"حماية وحرية الصحفيين": الانتهاكات ضد الصحفيين تتزايد في العالم العربي
وصف مركز "حماية وحرية الصحفيين" إفلات مرتكبي الانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام، بأنه ظاهرة تشترك فيها كل الدول العربية، سواء تلك التي تشهد صراعات ونزاعات مسلحة، أو تلك التي تتمتع بالاستقرار السياسي.
ودعا المركز، في بيان له اليوم بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العالمي من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين، الإعلاميين والصحفيين العرب إلى عدم السكوت عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، واللجوء إلى كل الطرق القانونية والسلمية، لملاحقة الجهات التي تمارس أشكالاً متعددة من الاعتداء على الصحفيين أثناء قيامهم بواجبهم المهني.[FirstQuote]
وأفاد أن مؤشرات رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين في العالم العربي، أظهرت أن الأجهزة الأمنية سواء في الدول التي تشهد استقرارًا سياسيًا أو صراعات داخلية، هي أكثر الجهات التي تعتدي على الإعلاميين وتفلت من العقاب، تليها مباشرة اعتداءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الصحفيين الفلسطينيين والأجانب في الضفة الغربية، ثم الجماعات والتنظيمات المسلحة ومجهولي الهوية في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال.
وأوضح المركز أن أخطر الانتهاكات التي يفلت مرتكبوها من العقاب، تتمثل في ظاهرة قتل الإعلاميين، حيث بلغ عدد الصحفيين الذين ذهبوا ضحايا الاغتيالات والقتل العمد منذ بداية عام 2014 وحتى نهاية أكتوبر الماضي 22 إعلاميًا، منهم 13 لقوا مصرعهم أثناء قيامهم بالتغطية الإعلامية، فيما تعرض 33 إعلاميًا لمحاولات اغتيال بعضها باء بالفشل وبعضها الآخر نتج عنه إصابات بالغة وخطيرة.
ونوه المركز، في بيانه، بأن هناك زيادة كبيرة في الانتهاكات التي ارتكبها مواطنون عاديون وأندية رياضية وأحزاب ونقابات وطلبة جامعات، نتيجة الانقسامات التي شهدها الشارع العربي خلال الخمسة أعوام الماضية، وشملت انتهاكاتهم الاعتداءات الجسدية واللفظية ومنع الصحفيين من التغطية دون أي مبرر أو مسوغ قانوني يسمح لهم بذلك، وبوجود وعلم الأجهزة الأمنية التي لم تتدخل لوقف هذه الاعتداءات.[SecondQuote]
وأفاد البيان أن غالبية الدول العربية تختلق ذرائع متشابهة لمنع معاقبة مرتكبي الانتهاكات بحق الإعلاميين وإفلاتهم من العقاب، مشيرًا إلى أن السلطات العامة لا تقوم بإجراء تحقيقات جدية في الانتهاكات، ولا تتخذ التدابير القانونية اللازمة، وتحمي الجناة باعتبارهم يتمتعون بالحصانة، والأهم أنها تغض النظر عن الانتهاكات بحجة قوانين الطوارئ والأخطار التي تهدد الأمن الوطني.
وأكد المركز أن الصحفيين الذين يقدمون شكاوى عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، لا يجدون تفاعلاً وسرعة في متابعة شكاويهم، ولا تتسم الإجراءات التي تتخذها السلطات العامة بالحياد والجدية، بل على العكس فإنها تعمد إلى الإحجام عن تقديم الأدلة وتخفيها، وهي بذلك تحمي المتورطين، وخاصة من الأجهزة الأمنية والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون من العقاب.
ووفقًا للإحصائيات التي قامت بها شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي "سند"، فإن أكثر الإعلاميين يتجنبون تقديم شكاوى ضد الجناة الذين يمارسون الانتهاكات بحقهم، مرجعة ذلك إلى عدم ثقة الإعلاميين بأن السلطات العامة ستقوم بإنصافهم وإتمام الإجراءات لملاحقة ومحاسبة الجناة، كما أنهم يخافون من إجراءات انتقامية قد تتخذ بحقهم.[ThirdQuote]
وأضاف البيان أن الاعتداءات التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الإعلاميين ومؤسسات الإعلام أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة "واضحة ومتعمدة" وتستوفي كل شروط وأركان الجريمة التي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب، حيث لقي نحو 16 إعلاميًا مصرعهم إما بالاستهداف المتعمد بالقتل أو أثناء قيامهم بتغطية العدوان على القطاع، لافتًا إلى ضرورة توثيق هذه الاعتداءات الوحشية والصارخة والمتكررة، وتقديمها لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بهدف الإنصاف ومعاقبة الجناة.
وأبدى نضال منصور، رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين، خشيته من تفاقم الاعتداءات المتعمدة على الصحفيين في مناطق الصراع، والتي تفقدهم حياتهم في ظل ضعف وسائل الحماية والسلامة لهم، إلى جانب خشيته من تفاقم الانتهاكات التي تمارسها الأنظمة والحكومات المستقلة في ظل غياب معاقبة الجناة وإنصاف الضحايا من الإعلاميين.
وأشار منصور إلى أن إفلات مرتكبي الاعتداءات على الصحافة، بات ظاهرة منتشرة في كافة الدول العربية، منبهاً إلى أن استمرار هذه الظاهرة إلى جانب سكوت الإعلاميين أنفسهم وعدم إفصاحهم عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، يوسع ويزيد من الاعتداءات على الصحفيين ويقوض حرية الرأي والتعبير والإعلام بشكل مباشر، ويجب اعتباره شكلاً ظاهراً وصريحاً من أشكال الاعتداء على حرية الصحافة.
ونبه منصور إلى أن جهود مكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد حرية الصحافة، لا تزال ضعيفة وتحتاج إلى تعاون كافة المنظمات والمؤسسات المعنية في الدفاع عن حقوق الإنسان، وإلا ستتعرض حرية الصحافة إلى ما هو أسوأ في السنوات المقبلة.