"BBC": تعرض آلية تحول "داعش" من كيان إرهابي لدولة معترف بها
نشرت موقع "بي بي سي"، تقرير بشأن كيف تتمكن "داعش"، أن تتحول من كيان إرهابي إلى دولة معترف بها.
وأوضحت، في تقرير نشرته، اليوم، أن القوات البرية والجوية للتحالف الدولي تتصدر المعركة الدائرة مع التنظيم في العراق وسوريا، تتناول معركة آخرى تدور في الكواليس أحد أهم الأسئلة التي تشغل بال الحياة الدولية، وهو: ما هي الدولة تحديدًا؟
وأشارت، أن كل السياسيين والخبراء والمعلقين، يتفقون على شيء واحد، وهو أن "داعش" ليست دولة بالمفهوم المتعارف عليه، بل أنها تنظيم إرهابي ليس إلا، قائلة:"مسلحو التنظيم صوروا أنفسهم وهم يقطعون رؤوس أسراهم، كما نهبوا المدن والقرى التي استولوا عليها وقتلوا أو هددوا بقتل كل من يخالف نظرتهم المتشددة للإسلام.
وأكدت، أن "داعش" لا يمكنها الحصول على عضوية منظمة الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية آخرى، نظرًا لسرقتهم للأراضي من سوريا والعراق.
وبذلك تستطيع الولايات المتحدة قصف مسلحي التنظيم، دون أن تنتهك بذلك أي من المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وخاصة ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، والذي ذكر أن "على كل الدول الأعضاء الامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة او استخدامها ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لأي دولة أخرى."
ولكن مع ذلك هناك مشكلة في الأسلوب، الذي يتم به التعامل مع "داعش"، فمن الصعب إلقاء القنابل على أرض ما دون أن يتهم أحد بانتهاك "سيادته الإقليمية واستقلاله السياسي".
وأوضح التقرير، كيف يصبح كيان ما دولة:
(1) بحصوله على عضوية الأمم المتحدة، ويعتبر هذا الهدف الأسمى للكيانات الطامحة بأن تصبح دولًا، ويتطلب الحصول على موافقة مجلس الأمن ومن ثم على أصوات ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للمنظمة الدولية.
(2) من خلال الاعتراف الدولي، موضحًا أنه حال إخفاق كيان ما في الحصول على عضوية الأمم المتحدة، بإمكانه السعي نحو الحصول على اعتراف أكبر عدد ممكن من الدول بما يمكنه من التصرف كدولة بالأمر الواقع.
(3) ببناء علاقات تجارية مع العالم الخارجي، مشيرًا إلى أنه حال وجد كيان ما أصدقاء على المستوى الدولي، يستطيع أن يبرم عقودًا تجارية. اما الإعتراف السياسي، فيأتي بعد ذلك إذا كان له ضرورة.
ففي العراق على سبيل المثال، طلبت الحكومة العراقية الحالية رسميًا من الولايات المتحدة وغيرها مساعدتها في قتال (داعش)، مما يكسب الحملة الجوية التي تستهدف التنظيم في العراق صفة شرعية قانونيا وسياسيا.
ولكن الأمر يختلف جذريًا فيما يخص سوريا، فالرئيس بشار الأسد ما يزال رئيسًا للجمهورية العربية السورية، وسوريا ما تزال دولة ذات سيادة، لم يطلب الرئيس الأسد من أحد مساعدة بلاده، ولم يوافق على الضربات الجوية الخارجية على أهداف داخل سوريا.
ولكن، ورغم ذلك، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخرًا: "لقد أخبرنا النظام السوري بأنه من مصلحته الامتناع عن التصدي لقواتنا أثناء قيامها بمهماتها ضد داعش في الأجواء السورية. عدا ذلك، ليس هناك احتمال بأن ندخل في تحالف مع الأسد، فهو لا يتمتع بمصداقية في سوريا."
مما لا شك فيه أن سوريا تتمتع بكل مقومات الدولة، ولكن الولايات المتحدة وحليفاتها لا تعتقد أن الحكومة السورية تتمتع بشرعية، وعلى ما يبدو أن هذا كاف لانتهاك أبسط حقوق سوريا السيادية،.
الجدير بالذكر أن الدول الأوروبية الغربية -بما فيها بريطانيا- لم تشارك في قصف أهداف سورية بالرغم من انضمامها إلى التحالف المناوئ "للدولة الإسلامية."
ويمكن الخروج من ذلك التقرير، بوجود ثلاثة مفاهيم مختلفة للدولة:
سوريا: دولة عضو في الأمم المتحدة ذات حدود معترف بها وسيطرة جزئية على أرضها وحكومة لا تروق للغرب، ولذا يبدو أنها تفتقر إلى الحق في الدفاع عن أرضها.
العراق: دولة عضو في الأمم المتحدة ذات حدود معترف بها وحكومة تروق للغرب، ولذا يستطيع العراق الحصول على دعم دولي للدفاع عن أراضيها.
"داعش": أعلنت الخلافة من جانب واحد، وليست عضوًا في الأمم المتحدة وليس لها حدود معترف بها، لها سيطرة جزئية على بعض الأراضي ولكن حكومتها لا تحظى بإعتراف دولي وليس لها الحق في الدفاع عن أرضها.
وفيما لا تؤيد أي دولة إدعاءات "الدولة الاسلامية" بالسيادة، تؤكد لنا هذه الادعاءات أن لا وجود لتعريف متفق عليه للدولة. فإذا وجهنا السؤال "ما هي الدولة؟" إلى سياسي ومحام وعالم اجتماع واقتصادي، سنحصل على أربع إجابات مختلفة.
ولفتت "بي بي سي"، أن المعركة العسكرية مع "داعش" معركة خطرة ومخيفة بالنسبة للمتأثرين بها مباشرة، مقارنة بهذا المعركة، يعتبر صراع الأفكار حول مقومات الدولة متحضرا، ولكن ذلك الصراع قضى على أسطورة وجود فكرة موحدة لمفهوم الدولة، اما تأثيرات ذلك، فستستمر لأجيال عديدة.