في ذكرى ميلاد «شاعر قضية فلسطين» الـ81.. كواليس 24 شهرا لـ«محمود درويش» في مصر
كواليس تعيين محمود درويش في الأهرام بمساعدة محمد حسنين هيكل
محمود درويش
ارتبط اسمه بشعر مقاومة الاحتلال الصهيوني، ومزج في أشعاره حب الوطن مع الحبيبة سواء كانت أما أو أختا أو زوجة، وكانت أشعار محمود درويش الذي عُرف بـ«شاعر القضية الفلسطينية»، شكل جديد في الشعر العربي، دخلت فيه الرمزية.
محمود درويش.. شاعر المقاومة الفلسطينية
ولد درويش في مثل هذا اليوم قبل 81 عاما، في قرية البروة بفلسطين، وارتحل بين كثير من البلدان وبينها مصر، التي أقام فيها في سبعينيات القرن الماضي، وهي الإقامة التي اعتبرها الكاتب سيد محمود، «صفقة سياسية واضحة المعالم»، قائلا: «الدولة المصرية استخدمت القوى الناعمة لخدمة الخط العام للسياسة المصرية، وهو ما خدم الدولة المصرية كما خدم القضية الفلسطينة بشكل كبيرة جدا، بظهور أهم أصوات المقاومة الفلسطينية للناس».
«تجربة وجود محمود درويش في مصر واحدة من أهم التجارب التي تقدم إشارة مهمة، بشأن كفاءة أجهزة الدولة المصرية في ظرف سياسي حرج أعقب نكسة 1967»، حسب ما أكد محمود لـ«الوطن»، قائلا إنّ الإعلام المصري تعرض آنذاك لأزمة ضخمة جدا، وأصبحت القومية العربية مادة للسخرية، وتزايدت أزمة القضية الفلسطينية وعزلة عرب 48، وفي هذه الظروف كانت الدولة المصرية بحاجة إلى إعادة الثقة لهذه العناصر.
شعراء الأرض المحتلة
يرى الكاتب أنّ أهم ظاهرة نتجت عن الحرب آنذاك، هي «شعراء الأرض المحتلة»، الذي تبنوا خطابا مقاوما للهزيمة، وفي مصر كانت دار الهلال تحت رئاسة أحمد بهاء الدين، والأهرام تحت رئاسة محمد حسنين هيكل، فالأولى استعانت بشبكة من المراسلين على قدر من الكفاءة، بينهم الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، والذي أعد سلسلة تحقيقات عن ظاهرة شعراء الأرض المحتلة، وبينهم سميح القاسم وتوفيق زياد ومحمود درويش.
أما كامل الزهيري، رئيس تحرير مجلة الهلال، فأعاد بحسب «محمود» نشر ديوان كامل لمحمود درويش «آخر الليل»، الذي ضمّ القصيدة الشهيرة «سجل.. أنا عربي»، وكان أول خروج لشعر محمود درويش خارج بلاد الشام، وتحول في مصر إلى نجم قبل مجيئه إلى مصر، وأصبح معروفا بشكل كبير.
محمود درويش استقبل استقبال الفاتحين عند مجيئه إلى مصر
يقول محمود، أنّ فترة إقامة محمود درويش في مصر في الفترة من 1971 إلى نهاية 1973، تناولها كتاب «محمود درويش في مصر.. المتن المجهول»، حيث التقى في بلغاريا وفودا لشعراء مصريين في مؤتمر الشباب في 1968، حيث كان الوفد المصري الرسمي برئاسة يوسف السباعي، وغير الرسمي برئاسة رفعت السعيد، وتعمّقت العلاقات مع أعضاء الوفد المصري على المستويين الرسمي والشعبي.
أشار الكاتب إلى أنّ محمود درويش أُتيحت له منحة للدراسة في روسيا، وهناك تعمّقت علاقته بشخصيات مصرية، منهم السفير مراد غالب، والشاعر عبدالرحمن الخميسي، الذي كان أحد الرموز المهمة في روسيا في هذا الوقت، وغيرهما، ثم جاء لقاءه مع أحمد بهاء الدين، الذي زار موسكو، ثم كتب عن الزيارة وتحدث عن اللقاء مع الشاعر الشاب- آنذاك- معربا عن تمنيه ألا يعود محمود درويش إلى إسرائيل بعد المنحة: «حدثت ترتيبات رسمية على مستوى عالٍ، من خلال وزارة الإعلام المصرية، وتمّت دعوة محمود درويش إلى مصر، ووصل في 9 فبراير 1971، واستقبل وقتها استقبال الفاتحين وأقيم له مؤتمرا صحفيا في مبنى التليفزيون».
ثورة التصحيح
أكد «محمود»، أنّ «درويش» عمل في دار الهلال في الفترة الأولى لوجوده في مصر، ثم حدثت ما عرف بـ«ثورة التصحيح»، التي خرج بها السادات في مايو 1971، وتسبّبت في أزمة بين السادات وبهاء الدين، لكن من خلال محمد حسنين هيكل، عُين «شاعر القضية الفلسطينية» باحثا في مركز الدراسات السياسية بالأهرام، بداية من 9 أكتوبر 1971: «لديّ مستندات على ما أقول».
وتابع الكاتب، أنّ «درويش» انضم بعد فترة إلى القسم الأدبي في مجلة الطليعة اليسارية، ثم تأسس في مصر المجلس الوطني الفلسطيني برئاسة ياسر عرفات، فانضم إليه محمود درويش، مشيرا إلى أنّ الدولة المصرية وفرت له شقة في حي جاردن سيتي في العمارة التي كان يسكنها توفيق الحكيم، وعاش حياة شديدة الرفاهية، كانت موضع انتقاد شعراء مصريين مثل أحمد فؤاد نجم ونجيب سرور، وطُرح انتقال محمود إلى بيروت، بعد انتصار أكتوبر 1973 وبالفعل انتقل إلى لبنان في هذا العام.