مرضى الكبد.. حكايات حزينة جداً على «مقاعد الانتظار»
«حلمى»: تعبت والله.. بقالى 6 أسابيع.. والنهارده قالوا لى فوت علينا بكرة.. وأنا مش معايا فلوس آجى تانى
«فتحى»: كل ما أقول خلاص هانت يرجعوا يطلبوا أشعات وتحاليل جديدة.. وكلها غالية وعلى حسابى.. ومش معايا فلوس أجيب الدواء
بجانب أحد منافذ التقديم لاستخراج قرار العلاج على نفقة الدولة بالمعهد القومى للكبد، الواقع فى شارع قصر العينى بالقاهرة، يمتد طابور من المرضى، منهم المتكئ على مُرافق والجالس على مقعد نادراً ما يخلو، وآخرون يفترشون الأرض، منهم من غلبه النوم من الانتظار والتعب فمدّد جسمه على إحدى «الدكك» المنتشرة فى أرجاء المكان. حلمى محمد محمود، صاحب السبعين عاماً القاطن بحى بولاق، كان ممن هزمهم النعاس يائسين من إنهاء قرار علاجهم على نفقة الدولة سريعاً.
على العكس مما صرح به الدكتور خالد قابيل، أحد المسئولين عن إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، بأن «مدة استخراج القرار لا تتجاوز الأسبوع»، فإن «حلمى» يؤكد أنه تردد على المستشفى أملاً فى استخراج القرار «بقالى أكتر من 6 أسابيع».
تكاد عيونه تدمع خلال حديثه بنبرة مبحوحة مكتومة: «تعبت والله، بقالى 6 أسابيع من وقت ما قدمت على قرار العلاج على نفقة الدولة عشان عندى الكبد.. والنهارده قالوا لى إن القرار موجود بس المعاد المحدد لفتح وتسليم القرارات انتهى، معلش فوت علينا بكرة، واتحايلت على الدكاترة وقلت لهم إنى راجل عيان ومش معايا فلوس آجى كل شوية، لكنهم قفلوا فى وشى الشباك وقالولى إنه مفيش فايدة لازم تيجى بكرة».
يتابع مريض الكبد الطاعن فى السن أنه تعرّض لإغماءات قصيرة خلال الطريق «من شدة التعب»، بحسب ما يقول حلمى.. «كل شوية تجيلى غيبوبة فى الطريق والناس تفوقنى».[FirstQuote]
تشير ملامح عادل عبدالقوى منصور، 56 عاماً، إلى عمر أكبر من عمره الحقيقى، ويقول منصور إن السبب مرضه بفيروس الكبد الوبائى «سى» فى مرحلة متأخرة، كما أخبره طبيبه المعالج، وكما هو الحال مع «حلمى محمد»، فقد مكث عبدالقوى لساعات داخل المعهد القومى للكبد فى انتظار صدور قرار علاجه على نفقة الدولة: «الحمد لله القرار طلع، بس كل ما أروح عند شباك قرارات العلاج على نفقة الدولة الموظف هناك يقول لى أستنى شوية لحد ما اتفاجئت بيهم بيقفلوا وبيقولوا إن ساعات العمل الرسمية الخاصة بيهم انتهت».
سيدة تنتظر إنهاء إجراءات العلاج
يبلغ شعبان فتحى خمسين عاماً، أصيب خلالها بفيروس كبدى دفعه للسعى وراء الحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة. وبحسب فتحى، الذى يعمل حارساً لأحد عقارات المهندسين، فإنه اكتشف إصابته بالمرض منذ عام ونصف العام، لكنه لم يتناول أى علاج من وقتها: «مش معايا فلوس أجيب علاج الكبد، ولا عارف أستخرج قرار علاج من الحكومة، وكل ما أقول خلاص هانت، يطلبوا منى أشعات وتحاليل جديده، ولأن الأشعة والتحاليل من بره المستشفى فأنا باتكلف تمنها الغالى على حسابى».[SecondQuote]
وتشكو أمينة راشد سلامة (٤٨ عاماً)، مريضة الكبد التى تسكن قرية غمازة الكبرى بالجيزة، من عدم تمكنها من صرف قيمة علاج فيروس سى، الذى أُصيبت به خلال إجرائها جراحة استئصال المرارة والطحال.. «عملت عملية المرارة والطحال من سنة ووقتها قالوا لى إن عندى الفيروس، ولحد دلوقتى ماخدتش أى علاج، وكل أسبوع بركب وآجى معهد الكبد أنا وجوزى، وهو فلاح وبرضو عيان، بس هو الوحيد اللى ممكن ييجى معايا لأن أولادنا واحد فى الجيش والتانى شغال فى بلد بعيدة».
ترقب وأمل بين مرضى الكبد لسرعة العلاج
مانجة سعيد (٣٥ عاماً) قامت بإجراء أكثر من جراحة لاستئصال كيس مياه زائد على الكبد أكثر من مرة ليعود من جديد إلى أن قرر الأطباء إجراء جراحة لاستئصال الفص الأيسر من الكبد وقدمت القرار فى السادس من يوليو الماضى وحتى الآن لم تتسلمه، وتقول: «المشوار لبيتى فى قنا بياخد وقت طويل، علشان كده بضطر أقعد عند جماعة قرايبى فى القاهرة لأنى بتعب من السفر، ومشوار قرار العلاج المرة دى كمان جه على قلة فايدة».
أحمد شمس، فى الأربعين من عمره، ويسكن فى حى دار السلام، وكان أحمد قد أصيب بفيروس الكبد «بى» مما دفعه للبحث عن علاج على نفقة الدولة منذ يوم 28 سبتمبر الماضى: «أخدت رقم ٤١٩ والنهارده طلعت اسأل على القرار قالوا لى إنه ماليش قرار، ولما رحت للموظف المسئول عن قرارات العلاج فى المعهد؛ قال لى إنه فعلاً مفيش قرارات باسمى، ورجع قال لى تعالى تانى بعد ١٥يوم وأنا هشوف مشكلتك».[ThirdQuote]
ويستكمل «شمس» حديثه: «عشان الفيروس خامل منتظرين لما يبقى سى ويحصل تليف علشان يبقوا وقتها يطلعوا لنا قرارات العلاج».
بوجه حزين مكسور اشتكى سيد فهمى بدر حميدان، الذى انتقل للعيش فى حى دار السلام تاركاً مسقط رأسه فى الأقصر للبحث عن فرصة عمل منذ أكثر من ١٠ أعوام، ويعمل فى أحد الجراجات بالقاهرة، إلى أن ابتُلى بفيروس سى منذ نحو عامين استطاع خلالهما أن يحصل على قرار بالعلاج على نفقة الدولة بعد مضىّ سنة من تقديمه طلب الحصول على قيمة العلاج من الدولة، وبحسب «فهمى» فقد انتشر المرض فى جسده خلال تلك السنة وكاد أن يموت. ويقول سيد إن «المشكلة دلوقتى فى استكمال قرار العلاج» والذى يتأخر فى أحيان كثيره لشهر وهو ما يجعله يتأخر فى أخذ الجرعة المحددة.
من جهة أخرى تقول سعاد محمد، إحدى مريضات الكبد، إنها كانت تعالج فى معهد الأورام على نفقه الدولة حتى اكتشف الأطباء إصابتها بفيروس سى فحوّلوها إلى معهد الكبد الذى رفض المسئولون فيه علاجها على نفقة الدولة من الفيروس الكبدى قائلين: «ماينفعش ينصرف ليكى علاج عشان انتى بيتم علاجك فى الأورام».. و«أنا من شهرين ولا باخد الدواء الخاص بالورم ولا الخاص بالكبد» وفق سعاد.
وعلق الدكتور خالد قابيل، المدير التنفيذى للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية وأحد المسئولين عن استخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة بأن «قرار العلاج على نفقة الدوله لا يستغرق استخراجه أكثر من أسبوع وإن أى تأخير فى القرار يكون سببه المريض نفسه».
أخبار متعلقة:
جدل حول إجراءات «الصحة» للتعامل مع «الحالات الخطرة والحوادث»
رئيس هيئة الإسعاف: 75% من سيارات الإسعاف تصل فى موعدها.. وسرعة الاستجابة «معيار النجاح»
خبراء: إجراءات الطوارئ والإسعاف تحتاج إلى «غرفة عمليات» لمتابعة التنفيذ