«الوطن» ترصد أهم القضايا العالقة: عدالة فى «علم الغيب»
وضعت تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، التى أصدر بها الرئيس عبدالفتاح السيسى قراراً جمهورياً أمس الأول، بـ«إلزام قضاة التحقيق بالانتهاء من تحقيقاتهم فى القضايا المنتدبين لها خلال 6 أشهر»، حداً لتراكم القضايا أمام قضاة التحقيق، وألزمت كذلك بسرعة إنجاز تلك القضايا والتصرف فيها على وجه السرعة، لتحقيق العدالة الناجزة والقضاء على بطء التقاضى.
وتقضى التعديلات الجديدة بجواز مد التحقيقات 6 أشهر أخرى فى حال اقتضت الظروف ذلك، وأن يكون تنفيذ هذا الإجراء بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة أو من تفوضه.
«الوطن» رصدت أهم القضايا العالقة أمام قضاة التحقيق منذ سنوات، ولم يجرِ التصرف فيها حتى الآن، لأسباب متنوعة، وعلى رأس هذه القضايا «تزوير الانتخابات الرئاسية 2012» لصالح مرشح جماعة الإخوان المعزول محمد مرسى، التى تناوب عليها 4 قضاة تحقيق، ولم يجر التصرف فيها حتى الآن.
وكان أول قرار بندب قاضٍ للتحقيق فى هذه القضية صدر فى يناير 2013، حيث قرر المستشار أحمد مكى، وزير العدل آنذاك، ندب المستشار أسامة قنديل للتحقيق فى بلاغ الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق والمرشح الرئاسى الخاسر فى انتخابات الرئاسة 2012. وبعد 3 أشهر من تولى «قنديل» ملف القضية، اعتذر عن عدم استكمال التحقيق فيها، وهو ما استلزم ندب قاض آخر بدلاً منه وهو المستشار منصور موسى، الذى اعتذر كذلك بعد شهر من انتدابه دون التحقيق فى القضية، ليجرى ندب المستشار محمد عبدالرحمن أبوبكر لاستكمال التحقيق، لكن ما لبث هو الآخر حتى تنحى عن التحقيق فى القضية فى سبتمبر الماضى، ليتم ندب المستشار عادل إدريس للتحقيق فيها.[SecondImage]
بدأ «إدريس» عقب انتدابه، التحقيق فى القضية والاستماع إلى أقوال الشهود، وأصدر قراراً بحظر النشر فيها، لكنه فوجئ فى 29 أبريل 2014 بقرار من المستشار نبيل صليب، رئيس محكمة استئناف القاهرة فى هذا الوقت، بإلغاء قرار ندبه، وندب قاضٍ آخر هو المستشار طارق العقاد.
«الفساد المالى بوزارة الداخلية»، ثانى أهم القضايا العالقة والمحظور فيها النشر أيضاً، ويتولى التحقيق فيها المستشار محمد عبدالرحمن أبوبكر. وتعود وقائع هذه القضية إلى بلاغات تلقاها جهاز الكسب غير المشروع فى عهد حكم الإخوان، وأحالها إلى وزير العدل لندب قاضٍ للتحقيق فيها، حيث أصدر قاضى التحقيق قراراً بمنع عدد من قيادات وزارة الداخلية من السفر، على خلفية اتهامهم بالحصول على مليار و650 مليون جنيه من خزانة الوزارة دون وجه حق، غير أن تفاصيل التحقيق حظر نشرها بقرار من قاضى التحقيق، الذى تقدم مؤخراً ببلاغ إلى النائب العام ضد مسئولى قناة «الجزيرة» لخرقها قرار حظر النشر، وما زالت القضية قيد التحقيق ولم يتم التصرف فيها حتى الآن.
وتأتى قضية «فساد وزارة الزراعة» كثالث أهم القضايا العالقة، ويتولى التحقيق فيها المستشار أحمد إدريس، من عام 2010 ولم تنتهِ حتى الآن، ووفقاً لمصدر قضائى مقرب من «إدريس»، فإنه صدر العديد من القرارات بالتصرف فى كثير من هذه القضايا، وأن القضايا الأخرى سيتم الانتهاء منها خلال المدة المحددة فى القانون.
وإضافة إلى القضايا السابقة تحل أيضاً قضية «الفساد المالى بمؤسسة الأهرام»، التى يتولى التحقيق فيها المستشار ثروت حماد، وصدر فيها العديد من القرارات سواء بالحبس أو التسوية المالية، علاوة على قضية «أحداث ماسبيرو» التى يحقق فيها أيضاً المستشار ثروت حماد، واستمع فيها للعديد من الشهود، لكن لم يصدر قراراً بالتصرف فيها، سواء بالحفظ أو إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، حتى الآن.
وتتذيل قضية الاعتداء على المتظاهرين وإصابة عدد منهم إبان ثورة 25 يناير، فيما عُرف بـ«موقعة الجمل»، القضايا الهامة التى ما زالت قيد التحقيق، وهى عبارة عن بلاغات تتهم القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، عضو مكتب إرشاد الجماعة «الإرهابية»، وأسامة ياسين، وزير الشباب فى عهد الإخوان، والداعية الإخوانى صفوت حجازى، المحبوسين حالياً على ذمة قضايا أخرى، بالاشتراك والتسبب فى أحداث «موقعة الجمل» فى الثانى من فبراير 2011، ويحقق فى القضية المستشار أحمد عبدالعزيز قتلان، منذ عام 2012، ولكنه ينتظر وصول تحريات تكميلية للانتهاء منها.
مصدر قضائى رفيع المستوى قال إن التعديلات الجديدة على قانون الإجراءات الجنائية تتفق مع نص المادة 97 من دستور 2014، وتنص على أن: «التقاضى حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى، وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا»، لكنه طالب بإدخال تعديل على القانون لتحديد مواعيد زمنية للجهات المعاونة لقضاة التحقيق للانتهاء من تقاريرهم، وكذلك منح المحقق سلطة توقيع جزاء وغرامة مالية لا تجاوز 5 آلاف جنيه على من لا يلتزم بهذه المواعيد أو إحالته إلى الجهة الإدارية التابع لها، لتوقيع الجزاء المناسب عليه لتحقيق العدالة الناجزة.
من جانبه، وصف الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، التعديلات بـ«حسنة النية»، موضحاً أنها تصب إجمالاً فى صالح التحقيقات وإنجاز العدالة، خصوصاً أن القانون لا يسمح لرئيس محكمة الاستئناف بالتدخل لإنهاء ندب قاضى تحقيق، وإنما الأمر فى النهاية مرده للجمعية العمومية المفوضة وبنصوص واضحة إذا انتهت المدة المقررة قانوناً للقاضى دون الانتهاء من التحقيقات، مضيفاً أن تدخل الجمعية العمومية ورئيس الاستئناف هو تدخل إدارى إشرافى وليس فنياً وبالتالى لا يملك أن يتدخل فى التحقيق نفسه وإنما تدخله تنظيمى للمواعيد.
واعتبر المستشار أحمد الخطيب، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، كذلك أن التعديلات خطوة إيجابية نحو القضاء على بطء إجراءات تلك القضايا وتحقيق العدالة الناجزة، وقطع الطريق على محاولات المتهمين إطالة أمد القضايا أو إخفاء نتائج عن الرأى العام.