حين يتحول الدين إلى «دجل» و«الإيمان» إلى اكتئاب.. يبقى الإلحاد «الحل»
الانتحار وسيلة للتحرر والانطلاق إلى فضاء أرحب، يتخذ أبطاله القرار بعدما كفوا فشلوا عن إيجاد وسيلة للاستمرار، خصوصاً مع إيمانهم الشديد بوجود خالق «حنون» يمكنهم الذهاب إليه مباشرة من أجل الحصول على الرفق والرحمة، لكن فى المقابل طور آخرون طرقهم الخاصة فى التحرر وإيجاد سبيل واضح للاستمرار والحياة عبر إنكار وجود إله من الأساس. إسماعيل محمد، واحد من هؤلاء، يرى أن الشعب المصرى خصوصاً والشعوب العربية عموماً هى مجتمعات متكاملة من الاكتئاب والحزن، وإن كان يبدو عليها العكس، تعانى من الكبت والحرمان والخوف وتعيش وفق مجموعة من المعتقدات والأفكار والمعلومات الخاطئة، نتيجة لما يصفه بـ«التربية الغلط» التى تجعلهم -بحسبه- يعتمدون على الدجل والجهل والأفكار الماورائية فى حياتهم، وهو ما ينتهى بهم فى النهاية إلى كل الأوضاع المزرية التى يعيشون بها. قرر «إسماعيل» التحرر عبر إنكار وجود إله، فهو بذلك يشعر أن الحياة أفضل وأكثر وضوحاً وقابلة للعيش: «بطلت اعتمد على الأفكار الغيبية، بلجأ لمتخصصين وأبحاثهم المنشورة فى جامعات عالمية، كل حاجة وليها سبب علمى وحل علمى، حتى اليأس والاكتئاب اللى كل الناس حاسة بيه، ولولاه مكناش هنشوف حالات الانتحار الكتير جداً، الحياة فى مصر مش سهلة لأن كل حاجة ماشية وفق أسس غلط وغيبيات لا بتقدم ولا بتأخر». يتذكر «إسماعيل» حين داهمته بعض الأزمات النفسية جراء تجربة عاطفية سابقة: «وقتها أخذت بالأسباب، مقعدتش أقول ربنا غضبان عليا، أو محسود، أو مش قريب كفاية من ربنا عشان كدا نفسيتى تعبانة، رحت لدكتور نفسى واتعالجت وخفيت وكملت حياتى عادى جداً من وقتها.. والحقيقة إن مفيش طبيب نفسى حقيقى مؤمن بوجود ربنا، دى حاجة ليها علاقة بالأنا العليا، والإيمان بأمور خرافية لكن محدش بيتكلم طبعاً عشان ما يتقالش عليهم كفار».
«ربنا زمان كان فكرة جميلة عشان مفيش تكنولوجيا والدنيا هادية ومفيش أحداث تخلى الواحد يفكر، لكن دلوقتى، التكنولوجيا والعصر السريع خلّونا نراجع نفسنا، ونشوف دول زى ألمانيا وأمريكا بنت نفسها بالعلم مش بكلام لا بيقدم ولا بيأخر.. ناس شغالة بالبرهان والمنطق والدليل واحنا زى ما احنا عشان واقعين تحت تأثير مخدر اسمه ربنا وبنخجل نتكلم، وأسهل حاجة نروح ننتحر».
كريم محمد، شاب آخر على أعتاب الإلحاد، ما زالت الأفكار عديدة برأسه، لكن الأكيد بالنسبة له أن الإلحاد ليس وليد يوم وليلة: «ناس كتير بتراجع نفسها من فترات سابقة 2005 وقبلها وبعدها، الأوضاع ساعدت على ظهورهم»، يعترف الشاب العشرينى أن الأوضاع الصعبة التى يمر بها المجتمع حالياً وصلت بالكثيرين إلى نكران وجود الإله من الأساس: «محسوش إنه معاهم فى لحظات ضعفهم واحتياجهم، فكفروا بوجوده، لكن ده مش حال كل الملحدين، بعضهم بيفكر كتير وقراره ملهوش دعوة بالضغوط». يؤمن «كريم» أن الإلحاد قرار فكرى، بينما الانتحار قرار نفسى بالأساس: «الأفكار معادتش زى من عشرين سنة، الإلحاد مش مرض، وكمان الانتحار، دى قرارات».