أطباء نفسيون: ليس كل غريب مضحكاً هناك ضحك كالبكاء
قال الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة: «للأسف الشديد هناك حالة تفكك فى المجتمع وتناقضات لا نهائية، سياسية واجتماعية وثقافية، فضلاً عن العشوائية والتخبط فى القرارات، وكم الإحباط والتوتر والحزن الذى أصبح يلازم المواطن المصرى فى السنوات الأخيرة، مع هذا كله لا يمكننا أن نتعجب ونضحك من الأخبار التى تحدث مع كل يوم جديد، فهى مبكية جداً». «عبدالمحسن» ربط بين الأخبار الغريبة المتواترة على مدار العام، والحالة المسيطرة على المواطنين والمسئولين معاً، التى وصفها بـ«عدم وضوح الرؤية»، قائلاً: «من الطبيعى جداً أن نرى هذا الكم من التفكك والانفلات، سواء كان أمنياً أو أخلاقياً نفسياً، وأن تظهر الغرائب والعجائب، فالطفيليات تنمو حين تكون الزراعة غير ناضجة وحين تكون هناك عشوائية فى فلاحة الأرض، ما نراه هو طفيليات فكرية واجتماعية وثقافية تنمو فى وسط غابة من عشوائية التفكير والسلوك واتخاذ القرار».
السخرية اللاذعة التى يستقبل بها المصريون الأخبار اليومية، ليست رد فعل طيباً ومطمئناً، بحسب «عبدالمحسن»، يقول: «المسألة تبدأ بالسخرية ثم تتحول إلى حالة دائمة من عدم الثقة والتصديق لأى خبر جديد، ثم يتطور الأمر لحالة من عدم الالتزام، وعدم الجدية، والإهمال والتسيب فى أداء الواجب، باعتبارنا فى بلد العجائب، والنتيجة النهائية تأخر واضح فى النمو والتقدم، والرجوع خطوات عديدة إلى الخلف».
فى سياق متصل، يتساءل الدكتور محمود أبوالعزائم، استشارى الطب النفسى: «لماذا يتعجب المسئولون من حالة البلبلة واللامبالاة وعدم الالتزام السائد فى المجتمع؟ فانعدام المنطقية فى أغلب الأنباء الواردة للمواطن المصرى، يفقده الثقة فى المسئولين ويشيع حالة من اللامبالاة فى المجتمع، الأمر الذى يترتب عليه انعدام المصداقية والتواصل بينه وبين القائمين على أمر البلاد، وعلى السلطة الحاكمة ضبط أداء وسائل الإعلام المختلفة.
«مثل هذه الأنباء والموضوعات غير المنطقية تبرز حالات المرض النفسى المستترة وتجعلها عرضة للزيادة المطردة»، تتحدث دكتورة هناء أبوشهبة، أستاذة علم النفس بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر، وأضافت أن المتلقى يكون فى هذه الحالة أحد نوعين: الأول هو الإنسان الطبيعى الذى يمتلك من التحمل وقوة الإيمان ما يجعله يتحمل سماع هذه الأخبار ويتعامل معها بطريقة طبيعية فيدقق فى مصدرها وحقيقتها، ويخضعها للعقل والمنطق، ويقبلها أو يرفضها، أما الثانى فهو الإنسان المريض نفسياً، أو المهيأ للأمراض النفسية، كالتوتر والاكتئاب: «بلا شك ستنتابه أعراض القلق والحزن والاكتئاب، وييأس من الدنيا ويتطور الأمر لاحقاً إلى التخلص من ذاته بالانتحار أو بالبحث عن وسيلة للسفر خارج البلاد، سواء شرعية أو غير شرعية».