الشاعر فوزي إبراهيم يكتب: «السر الإلهي» في تجربتي مع «منير»
الشاعر فوزى إبراهيم
عشقته مغنياً منذ بدأ فى نهاية السبعينات حين تشكلت عندى بدايات الوعى، وعرفته إنساناً حين بدأت صحفياً بمجلة «الكواكب» فى نهاية الثمانينات، وتعاونت معه شاعراً سنة 2000 حين كتبت له أغنية «طلب السماح» من ألبوم «فى عشق البنات» وامتدت صداقتنا لأكثر من ربع قرن.
كنت فى الصبا مأخوذاً بذاك الحزن النبيل فى صوته وأغانيه وصور ألبوماته «علمونى عينيكى، بنتولد، شبابيك، اتكلمى، برىء»، إلا أننى حين اقتربت منه أدهشتنى دائماً تلك الابتسامة الرائقة فى عينيه وحضنها الودود، كل هالات بريقه وإشعاعات نجمه لم تستطِع يوماً أن تخفى فيه ذاك الإنسان خفيف الروح رائع التواضع، شديد الحياء، شهى الكبرياء، عظيم الانتماء لوطنه وعائلته وهويته ورسالته، يحب أن يبقى دوره فى الغناء محرضاً على الجمال وعلى الصدق وعلى العشق وعلى العمق وعلى البهجة، فهو ذاك الطفل المبهج، والحكيم المبدع، والمغنى المعجون بالنغم، المسكون بقديمه، والمفتون بجديده، والمجنون بالمزج بين هذا وذاك فى أغانٍ تنهل من موسيقى بيئته وكل بيئات الشعوب ما بين جديد متجدد وقديم متجذر وفن لم يسبقه إليه أحد.
وكان طريفاً أن يتحقق حلم التعاون مع «الكينج» الذى انتظرته طوال سنوات قضيتها أتابع ألبومات التسعينات «أسامينا - 1991، الطول واللون والحرية - 1992، افتح قلبك - 1994، ممكن - 1995، من أول لمسة - 1996، الفرحة - 1999» بصدفة لم أكن أتخيلها، حيث كان «منير» فى المراحل النهائية من تجهيز أحد أقوى وأنجح ألبوماته «فى عشق البنات»، مع المنتج الخبير نصر محروس، الذى لاحظ بعدما انتهى «منير» من تسجيل أغانى الألبوم أن أغنية «فى عشق البنات رغم قوتها» يصعب فتح الألبوم بها لخصوصية مفرداتها، وكان لا بد من أغنية تمهد لها، تمتلك مقومات «الهيت» بكلمات مبهجة بسيطة، وموضوع يحتضن العامة، ويمس جمهور «منير» أيضاً، مع لحن مبتكر وإيقاعات سريعة راقصة فى «بونبناية» لا تزيد على 3 دقائق، وأثناء رحلة البحث التى لم أكن أعرف عنها شيئاً كنت أنا قد تلقيت من الملحن صلاح الشرنوبى «تيمة موسيقية»، لأضع لها كلمات، وكانت هذه التيمة هى المذهب الذى أصبح بعد ذلك:
«طلب السماح حبيبى.. قلت سماح حبيبى.. ورجعلى نادم ع اللى كان.. راح اللى راح حبيبى.. وفِ قلبى ارتاح حبيبى.. وداويته من جرح الزمان».
وإذا بالأقدار تجمع بين صلاح الشرنوبى والمنتج نصر محروس والكينج محمد منير ليلتقطا منه هذا المذهب، وإذا بثلاثتهم يتصلون بى ليخبرونى أن «منير» سيغنى هذه الأغنية وسط دهشة منِّى ممزوجة بفرحة، وأرسل لى صلاح الشرنوبى باقى موسيقى اللحن «الميلودى» لأكمل باقى كلمات الأغنية بمفردات وحروف يعشقها الجمهور من محمد منير، وكانت أغنية «طلب السماح» التى بدأ بها ألبوم «فى عشق البنات».
وإذا كانت الإرادة الإلهية قد دبَّرت هذه الصدفة الجميلة لأدخل «كتالوج» محمد منير الذى زاد على 25 «ألبوم»، بأغنية لم تكن فى البداية مكتوبة له، فإننا نجهز حالياً لأغنية فى حب مصر كتبت خصيصاً ليغنيها «الكينج» من ألحان محمد رحيم تقول:
«عشقى انتى.. نبضى انتى.. وانتى هدفى واتجاهى.. وان خرجتى منِّى انتى.. يخرج السر الإلهى».