أطباء: علاج المصابين بالشمع النادر صعب وناتج عن خلل وراثي.. وأبرز أسبابه زواج الأقارب
مرض «الشمع» يصيب الأطفال نتيجة خلل في الجينات
استقبل مستشفى المحلة العام أول حالة مصابة بمرض «طفل الشمع» النادر، وتعتبر هذه الحالة هى الأولى من نوعها فى محافظة الغربية، والذى وصفه الأطباء بأنه يصيب الأطفال نتيجة خلل فى الجينات، ومن ثم خلل فى الجلد منذ الولادة، ليس بالضرورة أن يكون وراثياً ولكنه من الأمراض المناعية، ويعمل على إحداث تهالك بالجلد واضطراب بالجهازين التنفسى والهضمى، وسببه زواج الأقارب ولا يُشخص خلال الحمل.
من جانبها، عرّفت الدكتورة هدير عبدالخالق، رئيس قسم الأطفال بكلية الطب بجامعة الفيوم، المرض بأنه «هو مرض نادر، لكن ليست هذه أول مرة له، والاسم العلمى له هو (collodion baby)، وليس طفلاً شمعياً»، موضحة أنها عبارة عن قشور تظهر على جسم الطفل: «رأيته 4 مرات فى فترة عملى حتى الآن».
بدايات المرض تحدث نتيجة لخلل جينى، ويصعب على طبيب الأطفال رؤيتها أثناء فترة الحمل كاملة، لكن بمجرد خروج الطفل من رحم أمه، فبحسب ما شرحته «هدير» لـ«الوطن»، يولد الطفل وحوله غشاء ويبدأ الجلد «يقشر» مثل «قشر السمك»، واصفة هذه النوعية من الجلد بـ«السيئة»، لأنها لا تمكن العين من الغلق بصورة طبيعية وتجعل الشفاه تظهر بشكل مقلوب.
وللمرض آثار سلبية، حددتها رئيسة قسم الأطفال بكلية الطب، فعلى سبيل المثال، تؤثر على سمع الطفل، وتُفسح المجال لدخول التهابات وميكروبات للجسم بهذه القشور، وعادة لا يعيش الطفل المصاب به لفترة طويلة، كما أن خطورته لكونه يستقر على جلد الطفل وهو جهاز مناعى مهم للإنسان: «فالتشققات والقشور هى مجال لدخول الالتهابات»، فضلاً عن كون الجلد وسيلة مهمة لأن يفقد الإنسان الحرارة عن طريقه، فهو يحافظ على توازن درجة حرارة الجسم.
قدمت أيضاً رئيسة قسم الأطفال تفسيراً علمياً للمرض وخطورته، وهو أن هؤلاء الأطفال المصابين بهذا المرض، عادة ما يكون لديهم مشكلة فى الغدد العرقية: «مش بيعرقوا كويس لأن درجة الحرارة مش بتقل وقد ترتفع لدرجة كبيرة لأن الجسم لا يفقدها فبالتالى هذه القشور تعتبر مجالاً لدخول التهابات»، وقد يفقد الطفل المصاب بصره نتيجة لعدم غلق وفتح العين بشكلها الطبيعى، والالتهابات التى تصاب بها القرنية.
وأجابت «هدير» عن التساؤل الخاص بعلاج هذا المرض، قائلة: «لا يوجد علاج لهذا المرض لأنه خلل جينى، فقط يمكن استخدام المرطبات له»، مؤكدة أن حالات الإصابة به قليلة لكنها ليست معدومة، واكتشاف هذه الحالات يكون ليس من أطباء الأطفال فى الغالب بل المسئولين عن الحضانات لأنه يصعب اكتشافها وقت الحمل، وقد يؤدى المرض للوفاة نتيجة التلوث الدموى الذى يصيب الطفل، محددة الفترة المحتمل فيها وفاة الطفل المصاب بهذه القشور، فى أول شهرين أو ثلاثة شهور من الرضاعة، مؤكدة أنه مرض جينى يظل كما هو بعد سنوات، فقدرة الجلد على تغيير نفسه تكون بسرعة وبصورة عنيفة، متابعة أنه قد يستمر شكل الجلد بهذه القشور ويعيش الطفل حتى سن سبع سنوات: «شُفت أطفال مصابين بيه من الولادة وسنهم حالياً سبع سنوات والجسم مُشقق لكن ليس بعنف».
ورسمت رئيسة قسم الأطفال بكلية الطب خريطة التعامل مع المرض، وهى استخدام المرطبات والحفاظ على الجسم من التعرض لأى ملوثات أو ميكروبات، لافتة إلى أن شكل المرض قد يختلف من طفل لآخر وذلك يعود لطبيعة الخلل الجينى: «مش كل الأطفال المصابين بذلك عيونهم مقلوبة وشفايفهم، وفى المجمل يُصاب نحو طفل من كل 100 ألف طفل بهذا المرض».
وحددت «هدير» طرقاً معينة للتغذية للتعامل مع المرض، تمثلت فى الاهتمام بڤيتامين «أ»، لأنه يحسن نوعية الجلد وڤيتامين «سى» لأنه يحسن التئام الجروح، فهذه الڤيتامينات تجعل الجلد لديه القدرة على المقاومة، مؤكدة أن أسلوب علاجه المُتبع فى مصر مُتبع فى مختلف دول العالم لأن المراجع العلمية تؤكد أن علاجه الوحيد هو استخدام المرطبات.
السعيد: يغطي الجسم كله ما عدا الأظافر ويعالج بالمرطبات.. وبعض الأطفال تظهر على جلودهم طبقة «شمع» ليس لها علاج
من جانبه، قدم الدكتور السعيد عبدالهادى، أستاذ الطب بجامعة المنصورة، تفاصيل مهمة عن المرض الذى وصفه بالشمعى، وهو نادر جداً ويحدث نتيجة عوامل وراثية، أبرزها أنه يغطى جسم الطفل بالكامل ما عدا أظافر اليد وأصابع القدمين، مؤكداً أنه غير مميت، وتتم معالجته باستخدام المرطبات والكريمات.
وأشار «السعيد» إلى أن جلد الطفل يمر بمراحل نمو عديدة، فبعد مرور 12 أسبوعاً للطفل فى بطن أمه يكون الجلد لونه أحمر، وبعد 20 أسبوعاً يظهر عليه تغير طفيف، وعند 28 أسبوعاً يبدأ الجلد يظهر فى شكله الطبيعى، ويستمر حتى 40 أسبوعاً، لكن بعض الأطفال يظهر على جلدهم طبقة جديدة وهى الشمع، وليس لها علاج، لأنه ناتج عن عوامل وراثية.
«جميل»: أنصح بوضع الطفل في الحضانة.. واستخدام محاليل ومرطبات للجلد لمنع الجفاف لأنه لا يستطيع الرضاعة
وفسر الدكتور محمد جميل جاد الله، استشارى ومدرس طب الأطفال وحديثى الولادة، ظهور المرض على الطفل بعد الولادة مباشرةً، بأنه وراثى وناتج لمشكلات معينة فى تصنيع مادة الجلد، واصفاً المرض بأنه نادر وليس مشهوراً: «بتكون فيه طبقة سميكة من الكيراتين فى الجلد يفقد الطفل نتيجتها الحرارة ويحصل الجفاف، فضلاً عن مشكلات فى الرضاعة أو الأكل لأن شفاه الطفل مقلوبة».
وأوضح «جميل» طريقة التعامل مع المرض، قائلاً: «يتم احتجاز الطفل لمدة أسابيع وقد تصل لشهور فى الحضانة ويحصل على رعاية معينة حتى يتحسن، فضلاً عن استخدام محاليل ومرطبات للجلد لمنع الجفاف، خاصة أن الطفل فى هذه الحالة لا يستطيع الرضاعة»، منوهاً بأن الحالة الوحيدة لوفاة الطفل نتيجة الإصابة بالمرض هى عدم وجود رعاية مناسبة للطفل، فالرعاية الصحية الجيدة تقلل بشدة فرصة الوفاة، لافتاً إلى أن درجة الإصابة به متساوية عند الذكور والإناث، ويتم اكتشافه عند الولادة، مشدداً على ضرورة مكوث الطفل المصاب بالمرض فى الحضانة وليس المنزل، حتى يحصل على رعاية جيدة.