بروفايل| فاروق نجيب.. المسيحي المحب للإسلام يرحل
"أنا مسيحي الديانة، مسلم العقيدة"، ربما تكون وسطيته هي السبب الرئيسي في وصوله لقلب كل من شاهده في أدوارٍ لم تصل لمستوى البطولة، لم تنحصر قدراته التمثيلية في رسم البسمة على الشفاه بل أبكى الكثيرين، كان "سيد بلوتو" أحد من أبكوا الجماهير لحزنه على فراق ماما نونا في مسلسل "يتربى في عزو"، وهو من كان وحيدًا في آخر أيامه يشتكي تجاهل زملائه الفنانين له بصحبة فراش المرض.
"فاروق نجيب ميخائيل"، من مواليد حي شبرا بمحافظة القاهرة عام 1940، لم تمنعه ديانته من التعلم في الكتَّاب وحفظ العديد من سور القرآن الكريم، تخرَّج من كلية الآداب جامعة عين شمس، إلا أنه آثر، عقب انتهاء فترة تجنيده، أن يبدأ أولى خطوات حلمه بأن يكون أحد نجوم الكوميديا في بلاده، فتعرَّف بالشاعر نجيب سرور الذي تحمَّس لموهبته، فكانت مسرحية "وابور الطحين"، هي شهادة ميلاد نجم كوميدي قرر أن يأخذ مكانه وسط نجومٍ كبار أبرزهم: "محمد نجم" الذي شاركه نجيب بطولة مسرحية "الخوافين" في منتصف الثمانينيات.
انتماء الفنان الراحل فاروق نجيب لحي شبرا المشهور بشهامة الرجال وأصالة أبناء البلد جعله يتسلل لقلوب جمهور الشاشة الصغيرة من أقصر أبوابها، حيث كان صديقًا مخلصًا لعميد الأدب العربي طه حسين في مسلسل "الأيام"، وكان الخال الحنون للزعيم في مسلسل "ناصر"، إلى جانب أدائه لأدوار الكوميديا ببراعة في مسلسلات "السيرة الهلالية، أنت اللي قتلت الوحش، حب في التخشيبة، جحا باع حماره"، ولم يعجز عن تمثيل أدوار الحاوي في بعض المسلسلات التاريخية مثل الفرسان وطارق بن زياد، وشارك في عدد قليل من الأفلام السينيمائية أبرزها "السكاكيني، الرصيف، سفاح النساء".
يقولون إن الفنان هو نبض المجتمع، يتوافق ذلك مع موقف للفنان الراحل الذي أصر رغم مرضه على حضور حفل لتكريم عدد من حفظة القرآن قبل أشهر قليلة من وفاته، وحوت كلمته نبرة حزينة على ما وصل إليه حال البلاد أثناء حكم جماعة الإخوان المسلمين الذي لم تشهد مصر عهدًا مثله، "إحنا شعب طيب، إيه اللي بيحصلنا ده".
رحلته مع المرض بدأت بإصابته بفشل كلوي أبقاه شهورًا في مستشفى الصفا بشبرا، تحسَّنت حالته ليغادر المستشفى أيامًا قليلة يودع فيها أحباءه الذين وصلتهم شكواه من تجاهلهم، قبل أن ينتقل لمستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر ويلفظ فيها أنفاسه الأخيرة ظهر الثلاثاء 21 يناير 2014، عن عمر ناهز 73 عامًا، إلى أن بسمة واحدة تركها بجملة قالها في أحد أدواره كافية لتجعله غائبًا حاضرًا بفنه.