أصل الصنعة| «علي» وهب حياته لتصليح المصاحف والأناجيل منذ 50 عاما
«علي» يعمل في تصليح المصاحف والأناجيل
«تصليح المصاحف» مهنة لم تعتادها الآذان، ولم تبصرها الأعين بين المهن المعروفة، لكنه يبرع فيها منذ نعومة أظافره، فيتلمس كتاب الله بقلبه، وأصابعه تهوى كنبضاته، إذا انفرطت صفحة منه، فما إن تقع يده على كتاب سماوي، إلا واشتاقت نفسه لجعله جليا بهيا.
أكثر من 50 عاما، قضاها علي دياب الجيزاوي، الرجل الستيني، في العمل على تجديد الكتب السماوية ما بين المصحف الشريف والإنجيل، داخل ورشته الصغيرة في المنطقة الأزهرية بمحافظة قنا، لتنجح أنامله الصغيرة، في تحويل أي كتاب قديم تناثرت أوراقه بعيدا عن إطاره، إلى حالته الأصلية بصورة جديدة.
تعلم المهنة في سن 12 عاما
في سن 12 عاما، بدأ «الجيزاوي» تعلم مهنة طباعة الكتب وإصلاح التالف منها، إذ كان يعمل صبيا في إحدى المطابع بمسقط رأسه، وتدريجيا أصبح متمكنا في تلك المهنة، التي عشقها منذ أن عمل بها: «أنا بحب الكتب، بستمتع لما بشوف كتاب مصحف أو كتاب إنجيل يتجدد، وببقي في قمة سعادتي، لأنه كتاب سماوي».
لا فرق لدي الرجل الستيني بين المصحف الشريف أو الإنجيل المقدس، فهو يعشق العمل في كليهما، ويسعى جاهدا لتحويل أوراق كل منهما لأفضل حال، فيجد متعة وسعادة في العمل فيهم عن أي كتاب آخر: «من ساعة ما فتحت الورشة بتاعتي في عام 1982، وأنا بفضل العمل في الكتب السماوية، ولو عندي شغل بأجله عشانهم وأخلصهم الأول».
المصحف الواحد يحتاج ليومين عمل
48 ساعة، هي المهلة التي يحتاجها «الجيزاوي» لتجديد أي مصحف، إذ يبدأ عمله بخطوات عديدة، لإتمام عملية تجديد المصاحف، تبدأ بفك الملزمات الموجودة بالمصحف، يليها ترتيب أوراقه بصورة صحيحة ودقيقة، عقب ذلك يعمل على خياطته يدويا بالخيوط البيضاء: «بعد كده بشد جلد الغلاف وبقص الزايد، وآخر خطوة هي أني أنتظر المادة اللاصقة لما تنشف».
جميع الأدوات الموجودة داخل ورشة الرجل الستيني، ويستخدمها في تجديد الكتب، تعود إلى بداية افتتاحه لورشته في فترة الثمانينيات، وما زال يستعملها حتى الوقت الحالي: «أحسن آلات في السوق، كلها من خامات أصلية، وبتستحمل الشغل، وأنا بحافظ عليها».
رغم أهمية التطور التكنولوجي، ومساعدته في تسهيل حياة الكثيرين، إلا أنه أثر بصورة سلبية على عمله في تجديد المصاحف والإنجيل، إذ قل إقبال الزبائن الراغبين في تجديد مصاحفهم وكتبهم المقدسة: «كله بطل يشتري مصاحف وكتب مقدسة، عشان البرامج اللي على الموبايل، بقوا يقرأوا منها، ومش محتاجين يشتروا».