أولا:يسود اعتقاد أن الدكتور علي جمعة هو أول من وصف الإخوان بالخوارج، والحقيقة أن الشيخ ليس كذلك، كل ما هنالك أنه أول من أطلق الكلمة في السنوات الأخيرة، وساعتها هاجمه بعض الأزهريين، ثم عادوا اليوم ليكرورا ما قاله، فكان كعادته أبصر منهم وأسبق في قراءة الواقع والأحداث.
ثانيا: هناك ارتباط بين دعوة الجبهة السلفية لعنف يوم الجمعة وبين ظهور الخوارج بمصر، ذلك أن أول ظهور للخوارج كان على يد سلفي في ١٧٥٩م يطالب بهدم المقامات، ورأي أن علماء الأزهر يفتون بخلاف الحق، وأن ما يفعله الناس كفر، وخرج أتباعه بالأسلحة في الشوارع عند جامع المؤيد، فهرب الناس من أمامهم، وكون هذا الوهابي عصبة من الناس وصفهم الجبرتي بالفتنة.( القصة كاملة في تاريخ الجبرتي ج١).
ثم توالى من ساعتها تحذير الأزهر الشريف من الخوارج، ففي ١٩٥٤ م صدر بيان من جماعة كبار العلماء جاء فيه: ابتلي المسلمون بمن يتخذون من الدين وسائل يجذبون بها ثقة الناس،، وقد شذ نفر من جماعة الإخوان المسلمين وانحرفوا عن الجادة، وتآمروا على قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وإعداد العدة لفتنة طائشة، باسم الدين لا يعلم مداها إلا الله( مجلة الأزهر ج٧، نوفمبر ١٩٥٤ ).
وفي ١٩٦٥ جاء رد من الأزهر الشريف وبيان عن انتشار أفكار القطبيين، جاء فيه: أفكارهم هي أفكارالخوارج، ووسيلتهم لشق الجماعة، بدعوى نشر الإسلام، ونزعة تخريبية، يسمونها طريق الإسلام، ويقترحون هدم المنظمات، وإيجاد مجتمع جديد، وهذه نزعة شخص متهوس، وفتنة جامحة، من إنسان يعرض نفسه على الدين وعلى المجتمع، واستباح باسم الدين إراقة الدماء، والفتك بالأبرياء، وتخريب العمران، وترويع المجتمع، وتصدع الأمن، وذلك هو معنى الثورة الحركية التي يرددونها.( النص كاملا موجود في مجلة الثقافة الإسلامية ٢٤ نوفمبر ١٩٦٥).
وفي ١٩٦٥ أيضا صدر بيان من الأزهر الشريف جاء فيه:إن جماعة الإخوان اصطنعت الأغوار، ونفخوا في الصغار بغرور القول، وأمدوهم بإمكانيات الفتك، وأدوات التدمير،وإن الإسلام الذي يتاجرون به صان الحرمات، وفي الحديث : "من حمل علينا السلاح فليس منا"، هذا في نفس واحدة، فما بالكم بترويع الآمنين، إياكم أن تنخدعوا بكلمة حق يراد بها باطل . ( نص البيان كاملا في مجلة الأزهر سبتمبر ١٩٦٥ ).
ويقول الشيخ محمد الغزالي واصفا الإخوان بالخوارج ومتحدثا عن دور مكتب الإرشاد في اللعب بعقول شباب الإخوان: لقد عز علي أن يلعب بالإسلام وأبنائه بهذه الطريقة السمجة، وأن تتجدد سياسية الخوارج مرة أخرى، حتى إن خطيبا من الإخوان يقول: إن الولاء للإخوان يكفر السيئات... لقد تغلغل هذا الضلال في نفوس الناشئة، وألبسوا الدين هذا الزي المنكر.( محمد الغزالي، من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، نهضة مصر، ط٤).
ويقول الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم عن المتشددين: لقد اختاروا المذهب الدموي من مبادئ الخوارج، وأطلقوا لألسنتهم العنان بأسلوب عدواني مدمر، لا يبقي من الإسلام ولا يذر، وبينهم وبين الإسلام بعد المشرقين.(كتاب السلفية المعاصرة، ط٣ ).
ومن ذلك نعلم أن الدكتور علي جمعة كان في السبق بوصفهم بالخوارج يسير على خطى من قبله من الأئمة الأعلام أعضاء جماعة كبار العلماء - رحمهم الله-، كما نعلم أن من بدأ برفع السلاح لتطبيق الإسلام في مصر هم السلفيون، كما حكي الجبرتي، وعادت الجبهة السلفية لتمضي على خطى الوهابية التي ذكرها الجبرتي.
كما أن كلمة ( الخوارج) أطلقها على جماعة الإخوان في الفترة الأخيرة كل من الدكتور نصر فريد واصل، والدكتور أحمد عمر أبو هاشم، ولحق بهم الأسبوع الماضي الدكتور أحمد الطيب، وغيرهم كثر، لكني نقلت فقط من كلام جماعة كبار العلماء.