الشاهبندر| «جاكومي» خباز نمساوي بدأ بـ2 دولار وأصبح أشهر حلواني بالقاهرة
محلات جروبي بوسط القاهرة
تزامنا مع افتتاح الخديوي سعيد لقناة السويس، توافدت الجاليات الأجنبية على مصر، لتصبح القاهرة الخديوية مسرحًا للعديد من الأحداث، كما كانت أيضًا أرضًا خصبة للحالمين بالثراء، أحدهم الخواجة «جاكومي»، النمساوي الأصل، الذي بدأ حياته العملية في «مارسيليا»، الإيطالية ليتعرف فيها على رفيق رحلة كفاحه رجل الأعمال «جيانولا»، الذي نصحه بالسفر إلى مصر لتصبح نقطة التحول في حياتهما، ويتحول «جاك»، من خباز ريفي بسيط إلى أشهر صانع حلوى، فما حكايته؟
القاهرة تشهد بدايات الخباز النمساوي الذي أصبح أشهر صانع حلوى
في عام 1875، شهد حي الأزبكية، وتحديدا شارع «البواكي» بداية عمل الخواجة جاكومي في تصنيع الحلوى، لينتقل بعدها بعامين إلى الإسكندرية للعمل مجددا في إحدى فروع مصانع حلوى جيانولا.
رحلة المليون بمصنع جيانولا بالإسكندرية
بدعم مادي من زوجته السكندرية، استطاع «جاك» شراء أول «مصنع حلوى»، خاص به، وهو مصنع جيانولا الذي كان يعمل به كأجير، بعد الخسائر والتلفيات التي أصابت المصنع إثر تعرضه لطلقات المدافع الإنجليزية التي هاجمت شواطئ عروس البحر المتوسط عام 1882م.
العودة إلى الصفر.. قبل انطلاقته الكبرى والأخيرة
ولأنه لا يوجد رجل أعمال لا يتعرض للأزمات في رحلته، خاصة في بدايات الرحلة، سرعان ما تعرض «جاكومي» النمساوي للإفلاس نتيجة محاولته دخول مجال المقاولات، ليخسر نتيجة تلك المغامرة جميع أمواله ومدخراته حتى مصنع جيانولا لم يعد من أملاكه، بعد أن اضطر لبيعه وسداد ديونه.
رحلة العودة إلى أرض الأحلام وافتتاح محلات «جروبي» بالقاهرة
ولأن «رب ضارة نافعة»، اضطر الخواجة الذي دفعته ظروف الإفلاس لمغادرة الإسكندرية، إلى العودة مجددا للقاهرة، وتحديدا منطقة وسط البلد، ليبدأ مرة أخرى عام 1891م، بافتتاح أول محل باسم «جروبي» في الشارع الذي عُرف حينها بشارع «سليمان»، واشتهر فيما بعد بميدان «طلعت حرب»، لتصبح محلات جروبي علامة مميزة للميدان.
«جروبي».. ملتقى ثقافي وأدبي أرستقراطي
توالى افتتاح جروبي لسلسلة محلاته الشهيرة التي حملت طابعا مميزا، وتميزت المحلات التي لا تزال تحتفظ بشهرتها وعراقتها بمنطقة وسط القاهرة، بصناعة المثلجات، حيث استطاع الخواجة جاكومي وأبناؤه إدخال صناعة الآيس كريم في مصر، والتي لاقت إقبالا كبيرا وقتها من رواد وزبائن «جروبي»، الذين شكلوا وقتها صفوة المجتمع.
كما لا تزال سلسلة محلات جروبي تحتفظ بشهرتها وطابعها المميز، حيث كانت ملتقى للمثقفين من مفكرين وأدباء بجانب الجاليات الأجنبية وأكبر العائلات، وتميز روادها بانتمائهم إلى الطبقة الأرستقراطية.