني، سمسار شقق للطلبة وحديثي الزواج، يجلس على أحد المقاهي بمنطقة أرض اللواء، فتقول "أم مريم": "جوزي بيفضل طول النهار يطلع وينزل سلالام وفي الآخر يطلع بـ100 جنيه إذا حد أجَّر شقة وساعات مابياخدش حاجة خالص عشان هما طلبة"، مؤكدة أن معظم الطلبة الجامعات يسكنون الشقق بالمنطقة لأنها قرب جامعة القاهرة والبعض الآخر يسكن بالمدينة الجامعية، حسب وصفها "الطلبة غلابة كفاية عليهم مصاريف الدراسة عشان كده جوزي مابيخدش منهم حاجة".
تسكن "أم مريم" برفقة زوجها وابنتها الوحيدة إحدى الحجرات الخشبية فوق أحد المنازل القديمة بمنطقة أرض اللواء، فتقول: "ربنا يباركلهم صحاب العمارة مابيرضوش ياخدوا مننا إيجار عشان عارفين حالة بنتي وظروف جوزي"، مضيفة أن السقف وقع عليهم عدة مرات بسبب مطر الشتاء والرياح التي يتعرضون لها، حسب قولها "نفسي جمعية تيجي ترمملنا العشة ويتولوا بنتي الوحيدة عشان لو راحت مني يبقى أنا مالهاش لازمة العيشة".