في الذكرى الخمسين لأزمة خليج الخنازير.. «كريستيان ساينس مونيتور»: تراجع نفوذ الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية
«النفوذ الأمريكي في قارة أمريكا اللاتينية انحسر بدرجة كبيرة نتيجة انخفاض اعتماد دول القارة على الولايات المتحدة، وجذب استثمارات من الاقتصادات الناشئة مثل الصين وروسيا، ما أضعف جهود واشنطن لعزل أنظمة مثل كوبا، وجعل مهمتها أصعب مما كانت عليه قبل خمسين عاما خلال أزمة الصواريخ المعروفة بأزمة خليج الخنازير». هذا ما توصلت إليه صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في ملف خاص أصدرته بمناسبة الذكرى الخمسين للأزمة.
وأضافت الصحيفة أن الأسبوع الحالي يوافق لحظة من التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، يعتبرها كثيرون أخطر توتر سياسي واجهته البشرية، حيث كان ينذر بمواجهة نووية بين واشنطن وموسكو، نتيجة نصب صواريخ نووية سوفيتية في كوبا.
ونقلت الصحيفة عن فيليب برينر، المؤرخ المتخصص في أزمة الصواريخ بالجامعة الأمريكية، قوله إن «واشنطن تجد نفسها حاليا في نفس الظروف التي هيأت المسرح لذلك الصراع، بينما يشهد النفوذ الأمريكي انحسارا بالمنطقة، وتقوم دول أمريكا الجنوبية بشق طريقها الخاص».
وقال برينر إن سعي أمريكا للإطاحة بزعيم كوبا، فيدل كاسترو، في الستينات لم يستهدف فقط احتواء الشيوعية، بل أيضا منع دول أمريكا اللاتينية من تقليد كوبا، خاصة موقفها الجيوسياسي في الحرب الباردة، ومن ثم تهديد الدور القيادي لواشنطن في نصف الكرة الغربي.
وأوضح أن واشنطن غير قادرة حاليا على الهيمنة على نصف الكرة الغربي، ولم تعد دول أمريكا الجنوبية تتطلع إلى قيادتها، بل تنظر إلى دول داخل إقليمها وما زالت ترى في كوبا دولة قائدة.
وقال التقرير إن تفجيرات 11 سبتمبر حولت اهتمام واشنطن بعيدا عن أمريكا اللاتينية للتركيز على «الإرهاب» والتهديدات القادمة من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن الديموقراطية في دول أمريكا اللاتينية انتعشت خلال العقد الماضي وتغير الاقتصاد العالمي، وأصبحت دول أمريكا اللاتينية لا تبحث عن الاستثمار والقيادة في الولايات المتحدة فقط، بل في الهند والصين وروسيا، حيث تجاوزت الصين أمريكا وأصبحت أكبر شريك تجاري للبرازيل عام 2009.
وأشارت الصحيفة إلى أن طبيعة معظم هذه العلاقات اقتصادية، وأنه إذا كانت روسيا تنظر في الماضي إلى كوبا كمروج لمشروعها السياسي قرب الحدود الأمريكية، فإنها تقوم اليوم بالتوقيع على صفقات الغاز والأسلحة بأمريكا الجنوبية لأنها وجدت شركاء ومشترين راغبين.
وقالت إن ازدهار الاستثمار في دول مثل فنزويلا وبوليفيا ساعد على تهديد الهيمنة الأمريكية بالمنطقة، وهو أمر يرحب به كثير من القادة وعلى رأسهم الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، الذي حصل توا على ست سنوات أخرى من الرئاسة، وحلفاؤه إيفو موراليز في بوليفيا ودانييل أورتيجا في نيكاراجوا.