تضحية أب
هو: وجدت زوجتي تقرأ على مسمعي خبرًا مفاده: قدم رجل الأعمال المصري الأصل محمد العريان، استقالته من منصبه كرئيس لأكبر شركة بالعالم للسندات المالية، بسبب رسالة من ابنته تخبره أنه لم يحضر معها أهم مناسبات في حياتها رغم أن عمرها لا يتجاوز العشرة أعوام، ثم صمتت زوجتي وهي تساعدني في إعداد حقائبي للسفر بسبب عملي.
- لا أدري بماذا أعلق وأبرر موقفي هذا بالسفر الدائم والترحال، والظروف الاقتصادية قاتلة للبهجة وتجعلنا نشعر بالتعاسة، لذلك سافرت وما زلت على سفر، وشعرت بالألم والعجز وتعهدت لزوجتي أن أقلل من فترات ابتعادي عن الأسرة، فذات يوم سوف أعود لوطني وبيتي.. لكن متى؟ لا أعلم!.
هي: في كل مرة أعد حقائب زوجي ليسافر لعمله بالخارج تنتابني مشاعر متناقضة بين رغبتي في بقائه بجوارنا ورعاية أسرتنا الصغيرة، وبين متطلباتنا التي لا تنتهي والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، فهو يشعر بذلك ويقدر معاناتي أيضًا.
في كل عام، نتفق أن ذلك هو العام الأخير في الغربة، لكن كثير من المستجدات وطلبات "العيال" ومصاريفهم التي تتكاثر بطريقة جنونية تجعله يحجم عن الاستقرار بالوطن.. في ذلك العام أخبرني ووعدني أنه سوف يجد حلًا للشتات الذي بيننا، ربما يقلل من فترات ابتعاده ونقضي الإجازة الصيفية معه لكن الثابت أنه لن يترك أبدًا عمله بالخارج، قائلًا: "إنها رومانسية وتضحية في غير آوانها عزيزتي".